لم يتعرض الشعب اليوناني لحرب إبادة سنة ١٩١٥ كما حدث للشعب الأرمني: أغلب ضحايا اليونانيين كان بعد سنة ١٩١٥ و نهاية الحرب العالمية الأولى.
إن السلطنة العثمانية وحكومتها المتأثرة بأفكار حزب الإتحاد و الترقي الشوفيني قد دخلت الحرب الكونية الدائرة في أوروبا من أجل تحقيقعدة أهداف و أهمها ” إبادة ” الشعب الأرمني بأجمعه!
أولا – الحكومات التركية ( المتعاقبة ) لم تعر هذه القضية بأية أهمية و فضلت الإدعاء بأن الشعب الأرمني كان يتسلم الأسلحة من روسيا. وهذه الحكومات قد علمت عدة أجيال من الأتراك أن ” ما حدث ” للشعب الأرمني هو أمر طبيعي و أن الأرمن قد خانوا السلطنة و تمردوا عليها.
ثانيا – لقد شنت الحكومة العثمانية “حرب إبادة منظمة” ضد الشعب الأرمني مدعين بانه يتعامل مع العدوة روسيا و لكنهم في الحقيقة كانوا يريدون إبادة الشعب الأرمني لعدة أسباب أهمها:
أ – الإستيلاء على أرمينيا التاريخية التي تفصل – جغرفيا – السلطنة عن الشعوب التركية في آسيا.
ب – إسكات الشعب الأرمني الرافض لسياسة التتريك و الذي كان يرغب بالحفاظ على أرضه و لغته و هويته التاريخية.
ج – عدم السماح للدول الأوروبية في التدخل في شؤون السلطنة بحجة الدفاع عن المسيحيين و كان عددهم حوالي ثلث المسلمين !
ثالثا – لقد أتلفت الحكومات التركية جميع الوثائق التي تتعلق بحرب الإبادة ضد الأرمن و فيما بعد ضد السريان الآراميين ٠ يتوهم المسؤولون الأتراك إن إتلافهم للوثائق يعني أن الرأي العالمي سيصدق أكاذيبهم ومواقفهم حول حرب الإبادة!
ملاحظات مهمة:
* إن الحكومة العثمانية هي التي خططت ل ” حرب الإبادة”و هنالك وثائق من رسائل و برقيات تثبت إنهم عينوا ” مسؤولين ” لتنفيذ هذه الحرب المجرمة !
* أين هي الوثائق التي تتعلق بجمع الشباب الأرمن للخدمة في الجيش ؟
و لماذا جمعوا في ” فرق خاصة غير مسلحة ” ؟ و لماذا لم يرجع هؤلاء الشباب الى عائلاتهم و زوجاتهم ؟
* لماذا إختفى الشعب الأرمني خلال بضعة أشهر من مناطق عديدة كان متواجدا فيها منذ أكثر من ٣٠٠٠ سنة ؟
رابعا – لقد أخذ الضباط الألمان – حلفاء السلطنة -عدد كبيرا من الصور التي تؤكد تعرض بقايا الشعب الأرمني حرب إبادة منظمة. هذه الصور هي وثائق دامغة تؤكد ما شهد به الناجون من الأرمن و السريان و خاصة بعض الدبلوماسيين الأجانب!
خامسا – أمر عجيب جدا و هو أن الشريف حسين قد قام بثورة حقيقية في الحجاز ضد السلطنة العثمانية ٠ و قد هرب عدد كبير من العراقيين السوريين و الفلسطينين و اللبنانين من الجيش العثماني و قد إنضموا الى الثورة العربية : كان جواسيس السلطنة يعرفون أن العرب قد إنضموا الى بريطانيا و فرنسا فلماذا السلطنة لم تشن حرب إبادة ضد هؤلاء؟
أليس لأنها كانت تسعى الى “تطهير عرقي” في المناطق الأرمنية و السريانية؟
سادسا -لقد تعرضت شعوب عديدة لمجازر وحشية خلال الحروب قبل و بعد حرب الإبادة سنة ١٩١٥ : في كثير من الأحيان البلدان المسؤولة عن تلك المجازر قد إعترفت بإرتكابها و تمنت على الدول الضحية أن تطوي الصفحة و البدء في علاقات جديدة : المسؤولون الأتراك لا يزالون يتهربون من الإعتراف بحرب الإبادة و إذا كان صحيحا أن الشعبين الأرمني و السرياني لا يمثلان قوة إقتصادية مهمة , فإن الرأي العام العالمي سيلاحق المسؤولين الأتراك و سيتأثر بالصور و الجرائم التي قام بها أجداد الأتراك الملطخة أيديهم بدماء أجدادنا البريئة.
أخيرا الصورة المرفقة المعبرة تفضح أكاذيب الأتراك: أين هو زوجها؟ هل يقاتل بجانب روسيا ضد السلطنة؟ إلى اين ذاهبة مع أولادها؟
بقلم: هنري بدروس كيفا