9257.jpg

ليون زكي: نصف سكان حلب عاصمة الاقتصاد المنكوبة هجروها

أوضح رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني ليون زكي أن حلب عاصمة الاقتصاد السوري لقيت قسطاً كبيراً من الخراب والقتل والتدمير بفعل الحرب التي طحنت البشر والحجر ونشرت فيها الخوف والفوضى لتتربع سلم المدن الأكثر خطراً في العالم للعيش فيها، ومنيت بحظ وافر من الإهمال وتدني خدماتها الأساسية بشكل لم تعهده مدينة أخرى، ما دفع بنصف سكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة إلى هجرتها.

وبين زكي أن حلب تستحق عناية أكثر مما هي عليه الآن وأن الأمور لا زالت تسير فيها بطريقة تحض على من تبقى من سكانها إلى التخلي عنها ” إذ تضافر عاملا فقدان الأمن بسبب استمرار تساقط القذائف العشوائية على المناطق السكنية المأهولة وسوء الوضع الخدمي والمعيشي في إرغام السكان على ترك أحيائهم والتوجه إلى مناطق أكثر أمناً في الساحل السوري ولبنان ثم إلى بلدان أوربا الغربية أخيراً من خلال الهجرات الجماعية غير المشروعة والتي يشكل الحلبيون الجزء الأكبر من قوامها”.

وأضاف زكي: “ازدادت في الآونة حدة التعديات على الحريات العامة وحالات السطو العلنية في بعض الأحيان في ظل تراجع المحاسبة، ومثال ذلك ما تشهده مدينة الشيخ نجار الصناعية من سرقات لمعاملها ومنتجاتها من دون وضع حد للتجاوزات على الرغم من وعود المسؤولين في أعلى مستويات السلطة التنفيذية بالحفاظ على المدن الصناعية لتعاود عجلة إنتاجها من جديد، الأمر الذي حدا بالصناعيين إلى إقفال مصانعهم تحت ضغط تراجع الأمن وارتفاع سعر حوامل الطاقة وشحها في آن وكلفة النقل بين المحافظات ومدخلات الإنتاج بشكل عام”.

وقال: “ليس من المعقول أن يصبر المواطن على ارتفاع قيم البطالة لتطال أكثر من 50 بالمئة من الشباب الوافدين إلى سوق العمل بالتزامن مع ارتفاع الأسعار الجنوني وانخفاض قيمة الليرة السورية بشكل مستمر لا تستجيب له الدخول المخفوضة، ومن الصعب بمكان أن يتحمل السكان قلة المعروض من المحروقات وانقطاع الكهرباء والمياه بشكل متواصل ولأسابيع كون منابع تغذيتهما خارجة عن سيطرة الحكومة وفوق كل ذلك يعرضون أنفسهم وحياة أطفالهم خطر القذائف المتفجرة والتي لا توفر أي حي آمن ولا شارع ولا منزل في منأى عنها”.

وأبدى رجل الأعمال ليون زكي أسفه من تدمير تراث المدينة وآثارها وحضارتها خصوصاً في المدينة القديمة وأسواقها التاريخية جراء الحرب “التي أتت أيضاً على معظم البنية التحتية الاقتصادية للمدينة التي اقتصر نشاطها على عمل المصانع والورش الصغيرة التي افتتحت في المناطق السكنية إلا أن هجرة اليد العاملة ترك أثراً سلبياً شل قدرتها على الاستمرار وأغلق تصريف منتجاتها بتناقص أعداد المستهلكين في السوق المحلية، ويمكن القول أن 50 بالمئة من الورش الصغيرة أوصدت أبوابها حتى مطلع أيلول الجاري بعد وفقد نصف عمالها وظائفهم في ظل تراجع سياسة التوظيف الحكومية إلى مستوى متدن جداً إلا بعقود موسمية غير مستمرة وبرواتب زهيدة جداً”.

