في كل مرة أقرا (الطاشناق) أشعر ان هناك شيء يضرب على عصبي، خاصة وان هذا الحزب يجسد معظم أمانيي مع ان كل عائلتي في الطرف الآخر الهنتشاك. بعكسي تماماً. المهم لطالما اننا نملك زمام الثلاثة لغات الأرمنية واللاتينية والعربية فلماذا لا نكتب تاشناك وهذا هو الأقرب للغة العربية فلا ننجرف مع العرف. tashnag تكتب هكذا باللاتينية هناك التاء المشددة في اللغة الأرمنية وهي الـ (طو) ولكن تاشناك بالارمنية لا تكتب بالـ طو وإنما بالتاء المخففة (ت) وبالنسبة لآخر حرف وهو القاف هذا غير موجود في اللغة الأرمنية وبالتالي فإن أقرب حرف للحرف g هو الـ (كاف) وليس القاف على الاطلاق. وبالتالي tashnag تساوي تاشناك وليس أي شيء آخر. لطالما اننا نمتلك زمام اللغات الثلاثة فنحن من يجب ان يقرر لأننا أصحاب العلاقة فلا نترك لغيرنا القرار بأن يكتب tashnag طاشناق. لا يمكن أهمال أي جزئية مهما اعتقدنا بقلة أهميتها.
هناك طبيب صديق لي اسمه بوغوص آفيديان ورد اسمه في سجلات النفوس (بوغوص عويدان)! وكنت بصدد تأمين عرض أسعار له بهدف الحصول على قرض عندما طلب مني تصحيح اسمه من بوغوص آفيديان الى بوغوص عويدان فشعرت بأنني تلقيت حجر في القحف شجّ جمجمتي سألته عن السبب فقال: نفوس عائلتي كان في دير الزور وعند صدور قانون حكومة الانتداب الناظم للقيد القيد المدني والإحصاء… الذي شمل الأرمن ذهب جدي لتسجيل العائلة في النفوس فسأله مأمور النفوس عن اسم عائلته فأجابه: (آفيديان) فسجّلها مأمور النفوس عويدان لأن هذه الكنية كنية معروفة في دير الزور واعتقد مأمور النفوس في دير الزور أنه قدّم لجدي خدمة العمر دون أن يعلم بأن مليون جدّ لا يجمع بين عائلة عويدان وعائلة آفيديان… وبالتالي فلقد خلط مأمور النفوس هذا السموات بالقبوات.
يجب ان لا نرضخ لمفاعيل الابادة ولا إلى نتائجها … نحن لا نحتاج لا الى أسماء ولا الى كنيات غريبة في أسمائنا لا فرنسية ولا عربية ولا تركية ولا أميركية ولا روسية على الاطلاق.
عند تقديمي لإمتحان السيرتفيكا (السادس الابتدائي) عند الدولة، دخلت راهبة قاعة الامتحان وقالت لي أكتب اسمك على ورقة الامتحان آرا بابو!!! ولا تكتب آرا سوفاليان. أيضاً حجر أصاب عظم القحف في رأسي. سألت الراهبة لماذا؟ قالت: لا أعرف إن اسم عائلتك في النفوس ليس سوفاليان بل بابو. اكتب اسمك آرا بابو وإلا فستسبب لنا مشكلة مع الامتحانات. كتبت بابو وعدت الى البيت وانا غاضب وحانق وانتظرت حتى جاء أبي وسألته عن هذه الكنية الغريبة فقال لي: نعم هذه كنيتنا لدى الدولة وفي النفوس. قلت له: ومن أي كوكب جاءت هذه الكنية ودخلت في سجلات الدولة؟. قال لي: كان جدك ضابط في الجيش الفرنسي وكافة الضباط في الجيش الفرنسي يتم تبديل أسماؤهم المدنية بأسماء عسكرية تيمناً بضباط فرنسيين قدماء صنعوا مجد فرنسا. وكان اسم بابو وهو pabou كما يكتب بالفرنسية هو اسم ضابط فرنسي حارب على الجبهة الايطالية أيام نابوليون وانتصر بمعركة مصيرية. وبالتالي فإن جدك صار أسمه بحسب السجلات العسكرية آرا بابو وليس آرا سوفاليان.
