أدركت تركيا أن أزمة اللاجئين فرصة كبيرة وورقة مهمة للانضمام للاتحاد الأوروبى حتى ارتفعت لهجة المساومات بينهما مؤخرًا، ويسعى الاتحاد الأوروبى لممارسة مزيد من الضغط على تركيا لإقناعها بالإبقاء على اللاجئين على أراضيها والتعاون معها فى ضبط الحدود مع اليونان، مع محفزات مالية قد تصل إلى 3 مليارات يورو.
وفى هذا الصدد اعلن الاتحاد الأوروبى اليوم عن نيته الدعوة لقمة أوروبية إضافية استثنائية بحضور تركيا، تخصص لدراسة آلية التعاون الثنائى فى موضوع التصدى لتدفق المهاجرين واللاجئين، وقال الاتحاد عن القمة التى قد تُعقد قبل نهاية الشهر الجارى، إنها واحدة فى سلسلة اجتماعات وقمم تعقد بوتيرة متسارعة منذ أشهر ويخصصها الاتحاد الأوروبى للتعامل مع ملف الهجرة.
وفى أعقاب القمة غير الرسمية الأوروبية التى عقدت مساء اليوم فى العاصمة المالطية فاليتا، مباشرة بعد قمة خاصة عقدها الاتحاد خلال يومين مع الدول الأفريقية لبحث ملف الهجرة فى المكان نفسه، وقال الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند، فى مؤتمر صحفى، إن المبالغ التى ستُمنح لتركيا لم تحدد بعد، فـ”هذه الأموال ستكون للاجئين، ولكن التعامل مع الأتراك سيمر عبر الاعتراف ببلدهم كبلد آمن والتقدم فى مجال مفاوضات الانضمام للاتحاد وكذلك مسألة تأشيرات الدخول”.
وتشير تصريحات هولاند على وجود مساومات بين الطرفين على تحكم تركيا فى أزمة اللاجئين فى مقابل القبول بانضمامها للاتحاد الأوروبى وتنفيذ حلمها القديم، وهو ما أكدته أيضًا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الاتحاد ينوى عقد قمة مع تركيا لبحث كيفية مواجهة أزمة الهجرة، ومن الممكن أن تكون هى الخطوة الأولى لاستجابة الاتحاد الاوروبى لطلب تركيا بالانضمام.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت أن القمة بين الاتحاد الأوروبى وتركيا “لإظهار أننا سنتعاون بشكل وثيق وأننا سنتقاسم مواجهة التحديات التى نشأت عن الحرب الأهلية فى سوريا والأوضاع الصعبة فى الدول الأخرى”، وتعتزم ألمانيا تقديم 534 مليون يورو معونات لتركيا ضمن حزمة المساعدات الأوروبية لإعانتها على مواجهة أزمة اللاجئين السوريين، وقد تم الإعلان عن هذه الخطة خلال القمة الأوروبية حول مشاكل الهجرة فى فاليتا عاصمة مالطا، وكانت تركيا طالبت من قبل بـ3.4 مليار دولار.
ولم يعد أمام الاتحاد الأوروبى سوى تركيا خاصة بعد انتهاء أعمال القمة الأوروبية- الأفريقية التى جمعت 50 رئيسا فى مالطا دون نتائج حول سبل تخفيف الهجرة الإفريقية إلى أوروبا، يتجه الأمل الأوروبى إلى تركيا حيث إنها الأمل فى نهاية هذه المأساة المتمثلة فى أزمة اللاجئين إلى أوروبا، خاصة أن الرؤساء الأفارقة أعربوا عن انزعاجهم لإصرار الاتحاد الأوروبى على إعادة المهاجرين إلى بلدانهم بل وطالبوا بتعزيز أوروبا للهجرة الشرعية، وهذا عكس ما كانت ترغب به أوروبا.
وبدأت تركيا فى الضغط على أوروبا وقال رئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو إن “تركيا تنتظر من الاتحاد الأوروبى اتخاذ الخطوات اللازمة، وعلى رأسها فتح فصول جديدة فى مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد”، وأفاد داود أوغلو أن “حصول تركيا على العضوية الكاملة فى الاتحاد الأوروبى، يأتى على رأس أولويات الحكومة التركية الجديدة، مضيفا “تركيا مستعدة لبذل كل الجهد ممن أجل تحقيق تقدم فى عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى”.