ولفت زكي إلى أن معظم منشآت القطاع العام الصناعية في حلب خرجت عن الخدمة وتعرضت للنهب والتخريب أسوة بالمناطق الصناعية للقطاع الخاص لوقوعها في الريف أو في مناطق ساخنة “حيث جرى استباحة 33 ألف منشأة صناعية وحرفية في 44 منطقة صناعية باستثناء منطقتي العرقوب والشيخ نجار التي أقلعت فيها 160 منشأة صناعية فقط من أصل 614 منشأة كانت توفر العمل لـ 38800 عاملـ كما تلقت الصناعات النسيجية ضربة قاصمة وضعت حلب في ذيل قائمة المدن المتطورة في صناعة النسيج بعدما تبوأت المركز الأول إقليمياً، ولم تفلح بعد عمليات إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت المتضررة لدى القطاعين العام والخاص، أما الصناعة الدوائية فتبذل الحكومة جهود حثيثة لإنعاشها عن طريق زيادة أسعار الأصناف الخاسرة لتوفير الدواء المحلي بسعر يعينها على الاستمرار”.

وفيما يخص هجرة المسيحيين والأرمن بشكل خاص من حلب، أشار رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني أن مناطق المسيحيين تعرضت لهجمات مكثفة بالقذائف حولت شوارع كاملة إلى منكوبة “وخصوصاً الواقعة بالقرب من خطوط التماس، ما أجبر السكان على مغادرتها إلا أن أعداد لا بأس بها منهم ترفض ترك المدينة لمصيرها المأساوي على الرغم مما تعرضوا له من ترهيب أسوة بباقي سكان حلب، ويظل للأرمن الحلبيين وضع خاص لجهة خسارة بعض أحياء سكنهم وشغلهم مثل بستان الباشا والشيخ مقصود ووقوع أخرى على خط التماس مباشرة كالميدان الذي يشكل الأرمن غالبية سكانه، ولذلك اضطروا لمغادرة المدينة إلى مدن أخرى أو إلى لبنان أو أرمينيا التي يشكل الحلبيين الأرمن غالبية مهجريها الذين ينتظرون لفارغ الصبر فرصة عودة الأمن للعودة إلى مدينتهم جلب ووطنهم الأم سورية الذي لا غنى ولا بديل عنه في بقاع الأرض كافة”.

وحول إعلان حلب مدينة منكوبة بغية استثنائها من القوانين النافذة بحسب مطالب الصناعيين، أكد زكي أنه ولاعتبارات سياسية لا يمكن اتخاذ مثل هذا الإجراء حكومياً منعاً لاستغلال منافذ الخطوة من المنظمات الدولية “إلا أن الأخطر من ذلك أنه حتى لو تم تقديم تسهيلات ومغريات تشريعية خاصة بحلب فإن أصحاب الرساميل باتوا يرفضون توظيفها في مدينة شديدة المخاطر ومنخفضة العائدية، وهو ما يمكن لحظه في تراجع الحركة التجارية وإغلاق المحال أبوابها وعرضها للبيع أو الاستثمار على الرغم من انخفاض قيم عائدات الاستثمار والأسعار الحجرية بشكل كبير ولاسيما في المناطق المتاخمة لخطوط التماس”.

وشدد على أن الواقع الاجتماعي المزري دليل ما آلت إليه أحوال المدينة في المجالات كافة “حيث غدت شريحة كبيرة من السكان، ومعظمها واقع تحت خط الفقر، تعتمد في حياتها على المعونات الغذائية التي تقدمها جمعيات متخصصة في هذا المجال، ولولا تلك المعونات لعاش الأهالي حال ضنكة لا تعينهم على توفير مقومات البقاء في حدها الأدنى وخصوصاً في مناطق سكن المهجرين التي تفتقر لأبسط مقومات المعيشة والحياة الكريمة”.

وختم زكي حديثه بتجديد دعوته للحكومة السورية بإيلاء حلب الأهمية والمكانة التي تستحقها بين المدن السورية “لأنها في حال تحسين وضعها الخدمي والاقتصادي والمعيشي فإنها تشكل رافعة حقيقية للاقتصاد السوري وعامل قوة ودعم لموقف الحكومة التي ستجني الكثير من وراء تدعيم صمود حلب”.

scroll to top