يقصد بالمئوية الأولى للإبادة الجماعية الأرمنية الفعاليات التي ستقام في أرمينيا والعالم بأسرة بمناسبة مرور 100 عام على بدء عمليات التطهير العرقي بحق الأرمن مطلع القرن الماضي وتحديدا يوم الـ 24 من أبريل/نيسان حيث تم اعتقال المئات من أعيان الأرمن في القسطنطينية ومن ثم قتلهم والتي بها بدأت واحدة من أكثر صفحات التاريخ سوادا في تاريخ البشرية.
في الـ 23 من أبريل/نيسان من العام 2011، تم تشكيل لجنة لتنسيق الفعاليات الخاصة بالذكرى المئوية الأولى للإبادة الجماعية الأرمنية وذلك بمرسوم رئاسي صادر عن رئيس جمهورية أرمينيا سيرج ساركيسيان. تم تعين مدير متحف الإبادة الجماعية الأرمنية السيد هايك ديمويان رئيسا لهذه اللجنة التي بدأت عقد اجتماعاتها بين الحين والآخر والتباحث في آخر الإجراءات والفعاليات والإقتراحات الخاصة بمئوية الإبادة الجماعية. اللقاء الأول لأعضاء هذه اللجنة تمت في 30 مايو/أيار من العام 2011، والتي حضرها أيضا الرئيس ساركيسيان.
السيد شافارش كوتشاريان، نائب وزير الخارجية الأرمني، كان قد صرح في يونيو/حزيران من العام 2012 أن “الجهود التي تبذلها أرمينيا فيما يخص مئوية الإبادة الجماعية الأرمنية ليست ذات أهمية من أجل أرمينيا وأرمن الشتات فحسب، بل أيضا من أجل العالم بأسره، لأن نسيان الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في الماضي والباقية من دون عقاب حتى يومنا هذا من شأنه خلق أرضية خصبة لتكرار أحداث مماثلة في المستقبل”. مضيفا أن “الحكومة التركية التي ترفض الإعتراف بالإبادة حتى اليوم تشبه إلى حد بعيد الحكومة العثمانية التي إرتكبت فعل الإبادة قبل قرن”.
آخر المنشورات حول هذا الموضوع:
مطالبات بأراضي تاريخية:
في الـ 5 من يوليو/تموز من العام 2013 وعلى هامش فعاليات منتدى المحامين الأرمن الذي اقيم في العاصمة الأرمنية يريفان بخصوص مئوية الإبادة الجماعية الأرمنية والتي نظمتها وزارة الشتات الأرمنية القى المدعى العام في أرمينيا السيد آغفان هوفسيبيان بيانا جاء فيه:
“آن الأوان لجمهوية أرمينيا في إستعادة آراضيها المفقودة وحصول آبناء وأحفاد الناجين من الإبادة الجماعية الأرمنية على التعويضات المادية. ولكن كل هذه المطالبات يجب تنظيمها وفق أسس قانونية مثالية. أنا أومن أن أحفاد الناجين يجب أن يحصلوا على تعويضاتهم المادية، الأراضي الخاصة بالكنيسة الأرمنية يجب أن تعود لملكيتها مجددا وجمهورية أرمينيا يجب أن تعيد كامل أراضيها المفقودة”.
وبحسب وكالات الأنباء الأرمنية آنذاك فقد أعتبر هذا البيان الصادر عن أعلى مسؤول أرمني في السلطة القضائية “مطالبة رسمية” وجهت للمجتمع الدولي ولتركيا.
وردا على ذلك قامت الخارجية التركية يوم 12 يوليو/تموز 2013 بالرد على بيان هوفسيبيان ببيان جاء فيه: “إن بيان السيد هوفسيبيان يعكس الإشكالية السائدة لدى العقلية الأرمنية بخصوص وحدة أراضي دولة جارة والعلاقات الأرمنية التركية. هذا البيان يتناقض مع التزامات أرمينيا تجاه المنظمات الدولية التي هي عضوا فيها وخاصة الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية. ويجب على أيا كان أن يعلم جيدا أنه لا أحد يستطيع مطالبة تركيا حتى لو بشبر واحد من الأراضي”.
فارتان أوسكانيان، وزير خارجية أرمينيا في الفترة من 1998-2008، كان بدوره قد صرح في العام 2013 أنه “حان الوقت للإنتقال من الإعتراف بالإبادة الجماعية الأرمنية إلى القضاء على نتائجها عبر الدفاع عن حقوقنا والمطالبة بالتعويضات عن الخسائر المادية والمعنوية والروحية والفكرية والأخلاقية التي لحقت بنا”.
