عندما جاء حزب العدالة والتنمية في تركيا الى السلطة في 2002 كان مؤسسه رجب طيب اردوغان يترك انطباع المسلم التقي الذي يرغب في إزالة الفساد وتحسين المستوى المعيشي لمواطني تركيا. خلال السنوات الثلاث عشرة الأخيرة تحول اردوغان تدريجياً الى طاغية فاسد مهووس بنزعات السلطان العثماني العصري.
هل يا ترى كان هو منذ البداية ذئباً لبس ثوب الحمل أم أنه تراخى بسبب الدعم الأعمى للمجتمع الدولي وإطرائه؟ الجدير بالذكر أن الرئيس اوباما كان يسمي اردوغان أحد القادة الخمسة في العالم الذين يعتبرهم قريباً إليه. لقد فهم اوباما وقادة الدول الأخرى أخيراً أن الجنّ الذي خلقوه خرج من القنينة والسيطرة. وكان الضحية الرئيسي لإستغلال اردوغان الثقة الرئيس السوري بشار الأسد.
إن المقاطع المدرجة أدناه من تصريحات اردوغان والقادة الأتراك، كما قدمها معهد بحوث وسائل إعلام الشرق الأوسط، تظهر مدى تغطرسهم.
في خطابه خلال مؤتمر الجمعية البرلمانية للدول الإسلامية الذي انعقد في اسطنبول في 21 يناير كانون الثاني كان اردوغان شبيهاً أكثر بزعيم دولة إسلامية أكثر من كونه رئيس دولة عضو في حلف شمال الأطلسي وذلك عندما ناشد الدول الإسلامية “بالوحدة لإلحاق الهزيمة بأتباع لورنس العرب الذين يحاولون تفكيك الشرق الأوسط”. وقد اتهم الغرب في تدبير مؤامرة ضد العالم الإسلامي وقتل المسلمين.
خلال زيارة الى جيبوتي مؤخراً تفاخر اردوغان “بأن تركيا دولة قوية. إذا كنتم (الاتحاد الاوروبي) تنظرون الى تركيا كدولة تتوسل أمام أبوابكم (الاتحاد الاوروبي) فإن تركيا ليست الدولة التي تتوسل”. ورداً على الانتقاد الاوروبي بشأن العقوبات المفروضة على وسائل الإعلام في تركيا صرح اردوغان موجهاً كلامه للقادة الاوروبيين “احتفظوا بأفكاركم” مضيفاً “تعالوا الى تركيا لنلقن لكم العِبر عن الديموقراطية”.
نائب رئيس الحكومة التركية نعمان كورتولموش خلال مرافقته اردوغان في جولة الى افريقيا استخدم بدون خجل ورقة العنصرية موجهاً كلامه للسكان المحليين “بعد انهيار الدولة العثمانية يرى الأفارقة اليد البيضاء لأول مرة والتي لا تستثمر مناجمهم ولا تزيل قيمهم ولا تعمل على انصهارهم أو تنظر إليهم كمخلوقات من درجات دنيا. هم يرون اليد البيضاء لتركيا التي تقبلهم جميعاً كطرف متساوو وكإخوة… نحن نحاول مساعدة هؤلاء السود ذوي القلوب الحنينة لينهضوا”. م
ن المحتمل أن كورتولموش كان يأمل في أن مستمعيه الأفارقة لا يعلمون أن اردوغان يستعمل كثيراً مصطلح “الزنجي” العنصري والازدرائي لوصف الناس من الدرجات الدنيا… لم يرغب رئيس الحكومة داود اوغلو في أن يبقى بعيداً عن غطرسة وتعصب اردوغان وكورتولموش وصرح في تجمع حاشد لسكان أتراك في زيوريخ في الشهر الماضي “أن الإسلام هو الدين الأصلي لاوروبا وسيبقى كذلك. رغم العراقيل والتحامل والاستفزازات العديدة ستواصل تركيا مسيرتها نحو الاتحاد الاوروبي… برحمة الله لن نحني رأسنا أبداً. نحن أحفاد الأبطال الذين قاتلوا في غاليبولي الذين لم يحنوا رؤوسهم أبداً. عندما جئنا الى السلطة في 2002 قالوا (الاتحاد الاوروبي) لنا إن تركيا دولة فقيرة وضعيفة جداً وستكون عبئاً على اوروبا. نشكر الله، لأن تركيا قوية اليوم… لسنا عبئاً على اوروبا. تركيا علاج لاوروبا… تركيا علاج لمرض عنصريتهم. نحن علاج لركودهم الاقتصادي. نحن علاج لفقدان قوتهم… من الاندلس (اسبانيا) وحتى الدولة العثمانية وقبل نصف قرن جاءوا الى هنا بمسيرة شعبنا المقدسة من كل أطراف الاندلس، إن صوت الأذان أتى بهؤلاء الأبطال الى اوروبا. إن قبب المساجد التي نشروها في هذه القارة ستكون محمية، سنحاول النضال ضد الأيادي التي تحاول الاضرار بها. أقبّل جبهات إخواني الذين أوصلوا التكبير الى زيوريخ… كم كانوا مقدسين اولئك الذين جاءوا الى هنا وسيواصلون بعزم الله التحول الى شجرة كبيرة للعدل في مركز اوروبا. لا يمكن لأحد أن يوقف هذا…”.
لقد استمر داود اوغلو في تصريحاته المتغطرسة الأسبوع الماضي، ولكن هذه المرة في أنقرة عندما قال لممثلي الأقليات القومية “سنلقن الدرس للعنصريين في اوروبا”.
هاروت ساسونيان، محرر وناشر صحيفة “كاليفورنيا كورير”