قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قبل قليل لصالح تركيا في قضية السياسي التركي دوجو برينجيك الذي أنكر الإبادة الجماعية الأرمنية وادعى أنها “كذبة دولية” في العام 2005 أثناء تواجده في سويسرا التي تعتبر من الدول المعترفة رسميا بالإبادة الجماعية الأرمنية بل أيضا يعتبر إنكار هذه الجريمة التاريخية أثناء التواجد على الأراضي السويسرية جريمة يعاقب عليها القانون السويسري.
ورأت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان ان سويسرا ما كان يجب ان تدين برينجيك لإنكاره علنا الإبادة الجماعية الأرمنية، معتبرة ان هذه الادانة تمس بحريته في التعبير.
وفي قرار نهائي اعتمد باصوات عشرة قضاة اوروبيين مقابل سبعة، قالت المحكمة ان تصريحات السياسي التركي دوجو برينجيك لم تمس “كرامة الأرمن الى درجة تتطلب ردا جزائيا في سويسرا”.
واكدت المحكمة ان هذا القرار لا علاقة له بانكار حملة الابادة النازية لليهود. وقالت ان معاقبة تصريحات حول انكار ابادة اليهود “مبررة” لان انكار المحرقة “يشكل جريمة وحيدة لعقيدة مخالفة للديموقراطية ومعادية للسامية”. واضافت: أن قرار المحكمة لا يعني انها تتخذ موقفا من الحقيقة التاريخية للإبادة الجماعية الأرمنية، مؤكدة انها “ليست مختصة لاصدار نص قانوني ملزم في هذا الشأن”.
وفي قرارها النهائي قالت المحكمة انها لا تملك حق “القول ما اذا كان تجريم انكار حملات الابادة وغيرها من الوقائع التاريخية يمكن تبريره من حيث المبدأ”، لكنها ترى في هذه القضية المحددة ان برينجيك لم يظهر احتقارا او كراهية لضحايا الإبادة الجماعية الأرمنية. واضافت انه “لم يصف الأرمن بالكاذبين ولم يستخدم عبارات مهينة حيالهم ولم يسع الى السخرية منهم”.
وكانت منظمات أرمنية في سويسرا قد رفعت دعوة جنائية ضد السياسي التركي الذي اعتبر أن إنكاره للإبادة الجماعية الأرمنية ليست جريمة طالما أن حرية التعبير مصانة في الدول الأوربية كما في سويسرا. والمفارقة أن هذا السياسي التركي هو نفسه لو جرب أن يعبر بحرية عن آراءه وقال ذات يوم في تركيا أن الأرمن قد تعرضوا لإبادة جماعية فإنه سيزج في سجون أردوغان وفقا للمادة 301 من الدستور التركي الذي يجرم كل من يتطرق للإبادة الأرمنية بتهمة تحقير الهوية التركية.
المحكمة السويسرية وقفت إلى جانب الأرمن في هذه القضية واعتبرت سنة 2007 أن السياسي التركي دوجو برينجيك قد ارتكب جريمة بإنكاره الإبادة الجماعية الأرمنية إلى أن المسؤول التركي قد توجه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والتي اعلنت في العام 2013 أن برينجيك يحق له التعبير بحرية عن آراءه.. ولكن وبعد أشهر استأنفت سويسرا الدعوة ضد هذا السياسي وتم في يناير كانون الثاني الماضي عقد جلسة مطولة في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أجل مناقشة هذه القضية التي حضرها محامون دوليون كان من بينهم المحامية الدولية الشهيرة أمل علم الدين كلوني (زوجة جورج كلوني) التي مثلت أرمينيا كطرف ثالث في هذه القضية.
وبعد أن استمعت المحكمة لجميع الأطرف في جلسة يناير أعلنت أن قراراها النهائي سيأتي بعد أشهر وهو ما حدث اليوم الخميس حيث قررت المحكمة أن حرية التعبير مصانة للسياسي التركي دوجو برينجيك.
نذكر بأن سويسرا قد اعترفت رسميا بالإبادة الجماعية الأرمنية حالها حال العشرات من الدول الأوروبية والغربية، كما قام الاتحاد الأوروبي في 15 أبريل/نيسان الماضي بالتصويت لصالح الأرمن واعترف رسميا بالإبادة الجماعية الأرمنية مطالبا تركيا بالإعتراف بماضيها. أما بخصوص تجريم إنكار الإبادة الجماعية الأرمنية فهي ما تزال مقتصرة على عدد قليل من الدول من بينها سويسرا التي رفعت القضية الجنائية ضد السياسي التركي دوجو برينجيك والتي انتهت جلسة النطق بالحكم فيها قبل قليل.