لعلّ جائزة «آورورا» التي تطلقها مؤسسة «آيديا» في نسختها الأولى في 24 نيسان المقبل من العاصمة الأرمنيّة يريفان بعد الإعلان عنها في نيويورك بحضور الممثل العالمي جورج كلوني ـ وهو صديق للقضية الأرمنية وأحد المستشارين في برنامج «100 حياة» ـ الذي أطلق لمناسبة المئوية الأولى للإبادة العام 1915، هي خير دليل على حبّ الحياة لدى هذا الشعب المتألِّم عبر التاريخ.
واللافت أنّ هذه الجائزة التي تستهدف جميع الأشخاص الذين ضحّوا بشيء ما، سواء بثروتهم أو بصحّتهم أو خاطروا بحياتهم لإنقاذ آخرين، هي غير محصورة بالأرمن فحسب، وسيحظى الفائز بها بـ100 ألف دولار، بالإضافة إلى منحة مليون دولار يختار الفائز وجهة صرفها على أحد المشاريع الإنسانية حول العالم.
الجائزة هي خير دليل على الشعور بالامتنان الذي يكنّه الشعب الأرمني لجميع البلدان التي أنقذت آلاف الأرمن من المجازر الجماعيّة التي طاولتهم في زمن الإمبراطوريّة العثمانيّة، إذ قتل منهم مليون ونصف مليون شخص.
ولعلّ لبنان هو البلد الأول الذي يحظى إلى جانب سوريا بعرفان جميل كبير، وهذا ما يظهّره الأرمن بوضوح قلّ نظيره وبشكل مؤثّر جدّاً. فمدير مؤسسة «آيديا» روبن فاردانيان يقول متحدثاً عن المنح الدراسية لمدرسة «ديليجان» الثانوية الدولية، والتي ستخصّص لطلاب من لبنان ومصر وسوريا والأردن على مدى ثمانية أعوام، إنَّها نوع من الشكر لبلدان منحت الشعب الأرمني «فرصة ثانية للحياة بعدما كان ثمّة مشروع لإبادته، لكنّ شعبنا بقي حيّا وانتصر على الموت».
تكرّر الشخصيات الأرمنية الرفيعة التي التقيناها أنّ لبنان وسوريا هما أول بلدين استقبلا الأرمن، ومنهما انطلق الشعب الجريح الى بلدان العالم، يردد فاردانيان:» شكراً لمن منحونا فرصة ثانية للحياة، ولبنان وسوريا في طليعة هذه البلدان».
بالعودة الى جائزة «آورورا»، فهي، بحسب ما نكتشف في متحف المجزرة الأرمنية في يريفان، منسوبة إلى فتاة كانت تعيش في أسرة غنية وتبلغ من العمر 15 عاماً. اسمها آورورا مارديغانيان. تعرضت للخطف على أيدي العثمانيين، وبيعت إلى أحد التجّار العرب الذي باعها بدوره في سوق العبيد. ثم هربت إلى روسيا حيث اندلعت الثورة لتحط في رحلة المأساة التي عاشتها، في الولايات المتحدة الأميركية بمساعدة مرسلين أميركيين. هنالك، تلقّفها صحافيون أميركيون، وكتب أحدهم قصتها في كتاب: «أرمينيا المدمّرة» الذي تحوّل فيلماً بالأسود والأبيض جسّدت فيه آورورا وبعض الأرمن الناجين من المجازر مأساتهم. لكن الأميركيين، بعدما عرضوه لفترة، سحبوه من التداول تحت ضغط من تركيا، ولم يتبقّ منه سوى بضعة مشاهد يعرضها يومياً متحف يريفان ليبقي شعلة القضية الأرمنية مشتعلة كما الشعلة التي لا تنطفئ في خارجه.
بقلم: مارلين خليفة | نقلا عن السفير اللبنانية
لمزيد من الاستعلام عن الجائزة يمكن الدخول على الرابط الآتي: www.100lives.com