صحيفة اليوم السابع، 16 فبراير 2021 — شنت صحيفة “أحوال” التركية المعارضة هجوما عنيفا ضد إدارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بسبب دعمه الهجوم العسكرى على الأرمن، ودعت الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى فرض عقوبات على أردوغان.
وأشارت الصحيفة إلى أن القوات المسلحة الأذرية هاجمت فى 27 سبتمبر 2020 قرة باغ، المعروفة باسم أرتساخ للأرمن، وكانت مدعومة بالجيش التركي والمرتزقة الجهاديين بطائرات مسيرة ومدفعيات ثقيلة وأنظمة صواريخ وقوات خاصة، وقُتل ما لا يقل عن 3500 أرمنى ونزح أكثر من 100 ألف مدني خلال 44 يوما من الصراع العنيف.
وذكر شهود عيان، أن الجنود الأذريين شوّهوا الجثث وقطعوا رؤوس المدنيين واستخدموا أسلحة محظورة مثل القنابل العنقودية والفوسفور الأبيض، وأصبحت العقوبات بذلك ضرورية لمحاسبة الجناة على جرائمهم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
ونشرت تركيا ما يصل إلى ألفى متطرف من سوريا وليبيا، ووعدت بمنح مكافآة لقتل الأرمن. وتعدّ هوية قادة الجهاديين فى هذا النزاع معروفة.
شارك قائد فرقة الحمزة التابعة للجيش الوطني السوري، الملقب بسيف أبو بكر (سيف بولاد)، في “عملية غصن الزيتون” بعفرين السورية، والحرب الأهلية الليبية، برعاية تركية. وهو في منصبه القيادي منذ سنة 2016.
وفي 2013، ظهر بولاد فى فيديو لداعش. ويعتبر مع أتباعه من المرتزقة، مسؤولين عن جرائم حرب متعددة، بما فى ذلك اختطاف النساء الكرديات والقمع الوحشي في عفرين. ويبقى أحد قادة المرتزقة الأكثر دعما في تركيا. وقيل إنه نُقل مع حوالي 500 من رجاله إلى أذربيجان للقتال في الحرب الأخيرة.
وقاد فهيم عيسى (عيسى التركمانى) فرقة السلطان مراد التابعة للجيش الوطني السوري منذ سنة 2015 على الأقل. وشارك مباشرة في عملية “درع الفرات” التركية في شمال سوريا، وعملية “غصن الزيتون”، والحرب الأهلية الليبية. كما اتُهم بارتكاب جرائم حرب مع فرقته. وشملت تعذيب الجنود الأكراد والقصف العشوائي الذي أصاب المدنيين.
ويقود محمد الجاسم، الملقب بـ”أبو عمشة”، “لواء السلطان سليمان شاه”، الذي برز في 2018 كواحد من أكثر الفصائل وحشية في عفرين. إذ صادرت الممتلكات واختطفت أفرادا مقابل فدية وتدر 12 مليون دولار سنويا. كما تتهم بالاغتصاب والقتل. ومثل عيسى وبولاد، كان الجاسم مجندا مهما بين المرتزقة المدعومين من تركيا في ليبيا.
ومن بين مجرمي الحرب الجهاديين الآخرين، نذكر أحمد عثمان من فرقة السلطان مراد، والقائد العسكري أبو جلال في فرقة الحمزة، ومحمد العبد الله الذي ترأس المكتب السياسي لفرقة الحمزة، والقائد العام في فيلق الشام فضل الله الحجي، وهو وكيل تركي مهم يقاتل في سوريا وليبيا، وله صلات بجماعة الإخوان المسلمين والقاعدة في محافظة إدلب السورية.
وذكرت الصحيفة أن هؤلاء الجهاديون لم يتحركوا من تلقاء أنفسهم. إذ يُتُّهم رئيس المخابرات التركية، هاكان فيدان، بتنظيم عملية قرة باغ. وكان القادة الأتراك يديرون العمليات الميدانية. فقد أشرف اللواء بهتيار إرساي، وهو رئيس مديرية العمليات للقوات البرية التركية، على هيئة الأركان العامة الأذرية في قرة باغ. وهو قائد سابق للواء الكوماندوز الثاني التركي، والذي اشتهر بقسوته على المدنيين الأكراد في شمال سوريا. وانضمت الميليشيات القومية المتطرفة، المعروفة باسم الذئاب الرمادية، إلى هذا اللواء.
