صدر للدكتور إبراهيم قسيس، كتاب (اليعقوبيّة بين الأمس واليوم) ترجمة: بيرج قسيس، صياغة لغوية: بيانكا ماضيّة، ومراجعة ومساهمة في الترجمة إبراهيم عبدو قسيس.
قدّم للكتاب السيد طوروس طورانيان مشيراً في تقديمه إلى أن هذا الكتاب الذي خصصه د.إبراهيم لماضي قرية اليعقوبيّة وحاضرها، ليس الكلمة الأخيرة في فصل هذه القرية. فالكتاب بنسخته الأرمنيّة طبع عام 2006 ، وبالتالي فإن ما يحتويه لم يتضمن الأحداث الأخيرة التي وقعت في هذه القرية ودخول المجموعات الإرهابية إليها وقتلها بعض سكانها وتهجير البعض الآخر.
يتحدث السيد طورانيان عن نشأة الدكتور إبراهيم قسيس في قرية اليعقوبيّة الأرمنيّة، فهو من مواليد 1922 لأبويه سنباط وجليلة. ثم عن سفره إلى حلب ومن ثم دراسته الطب بجامعة دمشق، واستكماله الدراسة في فرنسا، وزواجه من السيدة ميشيل مورو الفرنسية الأصل، وإنجابه كلاً من هراج، وسنباط، وبيرج وإيلين وكيغام. ومن ثم عودته إلى مسقط رأسه، ثم سفره إلى قرية عين العرب؛ ليعمل مدة سبع سنوات على مداواة الناس هناك حيث توجد جالية أرمنيّة ضمن مدرسة وكنيسة.
يحتوي هذا الكتاب بين دفتيه فصولاً تناولت تاريخ قرية اليعقوبيّة التابعة لمحافظة إدلب، والقرى المحيطة بها. كما تناولت سكانها من الجاليتين الأرمنيّة واللاتينية اللتين كانتا تقطنان فيها، وكنيستي القديسة هربسيمه، والقديسة آنا..والحياة التربوية فيها، ثم انتشار الطائفة اللاتينية في المنطقة، والمأساة الرهيبة وأزمة الأرمن في القرية.
كما يتحدث المؤلف عن تأثير الحرب العالمية الأولى على كل من قريتي اليعقوبيّة والقنيّة المجاورة لها (الأرمنيتي الأصل)، والأحداث التي مرت عليهما (الجراد، التهجير، وقف إطلاق النار، والصهاونة)، وكذلك عن الأرمن واللاتين في تينك القريتين.
وفي فصول أخرى يتحدث الكتاب عن الجمعية الخيرية العمومية الأرمنيّة، وأخوية القديسة آنا في حلب وأهدافها وأعمالها وفروعها، وكذلك عن عادات قرية اليعقوبية وتقاليدها ومهن سكانها وطبيعتها الخلابة وبيادرها، وأخيراً يتحدث عن القساوسة التابعين للكنيسة الأرمنية والذين خدموا في قرية اليعقوبية.
الكتاب حافل بالمعلومات المهمة عن قريتي (اليعقوبية) و(القنيّة)، وما يلفت النظر في القسم التاريخي الذي تناول فيه المؤلف قصة القرية كاملة أن المعلومات التي ذكرها قد لا نجدها في كتب أخرى، وخاصة ما يتعلق بمذبحة الأرمن وتهجيرهم ونكبة 1909 والنكبة الأخرى التي تعرضوا لها في أثناء الاحتلال الفرنسي لسورية.
وعن تلك المأساة الرهيبة التي تعرض لها أرمن اليعقوبيّة والقنيّة نقرأ:
(في عام 1909 وفي 20 نيسان وفي الساعة السادسة مساء وصلت إلى اليعقوبيّة أخبار مذبحة أنطاكية، وكان قد اشترك في هذه المذبحة الأتراك والروم المحليون. أصاب الهلع أرمن اليعقوبيّة من جراء هذه الأخبار. أما خوري اللاتين في القنيّة فسمع الأخبار بلا مبالاة؛ لأنه كان يعلم أن الضحايا هم الأرمن فقط. وبما أن الروم لم يصبهم شيء في أنطاكية، فقد خال هذا الخوري أن اللاتينيين سيظلون بخير.
وفي هذه الأثناء كان الكثير من سكان القرى المحيطة باليعقوبيّة من غير العرب قد اشتركوا بمذابح أنطاكية، وعادوا محمّلين بالغنائم والمسروقات. كان من الطبيعي أن يقوم هؤلاء بالأمر نفسه في قريتي اليعقوبيّة والقنيّة من دون التمييز بين الأرمن واللاتين).
الكتاب يؤرخ لقرية اليعقوبيّة، وحفاظ أبناء الجالية الأرمنيّة فيها على هويتهم الأرمنيّة قروناً طويلة. وقد بذل فيه المؤلف جهوداً كبيرة في بحثه التاريخي والاجتماعي والتربوي الخاص بهذه القريّة، مما يعد مرجعاً مهماً من المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في البحث عن تاريخ منطقة جسر الشغور عامةً، وتاريخ قريتي (اليعقوبية) و(القنيّة) خاصةً.