تركيا وواقع مئوية الإبادة الجماعية الأرمنية:
في خطاب له أمام السفراء والدبلوماسيين الأتراك المعتمدين في الخارج قال رجب طيب أردوغان العام 2014 أنه “يجب أن نكون على أهبة الإستعداد ويجب التعامل بموضوعية مع أحداث 1915. الشتات الأرمني يسعى إلى حملة لتشويه التاريخ التركي عن طريق أحداث 1915. ولمواجهة هذه الحملة ينبغي علينا الوقوف بحزم وتسليط الضوء على الحقائق التاريخية والعلمية”.
أما الصحفي التركي محمد علي بيراند فيقول: “نقترب شيئا فشيئا من الذكرى المئوية لمزاعم الإبادة الجماعية الأرمنية، لقد نجح الأرمن عبر العمل الجاد في إيصال وجهة نظرهم للعالم بأسره على مدار 100 عام كاملة.. أما نحن فقد وضعنا رؤوسنا في الرمال ورفضنا حتى مناقشة ما حدث فوصلنا إلى هذه الأيام. لم نتمكن من الرد بطريقة مقنعة.. فخسرنا القضية”.
أما إسحال آلتون، وهو رجل أعمال بارز في تركيا ذو أصول يهودية، له تصريح سنة 2012 يقول فيها: “الإعتذار ميزة نضج وبلوغ وآن الآوان لتركيا أن تنضج.. ثمة القليل من الوقت لحلول العام 2015 حيث بانتظار تركيا حملات كبيرة من اللوبي الأرمني“.
أما الصحفي حسن جمال، حفيد جمال باشا السفاح، ذكر سنة 2013 أن “تركيا كدولة يجب عليها الإعتذار للأرمن”.
الولايات المتحدة ومئوية الإبادة الجماعية الأرمنية
في الـ 10 من أبريل/نيسان من العام 2014، أي عشية الذكرى الـ 99 للإبادة الجماعية الأرمنية، تبنت لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي مشروع قانون تدين بموجبه عمليات القتل الجماعية التي تعرض لها أرمن الأناضول مطلع القرن الماضي في الإمبراطورية العثمانية واصفة ما حدث بأنه كان محاولة “للقضاء على 2500 عام من الوجود الأرمن على أراضيهم التاريخية”.
القرار هذا كان قد صاغه مدير اللجنة عضو الكونغرس روبيرت مينينديز والذي حظي بتأييد معظم أعضاء اللجنة الذي بعضهم لم يغفل التطرق لمئوية الإبادة الجماعية الأرمنية سنة 2015 أثناء الخطب والكلمات التي القوها.
الخارجية الأرمنية رحبت آنذاك بالقرار واصفة أياه “بالخطورة الهامة في طريق استعادة الحقيقة التاريخية وتجنب جرائم مماثلة في المستقبل”. أما وزراة الخارجية التركية فقد أصدرت بيانا انتقدت من خلاله القرار ونعتته بأنه “محاولة لتشويه التاريخ” وعلى أنه خال من أي أسس قانونية. وردا على سؤال حول موقف الحكومة الأمريكية قالت المتحدة باسم الخارجية في واشنطن، جينيفر بساكي، مع التجنب طبعا لاستخدام كلمة إبادة:
“موقفنا كان دائما الإعتراف والإعتراف الواضح بالحقيقة التاريخية التي اودت بحياة 1.5 مليون أرمني ممن تعرضوا للمجازر أو تم سوقهم إلى الموت في الأيام الأخيرة للإمبراطورية العثمانية. تلك الأحداث المروعة أدت إلى واحدة من أسوأ الفظائع التي ارتكبت في القرن العشرين، إن الولايات المتحدة تدرك أن تلك الأحداث ما تزال تسبب ألم شديد لشعب أرمينيا ولكل من يملك أصول أرمنية وهي في الحقيقة تسبب الألم لنا ولكل من يؤمن بالقيم الإنسانية الأساسية”.
الفاتيكان:
أما الفاتيكان فكان موقفه واضحا فيما يخص مئوية الإبادة وهي أصلا الدولة التي اقرت بحقيقة تعرض الأرمن للإبادة على أيدي السلطات العثمانية. وفي حزيران 2013 وخلال افتتاح سفارة جمهورية أرمينيا في الفاتيكان كان البابا فرنسنس قد أعلن عن رغبته في زيارة أرمينيا سنة 2015 في الـ 24 من أبريل/نيسان للمشاركة في فعاليات المئوية. الزيارة وبالرغم من أنها لم تتم إلا أن البابا اقام قداسا ضخما في الفاتيكان يوم 12 أبريل/نيسان من العام 2015 حضرها كبار المسؤولين الأرمن والقى البابا خلالها كلمة أعاد فيها التأكيد على إعتراف الفاتيكان بالإبادة الجماعية الأرمنية ما اغضب أنقرة وجعلها تسحب سفيرا فورا من هناك وتطلب السفير البابوي لديها للتشاور.
أيضا إقرأ:
هذه المادة من إنتاج فريق التحرير في موقع خبر أرمني.. يتبع لاحقا.