عندما تكشف شبكات الأخبار العالمية، المرئية و المسموعة و المقروءة، نبأ دخول المشتبه بها شريكة حميدي كوليبالي حياة بومدين إلى تركيا من مطار استامبول، و اجتيازها عبر أراضيها من الحدود الجنوبية إلى سوريا، و عندما يجتاز مئات، لا بل آلاف الإرهابيين من تركيا إلى الداخل السوري لِ قتل السوريين و السوريات، و لِ تدمير البنى التحتية فيها، و عندما تقوم الدولة التركية بِقضها و قضيضها بِسرقة المعامل و المصانع و المنشآت الصناعية و الاقتصادية من السوريين في وضح النهار، و عندما تعمل تركيا على زعزعة أمن و استقرار دولة بِحجم مصر، من خلال دعمها للإرهابيين المنضوين تحت نفس العباءة التي يرتديها أردوغان، عباءة الإخوان، هل يمكن أن نغفل دور هذه الدولة في أحداث كَالتي حصلت في باريز؟.
نحن شاهدنا رؤساء دول و رؤساء حكومات و وزراء و رجالات دولة و سفراء في المسيرة الدولية التي تمّت في باريز، و كان من بين المشاركين ممثلين لِدولتين مثيرتين للجدل على المستوى العالمي، و هما دولة إسرائيل، و دولة تركيا. لقد سارعت تركيا و قفزت قبل غيرها على خشبة المسرح – كَالعادة – و راحت تعزف على نفس الاسطوانة المشروخة. (النفاق، التدليس والتمثيل)، عرضت بضاعتها القذرة على هؤلاء العربان المغفلين، خطابات، شعارات، تحريضات و دعوات للموت بدلا عنها، و كانت إدانة مشاركة رئيس حكومة دولة إسرائيل الديمقراطية في مسيرة باريس الماركة المسجلة لدى بني عثمان وأتباعهم عربان البوادي، ما يدعو لِلعجب و الدهشة هو عدم رؤية السيد أردوغان لِسفير مملكة النفط، مملكة آل سعود في المسيرة، و من الغريب أيضا ألاّ يكون على علم بِالإدانة التي صدرت من منظمة العفو الدولية – مقرها بريطانيا – على الحكم الصادر من المحاكم السعودية بِحق المحامي الناشط السعودي رائف بدوي. والحكم هو جَلْد رائف ألف جلدة و السجن عشر سنوات، بعد إدانته بِارتكاب جرائم تتعلق بِالإنترنيت و بِالإساءة لِلإسلام، و وصفت المنظمة جلده بِالتجاهل البغيض لِمعظم المبادئ الأساسية لِحقوق الإنسان.
إن جريمة رائف يا سيد أردوغان هي نفس جريمة محرري و رسامي و كتاب شارلي إيبدو، الإساءة لِلإسلام و رسول الإسلام، أي أن مملكة السيد سفير السعودية المشارك في المسيرة هي الاخرى حكمت على نفس الجرم الذي ساقه هؤلاء الإرهابيون اعضاء العصابات الوهابية وابن التيمية و ابن الباز و ابن العثمان، يعني أن قاتل القتيل يمشي في جنازته، و رئيس حكومتك السيد داوود أوغلو هو الآخر قاتل القتيل و يمشي في جنازته، لأن دولتكم هي الأخرى تقتل الصحفيين و أصحاب الرأي الحر، إنكم قتلتم الصحفي هرانت دينك في 19 يناير2007، الكاتب في صحيفة زمان اليومية، و رئيس تحرير صحيفة آغوس بِالتواطؤ مع الأجهزة المخابراتية، بهذه المناسبة، قالت نيكولا داكويرث، مديرة برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية، إن “هرانت دينك قد قُتل لتعبيره عن آرائه السلمية، ومن الواضح أن ذلك تم بموافقة ضمنية من قبل عناصر تعمل في أجهزة تنفيذ القانون التركية”.
إنكم قتلتم الصحفيين و الأدباء و المفكرين و أصحاب الرأي الحر في اليونان و بلغاريا و الكستانتينية و سوريا و لبنان، إنكم قدوة لِممالك الإرهاب و الفساد و الظلام، ألم تقرأ ما قاله هتلر حين قرّر ارتكاب الهولوكوست بِحقّ اليهود؟ إنه استشهد بِجريمة العصر التي ارتكبتموها بِحقّ الأرمن. اقرأ ما قاله هتلر:
“بعد كل ما حدث، من يذكر اليوم الإبادة الأرمنية”… آدولف هتلر
بهذه الكلمات التي قالها هتلر يوم الـ 22 من أغسطس/آب سنة 1939 أراد أن يشجع الجنود على ارتكاب أفظع الجرائم وعدم الرحمة لا للصغير و لا للكبير مطمئنا الجميع أنه ما من أحد يستطيع محاسبتهم على أفعالهم، والدليل الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن حيث لا أحد يذكرها أو يذكر مرتكبيها اليوم (يقصد سنة 1939). إنكم تنافقون و تمثلون و تكذبون (آسف على ذكر هذه الصفة) على العالم و على العربان و على شعوبكم، لقد مثّلتم في مؤتمر دافوس حين انسحبتم منه بعد المشادة “التمثيلية” مع شيمون بيريس رئيس دولة إسرائيل، و نافقتم و مثّلتم في سفن الحرية إلى غزة، نافقتم و كذبتم و سرقتم في مسألة سورية، نافقتم و كذبتم في إدانتكم لِ مشاركة بنيامين نتنياهو في مسيرة باريز، هل لكم أن تخبروا العالم، و العربان و أمة محمد عن الخلافات التي بينكم و بين اليهود الآن و في زمن أجدادك السلاطين؟ هل سَتذهب لِلنفاق والكذب حول علاقاتكم مع أسيادكم و مؤسسي البانتورانية، و تقول لِلأمة العربية والإسلامية بِأنكم على خلاف وخصام مع الدولة اليهودية، وأنكم لا تعترفون بِهذا الكيان المصطنع؟؟ سَأعفيك من الإجابة والحرج، وأتولى توضيح ما بينكم و بين اليهود.
لقد أثبتت الوثائق التاريخية أن / 22 / مستعمرة يهودية أقيمت في فلسطين في عهد السلطان عبد الحميد والحكومة الاتحادية بين عامي ( 1882 – 1913 )، و أن نزعة التفوق العرقي التي انتشرت في أوساط زعماء الامبراطورية العثمانية، و التي تحولت فيما بعد إلى الحركة الطورانية، جاءت من الكتاب والمفكرين الأجانب واليهود، فَهذا (قسطنتين بروجتسكي) مفكّر يهودي بولوني نشر كتابا عام / 1889 / بِعنوان (الأتراك القدامى والجدد) و بِاسم مستعار (مصطفى جلال الدين باشا) يروي أساطير حول أمجاد العرق التركي في التاريخ القديم، و يحرّض الأتراك العثمانيين الجدد و يدفعهم إلى استرداد الأمجاد الضائعة…إلخ، كذلك حدّد اليهودي الألماني (فرانز فون فرنر) مهمات الأتراك الجدد و برنامجهم السياسي عبْر نشرة فيها تحضير لِ ميثاق تركيا الفتاة، تحت اسم مستعار أيضا (مراد أفندي). أمّا أكثر المحرّضين على فكرة التفوق التركي كان (ألبرت كوهين) من سالونيك و اسمه المستعار (تكين ألب) إذْ ألّف كتابا بِ اللغة الألمانية عنوانه / تركيا و البانتركية / يدعو فيه إلى وجوب توحيد الشعوب المتحدرة من أصل تركي وتتريك الشعوب غير التركية.
إنكم فعلتم كل ما كُتِب و خُطِط لكم بِحذافيره ومن الآباء الروحيين (الصهاينة) كما تصفون اليهود نفاقا و تدليسا، ألم يحنْ الزمن و الوقت المناسب لِتُساق امبراطوريات و ممالك الموت والظلام إلى محكمة العدل الدولية على خلفية جرائمها المشينة بِحقّ الإنسانية، مضافا إليها جريمة شارلي إيبدو؟؟!
بقلم: فاهان كيراكوسيان، سوريا | 18 يناير 2015