في جلسة المجلس الاقتصادي الأعلى الأوراسي المنعقد في سانت بطرسبورغ في كانون الأول 2018 نقل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئاسة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي من روسيا إلى أرمينيا للعام 2019.
ويعد الاتحاد الاقتصادي الأوراسي رابطة اقتصادية دولية للتكامل؛ ويضم روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقيرغيزستان، وقد عمل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي على اتجاهات مختلفة للتكامل الأوراسي، وسجلت فعالية إيجابية وفق مؤشرات اقتصادية أساسية.
ومن أجل صياغة فضاء مالي مشترك للدول الأعضاء تم الاتفاق على توحيد تشريعات السوق المالية ضمن الاتحاد، الذي يغطي مساحة لا يستهان بها تبلغ نحو 20.24 مليون كم مربع، وعدد سكانها نحو 183 مليون نسمة.
وبهذه المناسبة أشار رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في كلمته أمام أعضاء مجلس رئاسة اللجنة الأوراسية في 25 كانون الثاني 2019 في موسكو أن «أرمينيا ستبذل كل الجهود لتؤمن فعالية إيجابية للتكامل، وحل مشاكل النمو الاقتصادي للدول».
إذاً، بدءاً من 1 كانون الثاني عام 2019 تسلمت جمهورية أرمينيا رئاسة هيئات الاتحاد الاقتصادي الأوراسي؛ أي المجلس الأعلى الاقتصادي الأوراسي، والمجلس الأوراسي بين الحكومات، ومجلس اللجنة الاقتصادية الأوراسي، ويتزامن ذلك مع الذكرى الخامسة لتوقيع الاتفاقية حول تأسيس اتحاد الاقتصادي الأوراسي.
بالنسبة لأعضاء الاتحاد يعد التكامل الأوراسي وجهة أساسية، يمنحهم الفرصة لتحسين ظروف الاقتصاد، وتقوية التعاون مع الأعضاء الشركاء التقليديين، وخلق شراكة جديدة لتنفيذ إمكانية اقتصادية للاتحاد.
ويعد قطاع الطاقة من أهم القطاعات والاتجاهات في الاتحاد، وهو أساس لخلق ظروف عادلة للمنافسة، ولذلك يعمل أعضاء الاتحاد على تنفيذ خطط لرسم أسواق مشتركة للغاز والنفط ومشتقاته، وكذلك لرسم سوق عام للطاقة والكهرباء، بالإضافة إلى بذل جهود لتطوير البنية التحتية للنقل الأوراسي، ما يسهم في نمو التبادل التجاري في الاتحاد، وتطوير ممرات النقل.
واعتبرت أرمينيا أنه من الضروري تعزيز الثقة بين أعضاء الاتحاد، وكذلك تنفيذ نظم التتبع الحديثة للسلع والبضائع، تضع أساساً لذلك.
في السنوات الماضية بينت التجربة في الاتحاد أن أغلبية مشاكل التجارة تكون نتيجة غياب قوانين العمل المشترك والمنسق، ولذلك يتم إيلاء مجال تحسين القاعدة القانونية المعيارية اهتماماً كبيراً.
ترى أرمينيا أنه من المهم أيضاً تطوير العلاقات التجارية الاقتصادية للاتحاد مع الدول والمنظمات الأخرى، وكذلك إنهاء المفاوضات الجارية مع العديد من الدول مثل سنغافورا وصربيا ومصر والهند، وتنفيذ الاتفاق مع إيران والصين، الذي يمكن أن يدفع الاتحاد إلى عملية التكامل مع الاقتصاد العالمي.
وهناك جهود باتجاه إخراج منتجات الاتحاد إلى الأسواق الخارجية، التي تساعد على خروج المنتجين الأوراسيين إلى أسواق خارجية، وتسهم في دفع حلقات التعاون داخل الاتحاد.
في عام 2019 بعد ترؤسها للاتحاد، تأمل أرمينيا في تنفيذ عملي لمبادرات عديدة خلال هذا العام، للوصول إلى اتحاد يخدم مصالح الشعوب والدول، لذلك طلبت من أعضاء الاتحاد بذل الجهود من أجل التطوير المؤسساتي للاتحاد الأوراسي.
وتكمن أولويات أرمينيا في تشكيل منصة اقتصادية مشتركة في المنطقة، وذلك من خلال تنظيم انتهاج سياسات في المجال الاقتصادي لدول الاتحاد، وقد وضعت أرمينيا أمامها قضية تخطي العراقيل التي تعترض تطور عملية التكامل في الاتحاد، وتأمين مساحة اقتصادية عامة.
خلال رئاستها للاتحاد يمكن لأرمينيا أن تلعب دوراً مهماً في تحقيق إمكانيات أوسع للاتحاد، من خلال تطوير جدول الأعمال الإلكتروني، وتطوير السوق الإلكترونية، كما يمكن لأرمينيا أن تسخر مجال التكنولوجيا الذي تنفرد به، لمصلحة الاتحاد وتنفذ العديد من المشاريع الاقتصادية.
تبدي أرمينيا اهتماماً كبيراً للاتحاد، إلى درجة تشكيل لجنة دائمة تحت مسمى «لجنة قضايا إقليمية والتكامل الأوراسي» في البرلمان الأرميني لمتابعة الشؤون الخاصة بالاتحاد عبر قنوات متعددة.
إن ترؤس أرمينيا للاتحاد الاقتصادي الأوراسي يتيح لسورية فرصة للاستفادة من تجارب الدولة الصديقة أرمينيا في هذا الإطار، وتعزيز علاقات التعاون الاقتصادية مع الدول الأعضاء، وكذلك لدراسة انضمام سورية للاتحاد، من خلال تفعيل عدد من الخطوات بهذا الاتجاه، والتعاطي مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ضمن السياسة الاقتصادية في سورية.
بقلم: د. نورا أريسيان
نقلا عن صحيفة الوطن السورية