الرئيس الـ 24 لفرنسا ومن أشد المؤيدين للقضية الأرمنية ومن أكثر الداعين للإعتراف العالمي بالإبادة الجماعية الأرمنية، هو الرئيس السابع في ظل الجمهورية الخامسة التي بدأت عام 1958، وثاني رئيس اشتراكي منذ ذلك التاريخ بعد فرانسوا ميتران. انضم للحزب الاشتراكي سنة 1979، وارتبط بالمرشحة الرئاسية السابقة سيغولين روايال من دون زواج. ظلت حياته الشخصية وعلاقاته الغرامية المتعددة مادة دسمة للصحف الفرنسية.
السيرة
١) المولد، النشأة والتعليم
ولد فرانسوا هولاند يوم 12 أغسطس/آب 1954 بمدينة “روان” في شمال غرب فرنسا، لأم يسارية وأب ترشح في مناسبتين على لوائح أقصى اليمين في انتخابات بلدية في روان عامي 1959 و1965.
نال هولاند شهادة في القانون من جامعة باريس، ثم تخرج عام 1980 من المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرجت منها شخصيات فرنسية كبيرة.
انضم إلى الحزب الاشتراكي عام 1979، وبدأ نجمه في الصعود منذ ذلك الحين حتى ارتقى عام 2012 أعلى منصب في الدولة.
ارتبط مطلع سبعينيات القرن العشرين بسيغولين رويال التي باتت بعد ذلك من أبرز قادة الحزب الاشتراكي، وخسرت انتخابات الرئاسة لعام 2007 أمام نيكولا ساركوزي.
وأثمر الارتباط -غير الشرعي- أربعة أبناء، وبينما كانت علاقته برويال ما تزال قائمة، ارتبط هولاند عام 2006 بعلاقة أخرى مشابهة مع فاليري تريرفيلر الصحفية بمجلة “باري ماتش” التي باتت عمليا تتبوأ موقع سيدة فرنسا الأولى على الرغم من عدم زواجهما، ثم انفصل مجددا عن فاليري بعد نشر صحف فرنسية خبر ارتباطه بعلاقة مع سيدة أخرى.
٢) الحياة السياسية لفرانسوا هولاند
انتخب هولاند -مرشح الحزب الاشتراكي- رئيسا لفرنسا لمدة خمس سنوات بعد فوزه في الدور الثاني من انتخابات الرئاسة في 6 مايو/أيار 2012 على الرئيس المنتهية ولايته ومرشح حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية نيكولا ساركوزي.
وتقدم في الدور الثاني بفارق ثلاث نقاط بعدما كان تقدم عليه أيضا في الدور الأول (22 أبريل/نيسان) بفارق 1.5 تقريبا. وبانتخاب هولاند، عاد الاشتراكيون إلى سدة الرئاسة بعدما غابوا عنها 17 عاما وتحديدا منذ 1995.
قاد هولاند حملته الانتخابية تحت شعار “التغيير الآن”، ونجح في الإطاحة بساركوزي لتكون المرة الأولى في تاريخ الجمهورية الخامسة التي يحل فيها رئيس منتهية ولايته ثانيا في الدور الأول.
وقال بعد إعلان فوزه مباشرة إن التغيير بدأ الآن، واعتبر أن فوزه يمهد لحركة صاعدة بأوروبا في إشارة إلى تحول محتمل باتجاه اليسار.
وكان هولاند قد نال بطاقة ترشيح الحزب الاشتراكي وحزب اليسار الراديكالي لانتخابات الرئاسة لعام 2012 بعد فوزه في الدور الثاني من الانتخابات التمهيدية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول 2011 على منافسته مارتين أوبري.
وتولى هولاند منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي بين عامي 1997 و2008. وكان رفضه لسياسات التقشف التي لجأ إليها سلفه ساركوزي بسبب الأزمة المالية العالمية واحدا من أبرز النقاط التي أثارها خلال الحملة الانتخابية، وأكدها عقب فوزه في الدور الثاني من انتخابات الرئاسة.
يوصف هولاند بالعادي لبساطة أسلوب حياته، ولطبعه الهادئ بخلاف سلفه ساركوزي الذي كان حاد الطباع. وقال هولاند خلال تجمعات انتخابية قبيل انتخابات 2012 إن “الرئيس المقبل يجب أن يكون نقيض ساركوزي”، ودعا إلى انتخاب “رئيس عاد”.
وعرف عن هولاند أنه كان يتنقل في باريس على دراجة نارية من نوع “سكوتر” على نقيض أسلوب البذخ الذي عرف به ساركوزي. ولم يمارس هولاند أي وظيفة وزارية قبل فوزه في انتخابات 2012، لكنه بدأ العمل السياسي مبكرا وكان مستشارا للرئيس (الاشتراكي) الراحل فرانسوا ميتران.
وكان عدم تولي هولاند منصبا وزاريا قبل انتخابات 2012 منطلقا لهجمات من منافسين يساريين (قبل وبعد الانتخابات التمهيدية) وأيضا من اليمين تطعن في صلاحيته لرئاسة الجمهورية. لكن تلك الصورة تبددت شيئا فشيئا من خلال حملة هولاند الانتخابية، وخاصة عبر المناظرة التلفزيونية التي جرت بينه وبين ساركوزي قبيل الدور الثاني.
وبدا هولاند في تلك المناظرة رابط الجأش واثقا من نفسه، وصمد أمام هجمات خصمه فكان ذلك عاملا مساعدا في الفوز. وأثناء الحملة الانتخابية ردد هولاند الخطيب البارع المبتسم والودود بفكاهته اللاذعة أن واجبه “جمع الاشتراكيين ثم اليسار وأخيرا الفرنسيين”، مقتديا بميتران الذي كثيرا ما يقلده في مهرجاناته الانتخابية.
ومما قيل في سيرة هولاند أن انتماء والديه إلى اتجاهين سياسيين مختلفين (يمين ويسار) يدفعه بعد انتخابه رئيسا لمحاولة توحيد الفرنسيين بعد ما بدا أنهم انقسموا انقساما حادا في انتخابات 2012.
mytab
يرتبط فرانسوا هولاند بعلاقات صداقة متينة مع عدد من الأرمن الفرنسيين كما أن اللوبي الأرمني في فرنسا لعب دورا كبيرا في نجاه هولاند في الإنتخابات الرئاسية.
هولاند ظهر في العديد من المناسبات مع شخصيات أرمنية بارزة في المجتمع الفرنسي وخاصة مع المغني العالمي الشهرة شارل آزنافور وصحب الأخير معه إلى يريفان في معظم زياراته إلى أرمينيا.
فرانسوا هولاند من أشد المؤيدين للقضية الأرمنية وموضوع الإبادة الجماعية الأرمنية وهو من أشد المناصرين لتبني فرنسا قانونا جديدا يجرم إنكار الإبادة الجماعية الأرمنية. قبل سنوات كانت فرنسا على وشك تبني قرارا من هذا النوع لولا تدخل المحكمة الدستورية وإدعائها أن مشروع القانون المقترح يتعارض مع بعض بنود الدستور الفرنسي. إلا أن هولاند اعلن في إجتماع خاص مع كبار مسؤولي الجالية الأرمنية في فرنسا بداية العام 2016 أنه شخصيا قد أمر كتابة مشروع قانون جديد لتجريم إنكار الإبادة الجماعية الأرمنية وسيعرض للتصويت في الوقت المناسب.