رفض رئيس الحكومة بالوكالة في أرمينيا كارين كارابيديان اليوم عرضا لإجراء محادثات مع زعيم المعارضة نيكول باشينيان، الامر الذي ادى الى تصاعد التوتر في البلاد بعد اسبوعين من التظاهرات التي دفعت رئيس الوزراء سيرج ساركيسيان الى الاستقالة.
وجاء رفض كارابيديان التفاوض غداة اتصال هاتفي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس.
ويقول باشينيان الذي قاد التظاهرات الحاشدة ضد الحكومة، إنه المرشح الوحيد المحتمل لرئاسة الوزراء في أرمينيا.
وتشهد أرمينيا، حليفة موسكو، أزمة سياسية منذ الأسابيع القليلة الماضية اجبرت الاثنين الزعيم المخضرم ساركيسيان على الاستقالة بعد عقد في سدة الرئاسة.
الخميس، وجّه باشينيان تحذيرا الى السلطات التي حدد لها مهلة لانتخابه رئيسا للوزراء في جلسة للنواب في 1 ايار. واليوم، قال متحدث باسم كارابيديان لوكالة “فرانس برس”: “يعتقد رئيس الحكومة بالوكالة أن مفاوضات يملي فيها طرف جدول المحادثات فيما الطرف الثاني غير قادر على ذلك، لا يمكن اعتبارها مفاوضات”.
ونقل المتحدث عن كارابيديان انه يتعين على باشينيان، بدلا من ذلك، مناقشة سبل معالجة الازمة مع جميع القوى السياسية.
ووصف نائب رئيس مجلس النواب ادوارد شارمازانوف مطالبة باشينيان بالسماح للاعلام بتغطية وقائع التفاوض مع الحزب الحاكم بانها “عبثية”، معتبرا ان ذلك سيصب في صالح أذربيجان وتركيا، عدوتي يريفان. وقال: “ليس المتظاهرون والمعارضة من سيشاهد فحسب، انما ايضا (الرئيس الأذربيجاني) علييف و(الرئيس التركي) اردوغان”.
واتهم باشينيان الحزب الجمهوري الذي يقوده ساركيسيان بالسعي الى تعميق الازمة، داعيا مناصريه الى تنظيم تظاهرات جديدة لزيادة الضغوط على كارابيتيان.
واليوم، قال باشينيان في مؤتمر صحافي إن “رفض كارابيديان التفاوض يعني ان الحزب الجمهوري يشهد فوضى عارمة”. واضاف: “السؤال المطروح هو: هل يريد الحزب الجمهوري تسوية الازمة ام لا؟”، معتبرا ان النخب الحزبية غير قادرة على اجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وتابع بالانكليزية، وهو يرتدي قميصه المرقّط الشهير: “يجب ان نحصل على ضمانة بان الانتخابات ستكون حقا حرة، وشفافة وديموقراطية”.
وكان باشينيان اعلن امام انصاره انه يريد ان يصبح القائد الجديد للبلاد للاشراف على اجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وقال المحرر الصحافي السابق البالغ 42 عاما: “اذا لم انتخب رئيسا للوزراء، فلن يكون هناك رئيس وزراء في ارمينيا”.
ونجمت الازمة عن انتخاب البرلمان لسيرج ساركيسيان رئيسا للحكومة الاسبوع الماضي، بعدما شغل سدة الرئاسة لعشر سنوات. واستقال سركيسيان الاثنين بعد 11 يوما من التظاهرات الاحتجاجية ضده.
وتتهم المعارضة الحزب الجمهوري الذي يتزعمه سركيسيان، بالتمسك بالسلطة، بعدما فشل عهده في معالجة مشكلات الفقر المستشري والفساد وسيطرة كبار الأثرياء المقربين من السلطات على اقتصاد هذا البلد الصغير.
لكن الحزب الحاكم يحتفظ بغالبية المقاعد في البرلمان، بينما باشينيان لا يحظى بتأييد كاف من النواب لانتخابه.
والخميس دعا باشينيان إلى تعليق موقت للاحتجاجات لاعطاء المتظاهرين قسطا من الراحة، بعد نحو اسبوعين من التظاهرات شبه المستمرة. وقال انهم يجب ان يعودوا الاحد الى الشارع.
واليوم، توجه باشينيان، على رأس موكب سيارات يضم مئات من مناصريه، من يريفان الى غيومري، ثاني أكبر مدن البلاد شمال العاصمة، وحيث توجد قاعدة عسكرية روسية، لتنظيم تظاهرة هناك في وقت لاحق. وقال مراسل لوكالة “فرانس برس” رافق باشينيان في الموكب، إن السكان استقبلوا باشينيان استقبال الابطال، وقدموا اليه الخبز القروي والملح والفاكهة الطازجة.
ومن المقرر تنظيم تجمع آخر السبت في فندازور، ثالث كبرى مدن ارمينيا.
وكانت محاولة اجراء محادثات بين زعيم المعارضة ورئيس الحكومة بالوكالة فشلت في وقت سابق من هذا الاسبوع.
ويحذر المراقبون من أن الأزمة يمكن أن تزعزع الاستقرار في الدولة الواقعة في جنوب القوقاز، وشهدت عقودا من الخلافات مع اذربيجان.
وأجرى عدد من كبار المسؤولين في أرمينيا محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومسؤولين آخرين في موسكو الخميس. وأعلن الكرملين ان بوتين شدد، خلال اتصال بكارابيتيان، على اهمية التصويت الذي سيجرى في 1 ايار.
ويقول محللون إنه لا يمكن التكهن بما يمكن ان تؤول اليه الاوضاع في ارمينيا. وقال ايرفاند بوزويان: “من المستحيل معرفة ما اذا كانت البلاد ستتخطى هذه الازمة في 1 ايار”، مشيرا الى ان الاحزاب السياسية تجري مفاوضات شاقة.
وقال محلل آخر يدعى ستيبان سفريان ان “نواة الحزب الجمهوري لا تنوي التراجع. الا ان عددا من نواب الحزب قد يصوتون لباشينيان”.