كما لو أنه كان ينتظر الذريعة، شن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هجومًا غير مسبوق على وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، إثر إعادة نشر تغريدة لطبيب عراقي مقيم في ألمانيا، حول ما ارتكبه الحاكم العسكري التركي فخر الدين باشا من جرائم في المدينة المنورة عام 1916. والتي شملت نهب أموال أهل المدينة وإرسالهم قسرًا بالقطارات إلى تركيا وسوريا والأردن في الرحلة المعروفة تاريخيًا بـ”سفر برلك”، فضلا عن قيامه بسرقة مخطوطات المكتبة المحمدية بالمدينة وإرسالها إلى تركيا.
واستغربت الأوساط الخليجية المستوى المتدني في اللغة الذي استخدمه أردوغان لمواجهة الوزير الإماراتي، وطابع التهديد الذي اتسمت به كلماته فيما بدا أنه كان فاقدًا لأعصابه.
وحسبما ورد في كلام أردوغان، مخاطبًا الوزير الإماراتي: “عليك أن تعرف حدودك، فأنت لم تعرف بعد هذا الشعب (التركي)، ولم تعرف أردوغان أيضًا، أما أجداد أردوغان فلم تعرفهم قط”.
ولم يصدر على الفور رد فعل رسمي من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن نشطاء ومغردين من الإمارات، ودول مجلس التعاون الخليجي، وجدوا في أقوال أردوغان مادة ثرية لفتح ملفات الخلافات العميقة مع الرئيس التركي، الذي كان يأمل عند اعتلائه السلطة في أنقرة استعادة مجد الدولة العثمانية، وسعى من خلال تحالفه مع جماعات إسلامية -من بينهما جماعة الإخوان المسلمين- لتقويض الأنظمة العربية القائمة، تمهيدًا لإحياء ما وصف بالخلافة العثمانية.
وقال الأكاديمي الإماراتي، حسين الهاملي، إن التاريخ هو أسوأ مَن يدافع عن تركيا، فقد ارتبط هذا التاريخ بسجل حافل من الانتهاكات لحقوق الإنسان، في المناطق كافة التي وصل إليها الحكم التركي، والذي امتد لأكثر من 5 قرون متواصلة.
وأشار الباحث، إلى أن المنطقة العربية عاشت طوال الحكم العثماني حياة بائسة وكانت تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة، وكانت مواردها تكرّس لخدمة الآلة العسكرية العثمانية، لافتًا إلى أن الشباب العربي كانوا يؤخذون قسرًا إلى معارك وحروب لا يعودون منها أبدًا.
وذكر الباحث، أن الإعدامات التي قام بها القادة الأتراك خلال الحكم العثماني للأحرار العرب موثقة ولا يستطيع أحد إنكارها.
وأشار إلى أن الممارسات التركية خلال الحكم العثماني، لم تقتصر على الدول العربية، وإنما شملت شعوبًا عديدة من بينهم الأرمن والأكراد.
وقال إن “حرب الإبادة التي خاضها العثمانيون ضد الأرمن أسفرت عن مئات الآلاف من الضحايا وأصبحت “مذبحة الأرمن” من بين أبرز معارك التطهير العرقي على مستوى التاريخ”.
واستهجن الباحث الإماراتي تمسُّح الرئيس أردوغان بالتاريخ الإسلامي، وكأنه إرث تركي، وقال، إن التاريخ التركي الحديث، الذي بدأ مع جماعة الاتحاد والترقي، حاول اجتثاث كل ما له علاقة بالإسلام، بما في ذلك محاولة إلغاء لغة القرآن واستبدالها بأحرف لاتينية.