القامشلي، 24 أبريل 2018 — ميسروب (فاروجان) ساهاكيان البالغ من العمر 65 عاماً أرمني فقد أعمامه الـ 7 في مذبحة عام 1915 حيث تم قتلهم مع زوجاتهم وأبنائهم، الناجي الوحيد من العائلة هو والده. بين فاروجان أن ذنبهم الوحيد لكي يتعرضون للإبادة هو أنهم أرمن وقال: ” أرادت الدولة العثمانية بناء دولة تركية لذلك حاولت القضاء علينا وإبادتنا”.
مقال بقلم: جومرد شيخو / القامشلي
نقلا عن: وكالة أنباء هاوار
24 نيسان عام 1915 كان يوم البدء بإبادة الشعب الأرمني. قامت الدولة العثمانية في 24 نيسان عام 1915 باعتقال 240 مثقفاً أرمنياً في اسطنبول ( القسطنطينية)، قتلت قسماً منهم ونفت القسم الآخر إلى خارج البلاد. المجزرة التي بدأت في 24 نيسان استمرت بالإبادة الجسدية حتى خريف عام 1916، في حين استمر النفي والتهجير حتى عام 1923. ونتيجتها قتل مليون ونصف المليون أرمني، كما تم نفي مئات الآلاف منهم إلى الأراضي السورية والدول المجاورة. ارتكبت الدولة العثمانية قبل عام 1915 مذبحتين أخريين بحق الشعب الأرمني. المذبحة الأولى بدأت عام 1894 وأسفرت عن مقتل 80 ألف أرمني على الأقل ونفي مئات آخرين. واستمراراً للمذبحة التي بدأتها الدولة العثمانية عام 1905 قتل في أضنة عام 1909 الكثير من أبناء الشعب الأرمني. ولكن الهدف لم يكن فقط إبادة الشعب الأرمني حيث قامت الدولة العثمانية أيضا بقتل ونفي ما يقارب 300 ألف سرياني وآشوري. الهدف كان بناء دولة ترك إسلامية والضحية الأولى كان الأرمن والسريان والآشور، وبعد ذلك توجيه الخنجر الترك إسلامي إلى رقبة الكرد.
أحد الذين تعرضت عوائلهم للقتل والنفي إلى سوريا في إبادة عام 1894 وإبادة عام 1915 ميسروب (فاروجان) ساهاكيان البالغ من العمر 65 عاماً. قصة عائلة ساهاكيان المأساوية نقطة من بحر الجرائم الوحشية للدولة العثمانية. ساهاكيان الذي يعيش الآن في مدينة قامشلو تحدث لوكالة ANHA عمّا جرى مع عائلته.
“عالجوا والدي في مخيم للجرحى”
انتقل جد ميسروب (فاروجان) ساهاكيان قبل عام 1894 من ساسون إلى حلب للعمل حيث افتتح فرناً في حلب, وكان يذهب لزيارة عائلته في ساسون مرة كل 6 أشهر. وبعد إبادة عام 1894 منع من الذهاب إلى ساسون منذ عام 1895 واستمرت الحال كذلك حتى عام 1915. وبقيت عائلته التي تضم بالإضافة لوالد سحاقيان، ديكران سحاقيان، 7 من أبنائه مع عوائلهم في ساسون حتى مذبحة عام 1915 . يروي ورجان سحاقيان ما حصل مع عائلته ويقول:” بعد نفي جدي وفي عام 1915 اقتحمت الدولة العثمانية منزل العائلة في ساسون حيث يسكن أبي وأعمامي. وقتلت كل أفراد العائلة، ذبحوا أعمامي الـ 7 مع نسائهم وأطفالهم كما قتلوا كل أقاربنا ولم ينجُ أحد من العائلة باستثناء والدي الذي كان جريحاً إذ لم يتمكنوا من رؤيته بين الجثث. على الرغم من جراحه تمكن والدي من الوصول إلى أهالي ساسون الذين كانوا يغادرونها، أخذوا والدي إلى مخيم للجرحى في حلب ليتلقى العلاج. في ذلك الوقت كان عمر والدي بين 13 و14 عاماً . بعد الشفاء من الجروح عمل والدي في سكة القطارات”.
” لم أرد الابتعاد عن أهلي مرة أخرى”
بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا تم إنشاء سكة حديد تصل بين حلب وقامشلو ، وانتقلت حياة والد سحاقيان إلى قامشلو حيث تزوج وأنجب ولدين أحدهما هو ميسروب (فاروجان) ساهاكيان. بعد أن بلغ ساهاكيان الـ 16 من عمره توجه إلى لبنان ودرس في قسم التقنيات وفيه اختص في مجال صناعة الساعات. ساهاكيان الذي فقد عائلته في المذبحة لم يستطع الابتعاد عن والده الناجي الوحيد من العائلة لذلك عاد إلى منزله في قامشلو، وتحدث عن بعده عن والده بالقول:” توجهت من لبنان إلى أميركا، ولكن عائلتي كانت أهم شيء لدي لذلك عدت إليها. أصدقائي الذين كانوا يدرسون معي أصبحوا أثرياء ولكن المشاعر أهم من المال. كل أقاربي قتلوا فأردت العودة للعيش مع أبي وأمي وأخي”.
“لم ننعم بيوم جميل”
وعن سبب إبادة الدولة العثمانية للشعب الأرمني قال ساهاكيان:” تعرض شعبنا عبر التاريخ للكثير من مجازر الإبادة، لم ننعم بيوم جميل، ذنبنا هو أننا أرمن. كان العثمانيون يريدون بناء دولة تركية وكانوا ينظرون إلى القوميات الأخرى على أنها تشكل خطراً عليهم. ولكننا لم نكن نعادي أحداً”.
“الكرد، العرب والأرمن كلنا نعيش معاً بمحبة”
لدى ساهاكيان 4 أبناء ولكن أبناءه وزوجته يعيشون في أميركا، لا يريد ساهاكيان ترك موطن والده. عندما يعمل في محله يقصده جيرانه من الكرد والعرب ويقضون معاً أوقاتاً جميلة. وعن حياته في قامشلو يقول:” افتتحت محلاً للساعات في سوق القامشلي منذ 40 عاماً. لدي جيران من الكرد والعرب. هذه الشعوب قدمت لي الكثير من المساعدة والدعم، ربما نكون مختلفين في الديانة أو القومية ولكن ذلك لا يعني أن يصبح الناس أعداء الأهم هو الإنسانية”.