942.jpg

الأرمن في الولايات المتحدة الأمريكية

الأرمن في الولايات المتحدة الأمريكية

الأرمن في الولايات المتحدة مواطنون أمريكيون حاملون لجنسيتها ذو أصول أرمنية. وفقا لتخمينات منظمات الجاليات الأرمنية في العالم يوجد اليوم 1.400.000 أرمني يعيش على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية. في حين أن عدد الأرمن الأمريكيين الحاملين لجنسيتها والمتمتعين بكامل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها أي مواطن أمريكي بلغ 474.559 مواطن حسب المسح الرسمي الأمريكي لسنة 2010.

قد يتسائل البعض: لما هذا الفرق الكبير بين الرقمين السابقين؟

القضية بكل بساطة هي أن الرقم الأول يمثل جميع الأرمن القاطنين في الولايات المتحدة والذين هاجر عدد كبير منهم إليها قادمين من دول الشرق الأوسط وغيرها من الدول خلال الـ 40 سنة الماضية بسبب الأزمات الإقتصادية والسياسية التي شهدتها دولهم وهؤلاء الأرمن ربما وإن كانوا يملكون “البطاقة الخضراء الأمريكية” إلا أنهم ليسوا مواطنين أمريكيين متمتعين بكامل الحقوق كما باقي الأمريكيين ومنهم الأرمن الذين وصلوا إليها بعد الإبادة الجماعية الأرمنية.

التواجد الأرمني الأكبر في الولايات المتحدة هو في منطقة لوس أنجلوس الكبرى حيث يوجد هناك 166.498 مواطن أمريكي من أصل أرمني وفقا لإحصاء 2010 الرسمي وهم يشكلون 43% من العدد الكلي للأمريكيين القاطنين في تلك المنطقة والبالغ عددهم 385.488 مواطن.

تاريخ التواجد الأرمني في الولايات المتحدة الأمريكية

الأرمن الأوائل:

عرف أول مهاجر أرمني يصل إلى أراضي الولايات المتحدة الأمريكية باسم “مارتين الأرمني” وقد وصل إلى مدينة جيمس تاون التابعة لولاية فيرجينيا – التي كانت أول ولاية أمريكية تأسست حينها – سنة 1618 حيث كان الإستعمار البريطاني للأراضي الأمريكية في عامه الـ 11.

بعد ذلك تم تسجيل أسماء أرمن آخرين ممن قدموا إلى الولايات المتحدة في القرنين السابع عشر والثامن عشر ولكن هذه الهجرات في معظمها كانت فردية ولم تشكل أي جالية أو طائفة أرمنية متماسكة ومترابطة في البلاد.

بدأ المجتمع الأمريكي بالتعرف على الأرمن بشكل أكثر بعد المشاركات الإنسانية الفعالة التي قدمها بعض الأطباء الأرمن خلال الحرب الأهلية الأمريكية. حيث كان ثمة ثلاث أطباء أرمن وهم سيمون ميناسيان وكارابيد كالوستيان وبارونيك ماتيفوسيان والذين عملوا في الشفى العسكري في فيلاديلفيا.

كما ظهر للعلن أسم المواطن الأمريكي الأرمني الأصل خاتشادور بول كارابيديان الذي كان يخدم في البحرية الأمريكية آنذاك.

الموجة الأولى من الهجرات الأرمنية إلى الولايات المتحدة:
في سنة 1870 كان عدد الأرمن المقيمين في الولايات المتحدة فقط 70 شخصا. في القرن التاسع عشر بدأ زيادة الحضور الأرمني في الولايات المتحدة خاصة بعد وصول عدد كبير من طالبي العلم من أرمن الأناضول الراغبين في إستكمال دراساتهم العليا في الغرب، وهي ظاهرة أعتاد عليها أرمن الأناضول في تلك الفترة خاصة وأنهم في معظمهم كانوا أبناء لعائلات ميسورة الحال في الدولة العثمانية حيث كان الأرمن مسيطرين على الأعمال والإقتصاد مثلهم مثل اليهود في الدولة العثمانية ووفقا للعديد من الباحثين فإن هذه كانت إحدى الأسباب الخفية للإبادة الجماعية الأرمنية.

