بدأت المذابح التى نفذها الأتراك ضد الأرمن عام 1876 ومرت بثلاث مراحل حتى انتهت عام 1923، فلجأت أعداد كبيرة منهم إلى مصر عام 1915، حيث استقبلتهم مدينة بورسعيد وقتها بالترحاب.
وتنشر «الوطن» التي عنها ننقل هذا الخبر وثيقة بخط اليد، يبلغ عمرها 106 أعوام، تشهد على رؤية مصر الإنسانية والدينية الرافضة لجرائم الإبادة التى كانت تُنفذ آنذاك ضد أبناء هذه الطائفة لأسباب عرقية، حيث قضت فتوى سليم البشرى، شيخ الأزهر وقتها، الصادرة عام 1909 بتحريم قتل الأرمن، باعتبار أن هذه الممارسات «تلحق العار بالإسلام».
قال شيخ الأزهر فى الوثيقة: «طالعتنا الصحف المحلية بأخبار محزنة وشائعات سيئة عن مسلمى بعض ولايات الأناضول من المماليك العثمانية، وهى أن بعضهم يعتدون على المسيحيين فيقتلونهم بغياً وعدواناً، فكدنا لا نصدق ما وقع إلينا من هذه الشائعات ورجونا أن تكون باطلة، لأن الإسلام ينهى عن كل عدوان ويحرم البغى وسفك الدماء والإضرار بالناس كافة، المسلم والمسيحى واليهودى فى ذلك سواء، فيا أيها المسلمون فى تلكم البقاع وغيرها احذروا ما نهى الله عنه فى شريعته الغراء، واحقنوا الدماء التى حرم الله إهراقها ولا تعتدوا على أحد من الناس فإن الله لا يحب المعتدين».
واستشهد شيخ الأزهر بالآية القرآنية فى قوله تعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم، أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين»، وتوجه إلى المسلمين محذراً إياهم من ارتكاب ما حرمه الله عليهم فى الكتاب والسنة. وأضاف «البشرى»: «لا والله ما داس امرؤ حريمهم -ما انتهك شرف نسائهم- ووضع السيف فيهم وبنى عليهم، إلا كان ناقضاً لما أخذ الله على المسلمين من عهد وأوجب عليهم من أمر، فيا أيها المسلمون لا تجعلوا للعصبيات الجنسية سلطاناً عليكم، ولا للتشيع للعناصر سبيلاً إلى نفوسكم، فإن هذه حمية الجاهلية التى ردها الإسلام ونعى على أهلها، ولقد كان لكم فى رسول الله أحسن أُسوة وفى أصحابه العافين خير قدوة، ولو أنكم لم تسمعوا مقالة جاهل ولم تقعوا لسلطان الهوى لملكت عليكم رحمة الإسلام مشاعركم، ولوجدتم عن سفك الدماء منصرفاً».
كما استشهد الشيخ «البشرى» فى نهاية فتواه بالحديث الشريف: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة 40 عاماً». ويذكر أن منطقة «أضنة» شهدت المذابح التى على أثرها أصدر شيخ الأزهر فتواه، وتقع أضنة على ضفتى نهرى «جيجان» وسط السهل القيلقى، وكان الأرمن يسيطرون على الحياة الاقتصادية للمنطقة وقتها، قبل أن تقوم الدولة العثمانية بتنفيذ المذابح، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 30 ألف أرمنى من «أضنة» وضواحيها.
فيما يلي الفتوى الصادرة عن الأزهر: