يقصد بعبارة مخيمات دير الزور معسكرات الاعتقال تلك التي تم إعدادها لما تبقى من أرمن الأناضول القادمين من أوطانهم التاريخية أثناء السوقيات التي تمت في فترة الإبادة الجماعية الأرمنية التي خططتها ونفذتها حكومة تركيا الفتاة بقيادة الثلاثي المجرم: طلعت، انور، جمال. وبحسب القنصل الألماني في الاسكندرون فإن صحاري دير الزور استقبلت ما لا يقل عن 300.000 من الأرمن ممن طردوا من أوطانهم التاريخية بين الأعوام 1915-1916.
الصورة المرفقة: مجموعة من الأرمن الملتفين حول حصان ميت يستعدون لتناوله.
لمحة تاريخية:
تقول المعلومات التاريخية حسب البرقيات وشهود العيان والقناصل الغربيين المعتمدين لدى الإمبراطورية العثمانية أن السوقيات الأرمنية تمت باتجاهين، وجهة الأولى كانت دمشق على طول نهر الفرات، والثانية كانت وجتها صحاري دير الزور في قلب سوريا. ويقال أن المحافظ السوري العربي علي سعود بيك كان هو المسؤول عن دير الزور في الفترة الأولى لبداية عمليات الإبادة الجماعية الأرمنية والتي خلالها وصل إلى دير الزور ما لا يقل عن 30 ألف من أرمن الأناضول حيث قام المحافظ بحمايتهم لفترة مؤقتة إلى أنه تم فصله من منصبه وحل مكانه المحافظ زكي بيك المعروف بقسويته ووحشيته وولائه للسلطات العثمانية.
كان الأرمن في منطقة دير الزور التي وصلوها يضطرون في أغلب الأحيان إلى طهي الأعشاب الصحراوية لتناوليها وفي كثير من الأحيان كانوا يبحثون عن جثث الحيوانات ولا سيما الطيور الميتة لتتحول إلى وجبات تسد جزء من الجوع الذي سبب في فناء عشرات الألاف من أقرانهم أثنار رحلة الشقاء من الوطن في الشمال إلى الصحراء في الجنوب.
كما أن المنطقة التي وصلها الأرمن في صحراء دير الزور كان فيها كهفا عميقا حولها العثمانيون إلى ما يشبه السجن أو حتى المقبرة الجماعية إذ تم حشرها بآلاف الأرمن ممن تم حرقهم أو ما توا جوعا.
وبالرغم من أن المنطقة سميت بمنطقة مخيمات الأرمن إلا أن جميع التقارير تؤكد عدم وجود أي خيمة لإيواء أي عائلة أرمنية. ومن الواضح حسب التقارير الغربية أن العملية كانت تهدف إلى إفناء الأرمن من الوجود بأي شكل من الأشكال.
في الـ 20 من أكتوبر/تشرين الأول من العام 2008 تطرق الوزير الاسترالي جو هوكي إلى موضوع الوجهة النهائية للسوقيات الأرمنية فقال:
“في السنوات الثلاث الأولى التي تلت العام 1915 أمرت الحكومة العثمانية بترحيل ما تبقى من الشعب الأرمني في الإمبراطورية إلى معسكرات الإعتقال التي خصصت لهم في الصحاء السورية الممتدة بين مدينتي جرابلس ودير الزور. كانوا يسيرون على الأقدام في رحلة شاقة وطويلة وقاسية حيث اضطرت النساء والأطفال إلى المشي من الجبال وصولا للصحاري. في كثير من الأحيان أجبر هؤلاء الناس على التعري أثناء السوقيات وتعرضوا لسوء المعاملة بشكل متكرر. قتل مئات الألاف من الشعب الأرمني على طول الطريق.”
إحياء الذكرى:
في قرية مركدة السورية والتي تبعد 88 كلم من مدينة دير الزور تم تشييد كنيسة مخصصة لإحياء ذكرى شهداء الإبادة الجماعية الأرمنية والتي كانت تضم إلى وقت قريب بعضا من رفات وعظام الضحايا. يقوم السوريون واللبنانيون وعدد لا بأس به من الأرمن من جميع أصقاع العالم بالحج إلى هذه الكنيسة في الـ 24 من أبريل/نيسان من كل عام ضمن فعاليات يتم إقامتها بقدر عال من التنظيم والتي تتخللها إلقاء كلمات وخطب وإقامة الصلوات والقداديس.
_