معروف في أرمينيا ثمة عرف دبلوماسي تتبعه الحكومة الأرمنية وهو إدراج زيارة نصب شهداء الإبادة الجماعية الأرمنية على جدول أعمال زوارها السياسيين وفي بعض الأحيان الفنيين والرياضيين أيضا أو حتى أي شخصية لها جمهورها وأهميتها في الزمن الراهن، ويقال أن يريفان قد نجحت بالفعل في إدراج الحديث عن الإبادة الجماعية الأرمنية في نشرات أخبار معظم دول العالم بفضل سياستها هذه إذ أنه يستحيل على الإعلام الفرنسي (على سبيل المثال لا الحصر) الحديث عن زيارة رئيسها أو أي من وزرائها إلى يريفان دون التطرق إلى زيارة هذا المسؤول الفرنسي لنصب شهداء الإبادة الجماعية الأرمنية.
ولكن ثمة ثلاث رؤساء دول فقط شذوا عن هذه القاعدة وسمحت لهم يريفان بذلك وقبلت استقبالهم رغم رفضهم المسبق لزيارة النصب. فمن هم هؤلاء:
الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد
قام الرئيس الإيراني السابق محمد أحمدي نجاد بزيارة رسمية إلى جمهورية أرمينيا أثناء توليه الحكم في بلاده إلا أنه لم يقم بزيارة نصب شهداء الإبادة الجماعية الأرمنية بالرغم من العلاقات الطيبة والمتينة بعض الشيء التي تربط إيران بأرمينيا لدرجة أن أذربيجان وتركيا يقولون أن طهران ساعدت أرمينيا كثيرا في حربها ضد أذربيجان لتحرير جمهورية آرتساخ من الإحتلال الأذربيجاني وقتها. أما عن سبب رفض نجاد زيارة النصب فكان التقارب الإيراني-التركي آنذاك الذي لم يكلل بالنجاح كما يبدو واضحا من تطور مجريات الأمور في الشرق الأوسط.
الرئيس السوري بشار الأسد
قام الرئيس السوري بشار الأسد والسيدة عقيلته بزيارة رسمية إلى جمهورية أرمينيا في يونيو/حزيران من العام 2009 حيث كانت وقتها دمشق تعيش شهر عسلها مع أنقرة، ولكن الأسد أصر على تقوية علاقات بلاده مع أرمينيا خاصة مع وجود جالية أرمينية صغيرة ولكن ذو دور كبير وفعال في بلاده. أيضا رفض الأسد أثناء ترتيب محطات الزيارة فكرة التوجه إلى نصب شهداء الإبادة الجماعية الأرمنية مع العلم أن والده (الأسد الأب) كان قد زارها سنة 1972 حين زار الاتحاد السوفيتي وقتها. أيضا يريفان وافقت على أن يزورها بشار الأسد دون زيارة نصب شهدائها نظرا لأهمية سوريا في السياسة الخارجية الأرمنية.
الرئيس التركي السابق عبد الله غول
لا نعلم إن كان الجانب الأرمني قد عرض على غول زيارة النصب أم لا ولكن أغلب الظن أنهم لم يفعلوا لأن الجواب معروف مسبقا.. ولكن يبقى غول أيضا أحد الرؤساء الثلاث ممن زاروا يريفان دون زيارة نصب شهداء الإبادة الجماعية الأرمنية. زيارة غول وقتها كانت لمتابعة مباراة كرة قدم بين الفريقين الأرمني والتركي ضمن التصفيات المؤهلة لمونديال 2010 آنذاك. وكانت في الخفاء تجري مفاوضات سرية برعاية سويسرية ودولية لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين والتي انتهت بتوقيع بروتوكولات زيوريخ المشؤمة سنة 2009 والتي – والحمد لله – لم تكلل بالنجاح، خاصة وأن معظم الشتات الأرمني وقف صفا واحدا ضدها كما عاد البرلمان الأرمني ليرفضها هو الأخر بعد رفض البرلمان التركي التصديق عليها.
إذا ثلاث رؤساء زاروا أرمينيا دور زيارة نصب شهدائنا.. ماذا إن قام رؤساء هذه الدول بزيارة أرمينيا مرة أخرى في الظروف الدولية الراهنية. هل يزورون النصب أم لا؟ الثالث لن يزروها بالتأكيد لأنه المجرم بعينه، ولكن ماذا عن الأول والثاني؟