ركز اللقاء الذي عقدته لجنتا الحريات العامة وحقوق الإنسان والمصالحة الوطنية في مجلس الشعب مع السفير الأرميني بدمشق أرشاك بولاديان ومطران الأرمن الأرثوذكس لأبرشية دمشق وتوابعها أرماش نالبنديان والوفد المرافق على التحضيرات الجارية لفعاليات إحياء الذكرى المئوية الأولى للابادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على يد العثمانيين.
وأكد أعضاء اللجنتين خلال اللقاء الذي جرى في مجلس الشعب عمق العلاقات التاريخية والحضارية التي تجمع الشعبين السوري والأرميني وهو ما تجسد في احتضان سورية للأرمن إبان ما تعرضوا له من إبادة حيث انخرطوا في المجتمع واصبحوا مكونا اساسيا من مكونات الشعب السوري وأغنوا مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية فيها.
ولفت الأعضاء إلى أن سورية تمتاز بهويتها الجامعة لحضارات وثقافات متراكمة عبر التاريخ وجزء منها الثقافة الأرمينية معتبرين أن “ما يجري من اعتداءات التنظيمات الإرهابية في شمال سورية بدعم من حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان استكمال للوحشية العثمانية التي طالت الأرمن وغيرهم من مكونات الشعب السوري الأخرى”.
وطالبوا بضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ولا سيما منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونيسكو مسؤولياتها في إدانة ما يتعرض له التراث المادي واللا مادي الحضاري الذي يربط بين الشعوب في سورية والمنطقة من تدمير وتخريب ممنهج واعتباره جريمة ضد الإنسانية وتحميل “الحكومة التركية مسؤولية تسهيل ذلك”.
ولفت رئيس لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في المجلس بديع صقور أن اللقاء يؤكد متانة العلاقات الأخوية بين الشعبين السوري والأرميني ووقوفهما صفا واحدا ضد ما يتعرضان له من إبادة وإرهاب.
من جهته اعتبر رئيس لجنة المصالحة الوطنية في المجلس عمر أوسي أن ما “تعرض له الشعب الأرميني من تطهير عرقي وإبادة جماعية من أكبر الجرائم التي ارتكبتها الدولة العثمانية لمحو خصائصه الحضارية وهو ما تكرر مؤخرا على أيدي العثمانيين الجدد من أردوغان وحاشيته من خلال تقديم الدعم المباشر والكبير للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف جميع مكونات الشعب السوري بما فيها الأرمن”.
وأكد السفير الأرميني بدمشق بولاديان أهمية اللقاء لمناقشة الحدث الأليم الذي جرى للشعب الأرميني قبل مئة عام معربا عن تقدير بلاده حكومة وشعبا لمواقف سورية الإنسانية حيال الأرمن واحتضانها لهم بعد أن شردوا بكل بشاعة وقسوة من أرضهم فأصبحت بالنسبة لهم طريق الحياة.
بدوره أكد المطران نالبنديان أهمية الحوار والعمل المشترك وتوحيد المواقف وإدانة كل الإبادات والجرائم التي تعرض لها الشعب السوري والأرمن وغيرهم من المكونات الأخرى لافتا إلى “أن الشعب الأرميني شاهد على محبة وانسانية السوريين وإسلامهم الصحيح”.
وقدمت أستاذة التاريخ في الإبادة الأرمينية ومسؤولة اللغة الأرمينية بجامعة دمشق الدكتورة نورا ارسيان لمحة عن الإبادة وأسبابها ومراحلها وأهمية الاعتراف بها دوليا موضحة أنها “عمليات الافناء والتصفية التي تعرض لها الشعب الأرميني في وطنه ارمينيا الغربية بين عامي 1915 و1923 على أيدي الامبراطورية العثمانية ولاحقا من قبل الحكومة الكمالية والتي ذهب ضحيتها زهاء 1.5 مليون أرمني”.
وأكدت أن الصحافة السورية كانت أول من أعطى “توصيفا صحيحا عام 1917 لما جرى للأرمن بأنه إبادة جماعية وذلك في جريدة القلم الحديدي والقبس والمستقبل” فضلا عن تناولها في الأدب والفن السوري.
بدوره لفت عضو الهيئة المركزية لإحياء الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية في سورية الدكتور سركيس بورنزسيان إلى أن عام 2015 أعلن عاما لإحياء الذكرى المئوية للإبادة في أرمينيا والعالم وستكون أبرز محطاتها يومي 23 و24 نيسان القادم ولذلك تم إنشاء هيئة مركزية خاصة لإحياء هذه المناسبة في أرمينيا وتتفرع عنها هيئات فرعية في مختلف الدول ومنها سورية مؤكدا أن الأرمن “متمسكون بثقافتهم وهويتهم الأرمينية وعلى الحفاظ على سوريتهم وإخلاصهم لبلدهم سورية كمواطنين سوريين ويأملون في عودة الأمن والسلام إلى ربوعها”.
حضر اللقاء مراقب المجلس الدكتور عبد السلام دهموش وممثل الأرمن الكاثوليك الأب جورج باهي وعدد من أعضاء الهيئة المركزية لإحياء الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية في سورية وأعضاء اللجنة التنفيذية لمطرانية الأرمن الأرثوذكس.
وكان المطران نالبنديان أعلن في السادس من كانون الثاني الماضي انطلاق فعاليات إحياء الذكرى المئوية للإبادة الجماعية التي ارتكبها العثمانيون عام 1915 بحق الأرمن والسريان والكلدان كجزء من فعاليات علمية ستمتد على مدى العام وأبرز محطاتها في نيسان برفع شهداء الإبادة إلى مرتبة القديسين.
المصدر: سانا