لقد هزّت العالم قبل ثلاث سنوات مأساة مروعة، فأكثر من عشرة آلاف أيزيدي كانوا قد قُتلوا في الثالث من اغسطس آب 2014 على يد الدولة الإسلامية في شنغال (شمال العراق). تم احياء ذكرى ضحايا تلك الجريمة في المجمع التذكاري للأيزيديين في قرية آكناليج. ومنذ الصباح وقفت السيارات وتجمع كثير من الرجال قرب قرية آكناليج الواقعة على بعد 35 كيلومتراً عن يريفان. فالأيزيديون والأرمن من مختلف القرى والمدن ومواطنون اعتياديون ونواب كانوا يسرعون للوصول الى القرية لتخليد ذكرى ضحايا الإبادة التي إرتكبت في شنغال. يقع في آكناليج المعبد الرئيسي للأيزيديين. يعبد ذلك الشعب الشمس ويبقى وفياً لديانته التي تناهت إليهم من العالم القديم.
شاهد عيان من العراق
جاء الى أرمينيا عند أصدقائه وإخوانه رانيم ابراهيم شاهد العيان على أحداث شنغال. قبل ثلاث سنوات وفي ليلة الثاني صباح الثالث من اغسطس آب إجتاح قريته الجهاديون وإرتكبوا مذابح مروعة راح ضحيتها حوالي 10 آلاف شخص. وروى ابراهيم لـ سبوتنيك ارمينيا “كنا نقاوم طوال الليل وحتى الصباح، ولكن في الصباح انتهت الذخيرة. مَن كان يملك سيارة فرّ الى الجبال، نحن أيضاً كنا معهم. عندي تسعة أولاد، الكبار منهم ظلوا في القرية واستمروا في الدفاع عن منازلنا”. قضى مليون أيزيدي تقريباً في الجبال لمدة عشرة أيام بدون ماء وغذاء. كانوا يأكلون كل ما يرون وذلك في سبيل البقاء. وصلت المساعدة في اليوم العاشر. وبعد حين فتحوا ممراً الى سوريا حيث فرّت عائلة ابراهيم الى أرمينيا.
شجع والد ابراهيم على الذهاب الى أرمينيا، فكانوا في عائلتنا يقولون دائماً أن الأناس الوحيدين الذين يمكنهم تفهم ألمنا وتوفير الملاذ لنا هم الأرمن. أولاً، إنهم مسيحيون، وثم إنهم شعب عاش الإبادة. وقال ابراهيم “لقد أصبحت أرمينيا عزيزة عليّ، والأرمن إخواني. لقد ساعدنا سكان القرية فوراً وجلبوا لنا الطعام والملابس، كانوا يساعدون بكل شيء ممكن”.
بعد اغسطس آب 2014 وجدت ملاذاً لها في أرمينيا سبع عائلات أيزيدية. ولكن لم يظل أحدٌ هنا، فلم يتمكنوا من التعود على الحياة هنا فاللغة كانت عائقاً. عادت عائلة ابراهيم الى العراق. إنها تستعيد أنفاسها مجدداً بعد عذابات نفسية وجسدية. هم لا يستطيعون نسيان المآسي التي عاشوها. كانوا يستعبدون الفتيات، ويقتلون الشباب بعنف بعد فتح بطونهم وملء الملح فيه…
الأيزيديون في أرمينيا
يعيش الأيزيديون في أرمينيا منذ أكثر من قرن، وانتقل البعض منهم في الأعوام 1894-1896 بعد المذابح في تركيا، أما البقية فقد فرّوا مع الأرمن في العام 1915. قال الشيخ آليانسابيان شبابي في حديثه في مراسل سبوتنيك ارمينيا “نحن نعتبر أنفسنا أرمينيون أصليون. هذا وطننا، والأرمن إخواننا وأصدقاؤنا. نحن لا نعتبر أنفسنا أقلية قومية”. الشيخ شبابي ولد ونشأ في قرية آكناليج. يعيش الآن في روسيا فالوضع الاقتصادي هو الذي أجبره على الانتقال. ولكنه كوطني أصيل يأتي الى أرمينيا في كل سنة لمتابعة شؤون منزله وزيارة أقربائه.
وأضاف شبابي “لا نختلف بشيء عن الأرمن المحليين. نحن نعتبر أمة واحدة”. يعيش اليوم في أرمينيا حوالي 35 ألف أيزيدي. في الوقت الحاضر يشيد في قرية آكناليج معبد “كوبا ميره ديوانه” بدعم ميرزا سلويان رجل الأعمال المقيم في موسكو. يشيد المعبد الجديد والأكبر في المنطقة من الغرانيت والمرمر. سيشيد قرب المعبد مكان للصلاة ومدرسة دينية ومتحف.