ونجحت تركيا فى أن تجعل الاتحاد الأوروبى يحتاج إلى مساعدتها وذلك للضغط عليها من أجل الوصول لهدفها من الموافقة على خطة الانضمام إليه، وجعلت الاتحاد الاوروبى يوافق على خطة العمل مع تركيا وفتح باب المحادثات حول ضمها ،ولكن على الرغم من أن الأمر يبدو وكأن تركيا تلاعب الاتحاد الاوروبى إلا أنه من الممكن أن يكون العكس ومجرد ان يصل الاتحاد الاوروبى إلى هدفه من الحد من المهاجرين يرفض امر انضماها وهذا يرجع إلى وجود العديد من الأسباب لدى الاتحاد الاوروبى لرفض عضوية تركيا.
وكانت دراسة بمعهد الكانو الإسبانى إن قضية الماضى السياسى التركى المتعلق بارتكاب جريمة إبادة جماعية فى حق الأرمن لها مكانة بارزة على جدول أعمال محادثات الانضمام، ووعدت فرنسا التى تعيش فيها جالية أرمينية تقدر بنحو 400 ألف وتتمتع بنفوذ كبير بأن تسعى للحصول على اعتراف تركى بارتكاب ابادة جماعية، وفى هذا الوقت فقد طالب الاتحاد الأوروبى إعادة تقييم ماضيها المتعلق بالإبادة الجماعية للأرمن”، وتريد أرمينيا من تركيا أن تعترف بأن قتل ما يصل الى 1.5 مليون أرمنى قبل 90 عاما خلال الحكم العثمانى إبادة جماعية.
وتنفى تركيا هذا قائلة أن عدد القتلى أقل من ذلك وأن الأرمن كانوا من بين الكثير من ضحايا حرب جائرة حصدت أيضا أرواح الكثير من الأتراك المسلمين.
وكان الاتحاد الأوروبى قد عبر عن “قلقه البالغ” تجاه حالات التعذيب التى لا تزال مستمرة، حيث دعا رجب طيب أردوغان الى اتباع سياسة عدم التهاون من أجل وضع حد لسوء المعاملة. وعبر الاتحاد الأوروبى عن قلقه بشأن غياب حرية التعبير، وقال إنه يتعين بذل المزيد من الجهد لتعزيز حقوق الأقليات الكردية فى تركيا، كما حثت وثيقة أصدرتها الاتحاد الأوروبى تركيا على تنفيذ تعهدات منها تعزيز حقوق الملكية الفكرية وإلغاء قوانين التمييز وتقليص دعم الدولة للصناعة والسماح للسفن القبرصية بالرسو فى الموانئ التركية، ويعبر احتمال رفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الاوروبى عن رغبة بعض الدول والتى يمكن رصدها فى العناصر التالية: أولا: رفض دولة النمسا استنادا إلى معارضة الرأى العام النمساوى بأغلبية ساحقة للطموحات التركية ونتيجة للضغوط من قبل بعض الدول الاوروبية اقترحت النمسا أن تنمح تركيا مزايا أقل من تلك الممنوحة لباقى دول الاتحاد الأوروبى أو بمعنى آخر قبول تركيا كشريك مميز فى الاتحاد بدلا من منحها العضوية الكاملة.
ثانيا رفض دولة ألمانيا: تأسيسا على إشكالية تعداد السكان لأن معدل النمو السكانى فى تركيا سوف يزيد من وزن تركيا فى عملية التصويت وفى تمثيلها داخل الاتحاد الاوروبى خصما من الوزن والتمثيل الألمانى وتفضل ألمانيا فكرة الشراكة المميزة التى تعرضها النمسا.
ثالثا رفض فرنسا: ارتباطا بقناعة استحالة اندماج دولة تركيا ذات الهوية الإسلامية فى دولة القارة الأوروبية المسيحية والتى عرضت فكرة عضوية تركيا فى الاتحاد من أجل المتوسط بدلا من عضويتها فى الاتحاد الأوروبى
والجدير بالذكر أن استطلاع للرأى أشار إلى أن نسبة 62% من الفرنسيين يرون عدم انسجام القيم الإسلامية مع قيم الجمهورية الفرنسية.