كان دافعى للبحث فى موضوع هذا المقال هو إعادة قراءتى لرواية نجيب محفوظ كفاح طيبة، إذ بعد القراءة سألت نفسى: من هم هؤلاء الهكسوس؟ من أين جاءوا؟ وهل اندثروا كما اندثر غزاة التاريخ؟!.
وهو ما قادنى للاطلاع على السجال الدائر حاليا فى المواقع التاريخية المختلفة، والذى هو أشبه بالمعركة الثقافية خاصة فى السنوات الأخيرة، حيث يدعى شعبان أنهما هما الهكسوس الذين احتلوا مصر زهاء مائتى عام- من 1750ق م إلى 1550ق م – عندما طردهم الملك أحمس مؤسس الدولة الحديثة. هاذان الشعبان هما: اليهود والأرمن.
يكرس كل فصيل عددا من المواقع التاريخية المتخصصة المشفوعة بمقالات وفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعى ليقول نحن الهكسوس.
الفصيل اليهودى يعتمد على كتابات المؤرخ اليهودى يوسيفوس الذى يرى فى كتابه (الرد على إيبيون) أن اليهود الرعاة هم الهكسوس الذين غزوا مصر بعد انهيار الدولة الوسطى، ناقلا ذلك عن المؤرخ المصرى مانيتون الذى كان كاهناً فى عهد الملك بطليموس الثانى – حوالى 280 قبل الميلاد – الذى كلفه بكتابة تاريخ مصر القديمة، إذ يرى المؤرخون المحدثون ودارسو التاريخ المصرى، خاصة الألمان منهم، أن هذا المؤرخ اليهودى أساء فهم كتابات مانيتون وحاول لىّ الحقيقة التاريخية كى تتلاءم مع سفر الخروج اليهودى بالقول إن اليهود الذين طردوا من مصر هم الهكسوس، وهو محض تضليل تاريخى سافر.
الفصيل الأرمنى حضوره التاريخى طاغ، وهو يرى أن الأرمن هم أصل حضارات العالم والتى هى حضارات أندو- أوروبية آرية فى الأساس، ثم ذابت فى الشعوب السامية. يرى الأرمن أن الكتاب المقدس أشار إلى أن «جنة عدن» فى أرمينيا.
يرى الأرمن أن أصل الهكسوس هم شعب الحوريين وهو شعب من أصل أرمنى آرى ذاب فى الشعوب السامية الحيثية والآشورية التى استوطنت سوريا فيما بعد، وهم بعدما خرجوا من مصر أسسوا مملكة (ميتانى) التى كان لها علاقات مع الدولة الفرعونية الحديثة أيام أن تحولت مصر إلى امبراطورية على عهد تحتمس الثالث الذى تحالف مع ملوك ميتانى الأرمن.
ومن ثم تصبح عندهم نيفرتيتى مثلا من أصل حورى أو أرمنى – اسمها يعنى الجميلة أتت – وهى التى أثرت فى إخناتون بعبادة الشمس والإله الواحد ذات الأصل الحورى.
هذه الرواية يكرسها المؤرخون الأرمن الذين يحتفلون حاليا بدراسة ألمانية حديثة تقول إن تحليل الحمض النووى الوراثى أو الـDNA لزهاء 130 مومياء فرعونية أثبت أن جيناتهم أقرب للأرمن القوقاز الآريين وأبعد عن الشعوب السامية والإفريقية التى كونت الشعب المصرى الحالى.
بقلم: محمد حسام الدين إسماعيل