قلت له: من سابع المستحيلات أن تُفرض عليّ كنية لا تتعلق بي وليس فيها يان وتنكرني وتنكر انني أرمني. قال لي: لا يوجد حلّ قلت: يوجد ألف حلّ. وكان لوالدي محامي هو الاستاذ فخر الدين الصاحب ومكتبه في بناية النفوس في المرجة وكانت تجمعني به صداقة مميزة رغم فارق العمر سببها أننا نشترك في حب هواية جمع الطوابع. وطلبت من والدي ان يصحبني الى مكتب فخر الدين الصاحب عند اول زيارة قادمة له. شرحت القصة للمحامي فقال لي: ما الفرق انه مجرد اسم قلت له: الفرق هائل اريد كنيتي الحقيقية الأرمنية وانا لا علاقة لي بفرنسا وبكل تاريخها القديم والحديث وكل ضباطها وأبطالها. بالنسبة لي كنيتي الأرمنية تساوي مال الأرض. فهل تصحيحها ممكن أم غير ممكن. قال لي: سيؤدي التغيير الى تبديل كافة الوثائق المتعلقة بعائلتكم وهذا متعب. قلت له: أبي موافق وسيدفع التكاليف. ورفع الاستاذ فخر الدين الصاحب دعوى على امين السجل المدني وكان يعرفه وطلب منه التغيب لثلاثة مرات متتالية فتغيب وربحنا الدعوى وصرت آرا سوفاليان ويدين لي اخوتي وأبناؤهم وأحفادهم بهذه النعمة (نعمة أن تكون كنيتنا أرمنية)
وبالنتيجة: يجب ان لا نرضى بتشويه أسمائنا بعد المجزرة الكبرى ويجب ان لا نرضخ لكافة الآثار الناتجة عن الابادة العظمى للشعب الأرمني وما سيتأتى عنها وهذه المفاعيل مستمرة ومتزايدة لأن المشكلة بقيت حتى الآن بدون حلّ. وأيضاً لا حاجة لنا بكل الكنيات التركية في هوياتنا وشهاداتنا وجوازات سفرنا. يجب تجريف الخلايا السرطانية التي لحقت بنا بسبب الابادة والتخلص منها عن طريق الكيّ بالنار. وهذا يستلزم حملة على صعيد الأمة الأرمنية. شعارها لا للأسماء الغير أرمنية. قد يخطر في بال البعض ما خطر في بالي عندما تم تثبيت كنيتي الحقيقية (سوفاليان) في سجلات النفوس عن معنى كلمة سوفاليان.
لقد بحثت في الأمر ووصلت الى أكثر الاحتمالات منطقية. Souvalian سوفاليان كلمة مركّبة لا يوجد لها معنى أو مقابل بالتركية ومعناها الحقيقي الفارس وهذه الكنية لبستنا لأننا بالاصل من مملكة كيليكيا الأرمنية الغربية وكانت مدينة ملاطية التي ننحدر منها من أعمال مملكة كيليكيا وعلى الحدود الشرقية للمملكة فنحن من آربكير التابعة لملاطيا وهذه المملكة أنشأها وقوّاها الفرنسيون في مرحلة الحملات الصليبية وبالتالي فلقد دخلت بعض الأسماء والمعاني الفرنسية في صلب لغة أهل كيليكيا الذين كانوا يتحدثون الأرمنية الغربية السبورك. وكلمة سوفاليان مشتقة من Chevallier بعد الادغام والدمج ما بين الفرنسية الوافدة مع الصليبيين والأرمنية السبورك وهي تعني الفارس والجدير بالذكر انه تم ادراج اسماء دخيلة نتيجة التمازج بين أرمن كيليكيا وجموع القادمين في الحملات الصليبية الذين أنشؤوا مملكة كيليكيا الأرمنية الغربية ونصّبوا عليها الملك ليفون وصكوا له النقود وجعلوا من كيليكيا سلة الغذاء وموطن العناء والمشقة وسرقة الغلال والأرزاق والعمق الاستراتيجي لدعم الحملات الصليبية وهربوا جميعاً الى اوروبا وعادوا الى بيوتهم وقصورهم بعد الانهيار الذي لحق بالحملة في مجملها وتركوا الأرمن بين ألسنة النار يدفعون الثمن المتعلق بذنب لم يرتكبوه بعد أن ذاقوا الأمرّين من القادمين الجدد المستعمرين (أهل الحملات الصليبية وقادتهم وملوكهم) ومن المنتصرين الذين تركوا الصليبيين وشأنهم وأنقضّوا على الأرمن يقتصّون منهم، وهذا حظ الأرمن على مدى التاريخ.
ربما يضيف هذا الأمر بعض الشرعية اذا علمنا ان هناك لهجات اضافية تم اشتقاقها من لهجة ارمينيا الغربية المسماة (سبورك) وقد تعددت الاشتقاقات فظهرت لهجات غريبة جداً حتى عن السبورك مثل لهجة أهل جبل موسى اندمجت فيها كلمات ارمنية وأخرى فرنسية …وفي المحصلة وكخطوة أولى لا بد منها يجب على الأقل استبدال الكنى التركية واستبعادها لمرة واحدة والى الأبد يجب استبدالها بكنى أرمنية…ولا بد من رفع القبعة لمن بادر بعمل ذلك والأمثلة كثيرة فالشيء الذي يدعو للغرابة بل والى الاستهجان أن يتكنى أرمني بكنية تركية والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى وهذا باق حتى اليوم على الرغم من مرور 99 عاماً على الابادة الكبرى.
تمنيت وبشدة ان تتم تسوية هذا الأمر على الأقل عند استصدار الجوازات الأرمنية الجديدة لأرمن المغترب ولو انه حدث ذلك لكانت بارقة مجد تكلل جباه أصحاب الفكرة وفي كل الأحوال فلا زال هناك متسع من الوقت لتحقيق حلمي وهو تطهير كل أسماء عائلات الأرمن من الكنيات التركية لمرة واحدة والى الأبد لأنه ليس هناك شيء أفظع من ان تتمسك بلغة أعدائك وقاتليك وأين؟ …في اسم عائلتك.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
17/07/2014
[email protected]