حذّر عضو بالمجلس الاستشاري الأعلى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان من تعويضات بمليارات الدولارات قد تضطر بلاده لدفعها للأرمن الذين رفعوا دعاوى قضائية قالوا فيها: “لقد تم تهجيرنا من قبل الدولة العثمانية ومصادرة ممتلكاتناً، وطالبوا بتعويضات عن الانتهاكات”.
التحذير جاء على لسان جميل جيجك، رئيس البرلمان التركي السابق، وفق ما ذكره الكاتب أحمد طاشجتيران، في مقال بصحيفة “قرار” التركية، السبت، نقلا عن الأول في اتصال هاتفي جرى بينهما.
وتابع جيجك في توضيح منه لمدى خطورة الوضع قائلا: “الأرمن الأمريكان من أصول تركية، رفعوا منذ فترة دعاوى ضد تركيا؛ للمطالبة بتعويضات على خلفية مزاعم تهجيرهم ومصادرة ممتلكاتهم إبان حكم الدولة العثمانية“.
وأشار إلى أن “إحدى المحاكم الإدارية بولاية كاليفورنيا، بناء على اعتراض تركي، قالت إن الفصل في مسألة التعويضات هذه ليس من اختصاصها، وإنما هو أمر سياسي ينبغي على الساسة البت فيه”.
وبيّن جيجك أنه “بعد قيام مجلس النواب الأمريكي مؤخرا بتمرير مشروع قانون وصف فيه ما تعرض له الأرمن عام 1915 بالإبادة الجماعية، ما يعني أن البعد السياسي للقضية يسير لصالح الضحايا ودعاواهم القضائية”.
وذكر أن “نسبة قبول مشروع القانون في مجلس النواب كانت كبيرة، ما يشجع الأرمن على العمل بشكل مكثف للحصول على دعم الرأي العام الأمريكي في صفهم ضد تركيا“.
وأضاف: “وبالتالي فإن المحاكم فيما بعد لن تذكر المبرر السياسي، وستحكم لصالح الأرمن بتعويضات تبلغ مليارات الدولارات، اعتمادا على مشروع القرار الذي مرره مجلس النواب، وتقرر أن القضية لا تسقط بالتقادم”.
وأفاد بأن “يوم 9 ديسمبر/كانون أول المقبل هو آخر موعد لاستئناف دعاوى التعويضات، وهناك احتمال كبير لصدور قرار من المحكمة العليا يطالب تركيا بدفع تعويضات”.
وألمح إلى أن “قرار تعويضات كهذا من الممكن أن يفتح الباب أمام مشكلات لن تستطيع أن تتخلص منها تركيا على مدار 100 عام مقبلة”.
الكاتب سأل جيجك عما إذا كان أردوغان ووزيرا الخارجية مولود جاويش أوغلو والعدل عبدالحميد غول لديهم خلفية عن هذا الأمر أم لا، أو أن هذه التحذيرات طرحت خلال اجتماع المجلس الاستشاري للرئاسية، فرد على السؤال قائلا: “من يتعين عليهم معرفة هذه الأمور لديهم خلفية عنها”.
يشار إلى أنه بالذبح والحرق وترك الأوبئة تنهش الأجساد والسحل، أباد العثمانيون أكثر من مليون ونصف المليون أرميني، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في القرن العشرين، من حيث دمويتها التي تضاهي مذابح النازيين.
نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية كتبها العثمانيون بدماء الأرمن الأبرياء، ومن ثم أنكروا جرائم خططوا من خلالها لإزالة أرمينيا من الوجود بإفراغها من سكانها، وربط دولتهم بأذربيجان وبقية المكونات ذات الأصل التركي من منغوليا حتى القوقاز.
سياسات عنصرية بغيضة لطالما آمنت بفكرة نقاء العنصر التركي وأحقيته المطلقة في السلطة، تفضحها الشهادات والتاريخ، وتعود إلى الذاكرة الجماعية للبشرية في كل مرة يطفو فيها الموضوع على السطح من جديد، رغم محاولات أنقرة الجاهدة لقبره.
والثلاثاء الماضي، أيد مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة قرارا يعترف بـ”الإبادة الجماعية” للأرمن من عام 1915 إلى 1923، في تصويت رمزي لكنه تاريخي ويعيد الاعتبار لشعب تعرض إلى عمليات قتل جماعية وممنهجة.
وبأغلبية 405 أصوات مقابل 11، وافق المجلس الذي يهيمن عليه الديمقراطيون على القرار الذي أثار حفيظة أنقرة التي لم تتأخر -كعادتها- في الرد سريعا، معربة عن استنكارها وتنديدها، في مسار تطبق عليه روائح توتر جديد في أفق العلاقات التركية الأمريكية.