الإبادة الجماعية الأرمنية، تسمى أيضا المحرقة الأرمنية ويطلق عليها الأرمن تسمية “Metz Yeghern” والتي تعني الجريمة العظمى. يقصد بالإبادة الأرمنية عمليات القتل والتدمير المنظم التي مارستها السلطات العثمانية بحق السكان الأرمن في الإمبراطورية أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، حيث تعرض الأرمن خلال تلك العمليات إلى مختلف أنواع التعذيب من ترحيل قسري وتجويع وبطش مع نوع من التعليمات التي كانت تهدف إلى القضاء عليهم خلال الترحيل والتي كانت وجهتها النهائية في الصحراء السورية حيث ينتظرهم الموت جوعا وعطشا.
بلغ عدد الضحايا الأرمن أثناء عمليات الإبادة تلك 1.5 أرمني وفقا للجانب الأرمني والعديد من السفراء والقناصل المعتمدين آنذاك لدى الامبراطورية العثمانية إلا أن الأرمن لم يكونوا وحدهم في مواجهة الموت حيث مجموعات عرقية أخرى أيضا كانت هدفا للتنظيمات التركية التي خصصت لهذه الغاية، فلم يسلم الآشوريين واليونانيين وبعض القوميات الأخرى من البطش والتعذيب والقتل، حيث يذهب البعض إلى أن تلك الإبادة لم يكن هدفها القضاء على العنصر الأرمني وحسب بل أيضا القضاء على الوجود المسيحي بشكل عام في الإمبراطوية العثمانية. إلا أن هذه الرواية لا تلقى التأييد الدولي حيث يعتقد الكثير من المؤرخين الدوليين أن ما تعرض له أبناء المجتمعات المسيحية الأخرى وإن كانت لاتقل فظاعة عن ما تعرض له الأرمن إلا أنها لا ترتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية المنظمة كما هو الحال بالنسبة للعنصر الأرمني.
تتمة المعلومات
تعتبر الإبادة الجماعية الأرمنية من أولى الإبادات في العصر الحديث بالأخذ بعين الاعتبار الاسلوب المنظم لتلك الإبادة حيث كانت تهدف إلى إزالة الاسم الأرمني من الوجود فيعتبرها العلماء في مجال الإبادات الجماعية ثاني أكبر إبادة وأكثرها تناولا ودراسة بعد الهولوكوست. وقد تم ابتكار مصطلح إبادة (Genocide) خصيصا لوصف ما تعرض له الشعب الأرمني ولا أدل على فظاعة ما أرتكب بحق الأرمن من المقولة الشهيرة لوزير الداخلية طلعت باشا:
“سوف يتم إفناء وإبادة جميع الأرمن القاطنين في تركيا دون الأخذ بعين الاعتبار لا النساء ولا الأطفال ولا العاجزين. سوف يتم وضع حد نهائي لوجودهم ولا يهم مدى فظاعة الوسائل التي ستستخدم لهذه الغاية ولا يجوز أبدا أن تتحرك مشاعر الشفقة تجاههم”.
يحيي الأرمن ذكرى هذه الإبادة كل عام في يوم الـ 24 من أبريل/نيسان، ففي مثل هذا اليوم سنة 1915 كانت البداية حيث قامت السلطات العثمانية باعتقال أكثر من 250 من المفكرين والمسؤولين الأرمن في العاصمة القسطنطينية وقامت بابعادهم والقضاء عليهم جميعا. بعد ذلك أجتث الجيش العثماني الأرمن من بيوتهم وأجبروهم على السير مئات الأميال بعد أن حرمتهم من الطعام والماء ليصلوا إلى الصحراء السورية بعد أن كان قد مات معظمهم أثناء الترحيل ليلحق بهم الباقون إما قتلا أو موتا من العطش على رمال دير الزور ومن اع النجاة استقر في أماكن أخرى ليشكلوا فيما بعد ما بات يعرف بالشتات أو المهجر الأرمني.
الجمهورية التركية الحديثة، الوريثة الشرعية للإمبراطورية العثمانية، ترفض رفضا قاطعا توصيف تلك الأحداث “بالإبادة” رغم أنها تتعرض – خاصة في السنوات الأخيرة – إلى ضغوطات دولية عديدة للاعتراف بحقيقة تلك الأحداث.
قامت أكثر من 20 دولة غربية حتى الآن و43 ولاية أمريكية بالاعتراف رسميا بالإبادة الأرمنية، إضافة إلى العديد من كبار المؤرخين والمنظمات الدولية وكبرى وسائل الإعلام العالمية.
آخر المنشورات
جميع منشورات الموقع حول موضوع هذه الصفحة على هذا الرابط.