القسطنطينية، 17 يونيو 2020 — كشف بطريرك الأرمن في تركيا، ساهاك مشعليان، عن موقفه إزاء إعادة متحف “آيا صوفيا” إلى مسجد، كما كان الحال عليه عقب احتلال القسطنطنية، عام 1453.
وفي سلسلة تغريدات عبر حسابه على تويتر، قال “مشعليان”، إن متحف أيا صوفيا في إسطنبول، الذي ظل مسجداً للمسلمين بعد فتح السلطان العثماني محمد الفاتح للمدينة منذ 500 عام قبل تحويله إلى متحف في ثلاثينيات القرن الماضي، ينبغي أن يظل مكاناً للعبادة لا متحفاً.
وأضاف أن “آيا صوفيا تأسس بجهد 10 آلاف عامل وبإنفاق ثروة كبيرة. عدد لا يحصى من أعمال الترميم والإصلاح التي شهدها المعبد، وجهود وقف السلطان محمد الفاتح.. كل ذلك لم يكن للمحافظة عليه كمتحف بل كمكان للعبادة”.
وأردف: “أعتقد أنه بدلاً من اندفاع السياح الفضوليين هنا وهناك لالتقاط الصور، فإن سجود المؤمنين وجثوهم على ركبهم باحترام وخشوع يعد أكثر ملاءمة مع طبيعة هذا المعبد”.
كما طالب بطريرك الأرمن، بتخصيص مكان داخل آيا صوفيا لعبادة المسيحيين، حتى يكون رمزا للسلام الإنساني.
وتتزامن هذه التصريحات لبطريرك الأرمن، مع جدل قائم في تركيا خلال الأيام الأخيرة، بإعادة “آيا صوفيا” إلى مسجد، بعدما تم تحويله إلى متحف في بدايات تأسيس ما يعرف بالجمهورية التركية الحديثة.
وظلت آيا صوفيا مركزا للمسيحية الأرثوذكسية حتى عام 1453م، عندما احتل الأتراك العثمانيون المدينة تحت حكم السلطان محمد الثاني، المعروف باسم الفاتح، وبعد 916 عاما من الخدمة كنيسةً، تحولت إلى مسجد جامع يرمز للنصر والفتح، وعلى الرغم من ذلك، لم يجر تدمير فسيفساء الكنيسة المميز، بل تمت تغطية الرسوم والأيقونات المسيحية بالجبس التي ظهرت من جديد بعد ترميم الكنيسة في القرن العشرين.
وعقدت في آيا صوفيا صلاة الجمعة الأولى بعد فتح القسطنطينية، واستخدمت مسجدا لمدة 482 عاما، واعتبرت جوهرة العالم الإسلامي، لتعرف باسم “المسجد الكبير”، وبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية تمّ تحويلها إلى متحف في عام 1935، ومنذ ذلك الحين لم ينقطع الجدل بين المؤرخين والمثقفين والسياسيين في تركيا بشأن مصير درة عمارة إسطنبول العريقة.
ويدور النقاش المستمر بين مؤيدي أن تبقى متحفا تاريخيا مثلما هي حالها الآن، وبين من يريد إعادتها جامعا كبيرا عملا بوصية السلطان العثماني محمد الفاتح.
هذا وتتجه الأنظار في تركيا هذه الأيام، إلى جلسة قضائية مرتقبة في يوليو/تموز المقبل، لأحد المحاكم العليا في البلاد، والتي ستشهد بث القرار في القضية المرفوعة ضد قرار مجلس الوزراء عام 1934، الذي قضى بتحويل “آيا صوفيا” من مسجد إلى متحف.
وبالعودة إلى تغريدات بطريرك الأرمن في اسطنبول بهذا الخصوص فلابد من التنويه أن هذه ليست المرة الأولى التي يعبر فيها بطاركة ومسؤولي الطائفة الأرمنية عن آراء مغايرة لآراء أبناء جلدتهم في المواضيع الحساسة التي تمس تركيا كدولة نظرا لإنتمائهم لهذه الدولة من جهة وخشية على سلامتهم وسلامة أفراد الجالية من جهة أخرى.. وهو أمر يتفهمه الأرمن في كل أنحاء العالم كما تتفهمه القيادة الأرمنية في يريفان.