في عام 1915 نفذت الإمبراطورية العثمانية أول إبادة جماعية في القرن العشرين، وهي الإبادة التي قررتها الدولة العثمانية ضد الأرمن، وخلال سنوات تخلص المتطرفون الأتراك من 1.5 مليون أرمني، حيث طالبت الحكومة العثمانية من جميع المشرعين المحليين والمحافظين جمع كل المواطنين الأرمن الذين يخضعون لولايتهم وشحنهم لحقول الإعدام.
ولكن محافظ حلب، محمد جلال بيك، الذي كان يعي تمامًا ما يعنيه هذا الترحيل، قرر ألا يترك مواطني محافظته يلقون المصير الذي قررته الحكومة، وبمجرد انتشار فرق جمع الأرمن في الشوراع، أرسل جلال بيك إلى الحكومة التركية يلتمسها أن تترك الأرمن في محافظته، مبررًا ذلك بأنهم لا يحدثون أي شغب أو مقاومة، وحين فشلت تلك الحيلة، أعلن عصيانه لأوامر الحكومة، وقام بنفسه بتوفير المأوي والملجأ لكل الأرمن الموجودين داخل حدود محافظته، وقدم لهم كل ما بوسعه من سبل المساعدة، وتشير كتب التاريخ أنه نجح في إنقاذ حياة الآلاف، رغم عدم وجود إحصائية محددة.
ورغم مجازفته بحياته وبمنصبه، ونجاحه بالفعل في إنقاذ حياة الألاف، فإن جلال بيك لم يكن راضيًا عن نفسه، وذلك لأنه لم يستطع سوى إنقاذ من هم داخل محافظته، ووقف عاجزًا امام أنهار الدماء التي تدفقت في بقاع أخرى ترزح تحت حكم الإمبراطورية العثمانية الطاغية.
في يونيو من عام 1915 جرى اقصاء جلال بك من منصبه عن إدارة حلب بسبب إصراره على مساعدة الأرمن وتعاطفه معهم.