من الأسئلة الأكثر شيوعا بخصوص القرار H.Res.296 التي تبناها مجلس النواب الأمريكي (الكونغرس) قبل أيام والتي بموجبها اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية رسميا بالإبادة الجماعية الأرمنية. هل يحتاج هذا القرار لموافقة مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس قبل أن يصبح قانونا… الجواب ببساطة كلا، وفيما يلي التفاصيل.
ثمة نوعين من القرارات التي تقدم للكونغرس الأمريكي:
- النوع الأول يدعى (Joint Resolution) أو القرارت المشتركة وهي التي تحتاج للمرور أولا بمجلس النواب والموافقة عليها هناك ومن ثم إلى مجلس الشيوخ وبعدها إلى الرئيس الأمريكي إن كان يمت للسلطة التنفيذية بصلة. وفي حال رفض الرئيس توقيعها يتم إعادة القرار إلى مجلس النواب للتعديل أو للتصويت مرة أخرى ومن ثم إلى مجلس الشيوخ وفي حال الموافقة عليها تصبح قانونا دون الحاجة لتوقيع الرئيس.
- النوع الثاني من القرارات تدعى الـ (Stand-Alone)، بمعنى قرارات مستقلة. وهذه القرارات يمكن تقديمها لمجلس النواب أو الشيوخ أو كليهما في ذات الوقت. وهذه القرارت بمجرد الموافقة عليها تصبح نهائية ولا تحتاج لموافقة أطراف أخرى ولا حتى لعرضها على الرئيس.
مجلس النواب الأمريكي كان قد صوت لصالح مشاريع قوانين من النوع (Joint Resolution) بخصوص الإعتراف بالإبادة الجماعية الأرمنية في كل من الأعوام 1975 و 1984 وفي كلا الحالتين لم تدرج هذه القوانين للتصويت في مجلس الشيوخ فأصبحت بحكم الباطلة ولا قيمة لها.
القرار الأرمني الأخير الذي عرض على مجلس النواب وتمت الموافقة عليه (القرار H.Res.296) كانت هذه المرة من النوع الـ (Stand-Alone). وبالتالي لا داع لعرضها على مجلس الشيوخ لتصبح نهائية. ولا تحتاج حتى لتوقيع الرئيس. بمعنى آخر: اعتراف أمريكا الأخير بالإبادة الجماعية الأرمنية هو قرار نهائي ولا تراجع فيه.
لما يتحدث الجميع عن مجلس الشيوخ أثناء التطرق لهذا القرار؟
هنا تكمن اللعبة.. بعد عقود من النضال لإنتزاع إعتراف الولايات المتحدة، فهم الأرمن أخيرا – ومعهم أحزابهم ومنظمات اللوبي الخاصة بهم – أن إنتاج قرار من النوع Joint Resolution قد تحمل في طياتها احتمالات كبيرة للفشل. لذلك عمل عضو الكونغرس الأمريكي آدم شيف (صاحب مشروع القرار الأخير) على تقديم مشروع قانونه هذه المرة بشكل مستقل لكل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. دون أن يكون أي منهم يحتاج لمواقة الآخر ليكون تبني القرار نهائيا.
القرار H.Res.296 الذي وافق عليه مجلس النواب (الكونغرس) قبل أيام كان قد قدم للمجلس بداية أبريل/نيسان الماضي في الفترة ذاتها الذي قدم فيها القرار S.Res.150 لمجلس الشيوخ الذي لم يقرر بعد متى سيعقد اجتماعه من أجل التصويت.
تنويه: مضمون القرار H.Res.296 و القرار S.Res.150 هو نفسه حرفيا عدا ان السطر الأخير في القرار الأول يقول أن (مجلس النواب يقرر..) والثاني يقول (مجلس الشيوخ يقرر..).
ماذا لو صوت مجلس الشيوخ ضد القرار S.Res.150
ذاك لا يغير في حقيقة الإعتراف الأمريكي أي شي. لأن مجلس النواب (الكونغرس) بأعضائه الـ 435 قد صوت لصالح القرار أصلا.. وبما أن تصويت مجلس النواب جاء بأغلبية ساحقة فإن مجلس الشيوخ أخلاقيا لا يستطيع أن يصوت ضد مشروع القانون S.Res.150. وإن فعل فذاك لا يلغي تبني الكونغرس للقرار H.Res.296. وفي كلا الحالتين لا داع لإرسال هذه القرارات إلى الرئيس الأمريكي للتصويت إلا إن طلب ترامب نفسه أن يوقع عليها بطريقة رمزية لأغراض إحتفالية لا أكثر.