من بين هؤلاء الطلاب لمع أسم خاتشادور فوسكانيان الذي قرر البقاء في الولايات المتحدة وترأس فيما بعد نادي صحافة نيويورك.

بعد ذلك وتحديدا في نهاية القرن التاسع عشر أزدادت الهجرات الأرمنية إلى الولايات المتحدة وهذه المرة لم يقتصر الأمر على راغبي العلم من طلاب أرمينيا الغربية بل أيضا على عائلات بأكملها ممن قرروا الهجرة بشكل نهائي إلى الولايات المتحدة هربا من المجازر الحميدية بين الأعوام 1894 و1896.

التواجد الأكبر لهؤلاء الأرمن الهاربين من المجازر كان في فريزنو التي كانت تمتلك أراضي واسعة للحراثة والزراعة. وبالدرجة الثانية كانت مدينة سان جاكوين التابعة لولاية كاليفورنيا وثالثا مدينة وارسيستير في ماساتشوسيت.

أول مواطن أرمني الأصل وصل إلى كاليفورنيا كان السيد روبين ميناسيان الذي عرف أيضا بلقب “نور مارت” والتي تعني بالأرمنية “الإنسان الجديد”.

وثمة قصة طريفة عن هذا الرجل. فأسمه الحقيقي كان مارديروس يانيكيان، ولكن ما حدث هو أن المفتش في جزيرة أليس حين سأله عن أسمه أجاب بالأرمنية Nor Mart والتي تعني “أنا إنسان جديد”، ربما لشدة سعادته بعد الوصول إلى العالم الجديد وخلاصة من صعوبات وفظاعات العالم في ظل الدولة العثمانية.. فأطلق عليه المفتش أسم “فرانك نورمارت”

استقر المدعو فرانك نورمارت في فريزنو سنة 1874. وتبعه بعد ذلك أرمن آخرين إلى تلك المدينة وكانوا في معظمهم من عائلة سيروبيان. وصلوا إلى فريزنو سنة 1881 وبعد 16 سنة أي سنة 1897 بلغ عدد الأرمن في هذه المدينة 329 شخصا.

كان التميز العنصري منتشرا وقتها بكثافة في الولايات المتحدة وقد عانى الأرمن كثيرا من هذا الموضوع خاصة وأن الأمريكيين كانوا يطلقون على أرمن وسط كاليفورنيا تسمية “هنود فريزنو” وفي مناطق أخرى بـ “يهود الطبقة الدنيا”.

مازلنا نتحدث عن الهجرات الأولى للأرمن إلى الولايات المتحدة وهذه الموجة من الهجرات التي نتحدث عنها في فقرتنا هذه استمرت حتى العشرينيات من القرن الماضي حيث ازدادت وقتها بسبب الإبادة الجماعية التي تعرض لها أرمن الأناضول والتي راح ضحيتها 1.500.000 شخص.

بعد تضاعف عدد المهاجرين بهذا الشكل الملحوظ بدأ تشكل المؤسسات والمنظمات الأرمنية في الولايات المتحدة وكانت الكنيسة الرسولية الأرمنية أولى هذه المؤسسات التي لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على الهوية الأرمنية لهؤلاء المهاجرين. بعد ذلك بدأ الأرمن ينتقلون من العيش في الأرياف إلى المدن وخاصة مدينة لوس أنجلوس والتي شكلوا فيها سنة 1930 أكبر تجمع لهم ضمن ولاية كاليفورنيا.

أثناء الحرب العالمية الثانية شارك عدد من الأرمن في الجيش الأمريكي. والعديد منهم منح أوسمة للخدمات الجلية التي قدمها للوطن الأمريكي ونذكر منهم إرنيست ديرفيشيان من ولاية فرجينيا والذي منح وسام الكونغرس للشرف.

يتبع لاحقا
في الجزء القادم سنتحدث عن الإنشقاق ضمن صفوف الجالية الأرمنية في أمريكا وعن الموجة الثانية من الهجرات.

scroll to top