هل تخسر أرمينيا إيران من بعد تقاربها مع إسرائيل، أم تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن هذا شان داخلي وليس من واجب أرمينيا التضحية بعلاقتها مع إسرائيل التي قد تكون مثمرة لأرمينيا؟
إيران هي موطن لأكثر من 200 ألف ارمني، إذ يتمتع الأرمن الإيرانيون بحقوق كبيرة من حيث التمثيل البرلماني والمشاركة في الحياة السياسة والاقتصادية، بالإضافة لذلك لدى الأرمن الإيرانيين كنائسهم أكثر من 30 كنيسة بالإضافة للمدارس والنوادي الثقافية التعليمية للغة الأرمنية. وتعتبر إيران من أول الدول التي اعترفت بأرمينيا بعد استقلالها من الاتحاد السوفياتي.
تمتين العلاقات الإستراتيجية
أصبحت الروابط التجارية والاقتصادية المستمرة بين أرمينيا وإيران، تمثل شريان الحياة بالنسبة إلى أرمينيا، وذلك بسبب حصار أرمينيا من قبل تركيا وأذربيجان، وبذلك لم يتبّقَ لأرمينيا غير طريقين للعالم الخارجي، حدودها مع جورجيا وإيران، لذلك تعتبر إيران ذو أهمية حيوية بالنسبة لأرمينيا تحديدا منطقة الحدود الأرمينية الإيرانية، التي تمر عبر نهر أراكس، و هي الأقصر بالنسبة للبلدين، فإن هذه الحدود ذات أهمية كبيرة، لكل من أرمينيا وإيران. في السنوات الأخيرة، شهدت أرمينيا وإيران التنفيذ الناجح لمختلف البرامج الاقتصادية. كان أحد المشاريع عبارة عن جسر تم تشييده عبر نهر أراكس وأيضا تخطط أرمينيا وإيران من أجل إنشاء مشروع مستقبلي في منطقة ميغري مع أرمينيا وروسيا وبيلاروسيا من أجل تصدير واستيراد البضائع من أرمينيا إلى إيران وبالعكس. بالإضافة لذلك تم بناء خطي نقل الطاقة عالية الجهد، واحد قيد الإنشاء حاليا.
تفعيل الشراكة
بعد قدوم باشينيان إلى السلطة في عام 2018 بدأت إيران وأرمينيا، في إنشاء المزيد من الخطوات نحو العلاقة الاستراتيجية. حصلت إيران على المرتبة السادسة كأهم شريك تجاري لأرمينيا في عام 2017، ولكن في عام 2018 تمت ترقية إيران لتصبح خامس أهم شريك تجاري لأرمينيا. أكد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان على توسيع العلاقات مع طهران في مختلف المجالات، وخصوصا القطاع الاقتصادي. أكد المسؤولون الأرمن والإيرانيون مرارًا وتكرارًا على أهمية العلاقات الاقتصادية والعمل في اتجاه مواصلة تطوير التبادلات الاقتصادية. سافر باشينيان إلى طهران في آذار/ مارس 2019 حيث عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في جمهورية إيران الإسلامية.
أكد أن العلاقات مع إيران جزء مهم من سياسة أرمينيا الخارجية، وقام بتوقيع مذكرة تفاهم بين المنظمة الوطنية الإيرانية الموحدة ووزارة التنمية الاقتصادية والاستثمار في أرمينيا، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم أخرى بين المجلس الأعلى للمناطق الحرة في إيران و وزارة التنمية الاقتصادية لجمهورية أرمينيا. كان من بين الموضوعات الرئيسية التي نوقشت خلال اجتماعات باشينيان مع المسؤولين الإيرانيين التعاون في قطاع تكنولوجيا المعلومات، وهو ما أكده الرئيس الإيراني في استعداد بلاده إلى تصدير تكنولوجيا جديدة إلى جارتها الشمالية.
تدخّل الغرب
في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قام مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون بزيارة أرمينيا وأذربيجان وجورجيا لتأمين الدعم اللازم للخطة الأمريكية لزيادة عزلة إيران. حاولت واشنطن في أن تضغط على أرمينيا من أجل إغلاق حدودها مع إيران من خلال فتح حدود جديد لأرمينيا مع عدوتها تركيا. أخبر بولتون رئيس الوزراء باشينيان أن الولايات المتحدة ستتبع سياسة العقوبات ضد إيران، فإن الحدود الأرمنية – الإيرانية “مشكلة كبيرة”. ولقد صرح باشينيان: “نحن نحترم الطلبات والمصالح الوطنية لأي بلد، لكن أرمينيا لها مصالحها الوطنية الخاصة، والتي لا تتوافق دائمًا مع مصالح وأفكار الدول الأخرى.” من الضروري التأكيد على أن واشنطن، رغم سياستها العدائية تجاه إيران لكن عليها دائمًا أن تتسامح بالتعاون بين أرمينيا وإيران، يرجع هذا التسامح إلى إدراك الولايات المتحدة للوضع الجغرافي والاقتصادي لأرمينيا، والتي ستواجه مشاكل اجتماعية واقتصادية دون علاقات واسعة النطاق مع إيران.
تأثير إسرائيلي محدود
إيران مهتمة بالحفاظ على العلاقات مع أرمينيا لعدد أسباب أهمها:
أولا. وجود عدد كبير من الأرمن في إيران.
ثانيا. من الممكن أن تستغل إيران اللوبي الأرميني في أمريكا وذلك بأن يصبح اللوبي الأرميني جسرا لكي تجد إيران حلولا عسكرية وسياسية واقتصادية بما يتناسب مع مصالحها.
ثالثا. تعد أراضي أرمينيا، كدولة مجاورة، مهمة لإيران كممر للشمال، وأرمينيا بدورها مهتمة كذلك بالعلاقات الودية مع جارتها إيران، ليس فقط بسبب الروابط بين الشتات الأرميني والجمهورية الإسلامية، فلقد إتخذت إيران موقفا متوازنا إلى حد ما فيما يتعلق بصراع قرع باغ بين أرمينيا وأذربيجان.
لكن يبقى السؤال الأهم؟ هل تخسر أرمينيا إيران من بعد تقاربها مع إسرائيل، أم تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن هذا شان داخلي وليس من واجب أرمينيا التضحية بعلاقتها مع إسرائيل التي قد تكون مثمرة لأرمينيا، مقابل صراع إيران العقائدي مع إسرائيل حيث الطريق إلى القدس لا يمر من يريفان.
بقلم: ماكس كيفورك، صحفي و محلل سياسي.
المصدر: وكالة “رياليست” الروسية.