كما أدار جوكسيل كاهيا، وهو رئيس مركز التموين والصيانة الأول للقوات الجوية التركية، نشر طائرات تركية الصنع من طراز بيرقدار تي بي 2 في ليبيا وقرة باغ، حيث قتلت عددا لا يحصى من المدنيين.
ويقود شريف أونغاي الجيش الثالث للقوات البرية التركية. ووفقا لممثلي الأرمن في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، “شارك أونغاي في تخطيط العمليات وتنفيذها” في قرة باغ. وشوهد في أذربيجان في 4 سبتمبر، وهو يخطط لعمليات مشتركة مع الجيش الأذري.
بالإضافة إلى ذلك، لعب كبير المستشارين العسكريين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومؤسس شركة سادات شبه العسكرية التي ترعاها الحكومة التركية، عدنان تانريفردي، دورا مهما في تجنيد المرتزقة السورية وتدريبها وتجهيزها ونقلها إلى ليبيا وقرة باغ.
من جهتها، دفعت أذربيجان ما يصل إلى ألفي دولار شهريا للمرتزقة الجهاديين. ونسّق اللواء حكمت حسنوف، وهو قائد الفيلق الأول للجيش الأذري، العمليات على جبهة الصراع الشمالية ولعب دورا فعالا في الاستيلاء على عدد من الأهداف هناك.
كان اللواء مائيس بارخوداروف، قائد الفيلق الثاني للجيش الأذري، مسؤولا عن خط المواجهة الجنوبي في قرة باغ. وقاد احتلال مقاطعة جبرائيل أين قُتل العديد من المدنيين.
ويعدّ حكمت ميرزاييف، وهو قائد القوات الخاصة الأذرية، أرفع جنرال أذري مشارك في عملية قرة باغ. ويتمتع بعلاقات وثيقة مع جهاز الاستخبارات الوطنية وهيئة الأركان العامة التركية. كما أشرفت أنقرة على تدريب العديد من القوات الخاصة الأذرية.
بالتأكيد، ارتُكبت جرائم حرب أخرى في قرة باغ. وإنطلق مشروع بحثي بعنوان “حقوق الإنسان وأعمال المرتزقة الإرهابيين في آرتساخ” ضمن إطار برنامج بناء السلام والحقوق التابع لمعهد دراسات حقوق الإنسان بجامعة كولومبيا. ويعمل المشروع على توثيق جرائم الحرب وسيوسّع قائمة الجناة مع ظهور المزيد من المعلومات.
وأضافت الصحيفة :”نحن نعرف من ارتكب هذه الجرائم. لكننا لا نعرف ما إذا كانت إدارة بايدن ستغض النظر عن الفظائع في قرة باغ أو إذا كانت ستحاسب الجناة. فعلى عكس الإدارة السابقة، يتخذ مسؤولو الحكومة الأميركية الآن موقفا أكثر تشددا تجاه تركيا وأنشطتها الإقليمية الشائنة. وعليها أن تعيد تأكيد التزامها بمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تشترك فرنسا والولايات المتحدة وروسيا في رئاستها.”
وتابعت :”لا تزال قرة باغ برميل بارود قابل للإنفجار، ولم يستقر الوضع إلا بفضل وجود قوات حفظ السلام الروسية. ويجب على الولايات المتحدة معاقبة الجناة، وفرض حظر سفر عليهم وعلى عائلاتهم، مع تجميد أصولهم في الخارج. كما ينبغي أن تقدم ملفات القضايا إلى الإنتربول وأن تطالب بصياغة نشرات حمراء تُعد طلبا إلى أجهزة إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان المجرمين واعتقالهم مؤقتا في انتظار تسليمهم أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل.”
وتبقى محاسبة مجرمي الحرب أفضل طريقة لمنع ارتكاب الأذريين والأتراك ووكلائهم الجهاديين للمزيد من الجرائم ضد الإنسانية.
بقلم: محمد إسماعيل
نقلا عن: صحيفة اليوم السابع المصرية