هو بيت عبادة تاريخي يقع في مدينة إسطنبول وقد عملت ككاتدرائية بطريركية مسيحية أرثوذكسية وكاتدرائية رومانية كاثوليكية ومسجد عثماني ومتحف علماني. اعتبارًا من يوليو عام 2020، تم إعادة تصنيف الموقع كمسجد من قبل رئيس تركيا. بُنيت الكاتدرائية المسيحية في عام 537 م، في عهد الإمبراطور الروماني جستينيان الأول، وكانت في ذلك الوقت أكبر مبنى في العالم وأول من استخدم قبة معلقة بالكامل. يُعتبر المبنى جوهرة العمارة البيزنطية، ويُقال أنها “غيرت تاريخ العمارة”. وقد وصفها عدد من النقاد بأنها “تحتل مكانة بارزة في العالم المسيحي”، وبأنها “أعظم من جميع الكنائس المسيحية الأخرى”.
تم بناء الكاتدرائية ككاتدرائية القسطنطينية بين عام 532 وعام 537 بناء على أوامر الإمبراطور الروماني جستنيان الأول، واستغرق بنائها حوالي خمس سنوات حيث تم افتتاحها رسمياً عام 537م. كانت الكاتدرائيَّة المقر الأسقفي لبطريرك القسطنطينية المسكوني، وظلّت أكبر كاتدرائية مسيحية في العالم منذ ما يقرب من ألف عام، حتى تم الإنتهاء من بناء كاتدرائية إشبيلية في عام 1520.
في عام 1204، تم تحويل الكاتدرائية الأرثوذكسيَّة من قبل الحملة الصليبية الرابعة إلى كاتدرائية كاثوليكية تحت حُكم الإمبراطورية اللاتينية، قبل استعادتها إلى كاتدرائية أرثوذكسية شرقية عند عودة الإمبراطورية البيزنطية عام 1261.
بعد سقوط القسطنطينية على يد العثمانيين عام 1453، تم تحويلها إلى مسجد وفي عام 1935 تم تحويلها إلى متحف. في يوليو عام 2020، ألغى قرار محكمة تركية وضع النصب كمتحف وأمر مرسوم لاحق من رئيس تركيا رجب طيب أردوغان بإعادة تصنيف آيا صوفيا كمسجد. وتعرضت الخطوة لإنتقادات واسعة وشديدة من اليونان وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليونسكو ورؤساء الطوائف المسيحيَّة مثل بطريرك القسطنطينية المسكوني وبطريرك الكنيسة الروسية الأرثوذكسية وغيرهم. وقال البطريرك المسكوني برثلماوس الأول، وهو الزعيم الروحي لنحو 300 مليون مسيحي أرثوذكسي في العالم: “تحويل آيا صوفيا إلى مسجد سيثير غضب ملايين المسيحيين حول العالم” وسيتسبب في “شرخ” بين الشرق والغرب. ويتخذ البطريرك برثلماوس الأول من إسطنبول مقرا له.
كانت الكنيسة مُكرسة لحكمة الله. صوفيا هي الإملاء الصوتي اللاتيني للكلمة اليونانية الحكمة وعلى الرغم من الإشارة إليها أحيانا بـ “كنيسة القديسة صوفيا”، إلا أنها لا ترتبط بالقديسة صوفيا الشهيدة والاسم الكامل لهذا الصرح باليونانية هو “ضريح حكمة الله المقدسة”.
احتوت الكنيسة على مجموعة كبيرة من القطع الأثرية والأيقونات. كمركز للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية لما يقرب من ألف عام، شهد المبنى حرمان البطريرك ميخائيل الأول سيرولاريوس رسمياً من قبل هامبرت من سيلفا كانديدا، المبعوث البابوي للبابا ليون التاسع في عام 1054، وهي حركة تُعتبر بداية الانشقاق بين الشرق والغرب المسيحي. تم دفن دوق البندقية الذي قاد الحملة الصليبية الرابعة وحصار القسطنطينية عام 1204، إنريكو داندولو، في الكاتدرائيَّة.
في عام 1453، تم غزو القسطنطينية من قبل العثمانيين تحت قيادة محمد الفاتح، والذي أمر بتحويل الكاتدرائية إلى مسجد. انتقل مقر بطريركية القسطنطينية المسكونية إلى كنيسة الرسل المقدسة، والتي أصبحت كاتدرائية المدينة. على الرغم من أن بعض من أجزاء مدينة القسطنطينية كانت بحالة سيئة، فقد تم الحفاظ على الكاتدرائية بأموال مخصصة لهذا الغرض.
قام العثمانيون بعد احتلالهم القسطنطينية بقيادة محمد الفاتح سنة 1453 بالسيطرة على آيا صوفيا وقاموا بإزالة الأجراس والمذبح والأيقونات والأمبو وجرن المعمودية وتدمير الآثار المسيحية فيها. تم تدمير الفسيفساء التي تصور يسوع ووالدته مريم العذراء والقديسين المسيحيين والملائكة أو تم إخفائها وتغطيتها في النهاية. وتمت إضافة لاحقاً السمات المعمارية الإسلامية للمبنى، مثل المنبر، وأربعة مآذن، ومحراب.
منذ تحويله إلى مسجد وحتى بناء جامع السلطان أحمد القريب، والمعروف أيضاً بالمسجد الأزرق في إسطنبول، في عام 1616، كانت آيا صوفيا المسجد الرئيسي في اسطنبول. وكانت العمارة البيزنطيَّة في آيا صوفيا بمثابة مصدر إلهام لبناء العديد من المساجد العثمانية الأخرى، بما في ذلك المسجد الأزرق ومسجد سليمان القانوني وجامع رستم باشا وجامع قلج علي باشا.
ظلّ المجمع مسجداً حتى عام 1931، عندما تم إغلاقه للجمهور لمدة أربع سنوات. أعيد افتتاحه في عام 1935 كمتحف من قبل جمهورية تركيا العلمانية. كانت آيا صوفيا اعتباراً من عام 2014، ثاني أكثر المتاحف زيارة في تركيا، حيث يجذب ما يقرب من 3.3 مليون زائر سنوياً. وفقا للبيانات الصادرة عن وزارة الثقافة والسياحة التركية، كانت آيا صوفيا أكثر مناطق الجذب السياحي زيارة في تركيا في عام 2015 وعام 2019.