لم يساور الصحافي البريطاني روبرت فيسك أي شك في أنّ تركيا هي المسؤولة عن الممارسات النازية، لا ألمانيا ميركل كما ادّعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكتب فيسك في صحيفة إندبندنت وجود شيء “فاحش” في مقارنة ألمانيا تحت قيادة ميركل بالنازيين، لأنّها ألغت مظاهرات سياسية للأتراك – “أمر يفعله أردوغان بشكل اعتيادي” كما يؤكد كاتب المقال. ويشير إلى أنّ الموضوع لا يتعلق فقط بندم ألمانيا لما فعلته باليهود في الحرب العالمية الثانية، ولا بكون ميركل “اِستثنائية وإنسانيّة” وأنّها باستضافتها للّاجئين، على الرغم من الضرر السياسي الذي لحق بها، حققت أعظم سلوك يناقض جرائم هتلر.
إنّ الأمر يرتبط أيضاً بموقف تركيا خلال الحرب العالمية الثانية. على الرغم من أن البريطانيين ساعدوا في تدريب الطيارين الأتراك سنة 1940، فإن الرئيس التركي الأسبق عصمت إينونو، “الأكثر ديبلوماسية من أردوغان”، أرسل ضباطاً أتراكاً إلى أوروبا المحتلة كضيوف لدى النازيين. ويكتب فيسك أنّ هؤلاء الضباط أعلنوا أن رحلتهم كانت ممتعة، وكذلك، لقوا معاملة فيها “الكثير من الاحترام” وأعطيوا إمكانية “غير متوقعة” بالوصول إلى المخططين العسكريين لدى بعض قطاعات الجيش النازي. وأضاف: “الحمد للسماوات لأن تركيا ما زالت تملك مؤرخين لعرض هكذا شذرات صغيرة من التاريخ، إذا لم يكونوا معتقلين في سجون أردوغان اليوم”.
إشادة النازيين بالأتراك
النازيون الذي “يدّعي” أردوغان كرههم إلى هذا الحد، أحبوا تركيا. لم يبقَ الأتراك حياديين في الحرب وحسب، لكنّ الصحيفة النازية فولكيسكر بيوباختر وصحفاً أخرى أشادت كثيراً بالدولة التركية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى. هذا الإشادة كانت غطاء رقيقاً لتركيا العثمانية التي قامت على “النقاء العرقي” بعد المجزرة التي طالت مليوناً ونصف المليون من مواطنيها المسيحيين سنة 1915، وهو “هولوكوست أثر بشكل عميق على قرار هتلر الخاص لتدمير يهود أوروبا”.
ميركل ندمت … أردوغان لن يعترف
ويشير فيسك إلى أن هتلر لفت النظر في مقابلات عديدة مع صحف متنوعة قبل الحرب، إلى أن أوروبا لها نصيبها في نسيان المجازر الأرمنية. وقبل اجتياح بولندا، سأل ضبّاطه “من يتذكرهم” (الأرمن) في دعوة مفتوحة لقتل اليهود الذين شكلوا 30% من سكان وارسو وحدها. ويضيف فيسك أن العديد من الديبلوماسيين والضباط النازيين كانوا مستشارين سابقين للأتراك وشهدوا المجازر التي لحقت بالأرمن. وبينما أعلنت ميركل دوماً ندم ألمانيا على أفعالها خلال الحرب العالمية الثانية، “لن يعترف أردوغان حتى بهولوكوست تركيا تجاه مواطنيها الأرمن سنة 1915″. وعلى العكس من ذلك، يعاني الأتراك الذين أدانوا المجازر التي لحقت بالأرمن، من التهديد بالسجن.
“أسوأ يوم في حياتي”
ويذكر الصحافي كتاباً سيصدر في الولايات المتحدة هذا الصيف، يشمل حكاية أرميني شاب خدم في الجيش التركي حين كان عناصره يذبحون شعبه الخاص – “بالفعل عائلته الخاصة”. صاحب كتاب “مدفوع إلى المجزرة” يرفانت أليكسانيان، يخبر عذاب شعبه مع “توثيق غير مشكوك به” يمنع الأتراك الذين ينكرون المجازر – وهم “توائم المنكرين الأوروبيين للهولوكوست اليهودي” – من وصف الكتاب بالمزوّر. ويذكر يريفانت في الكتاب أنّ يوم 3 يوليو (تموز) سنة 1915 كان “أسوأ يوم في حياتي حيث راقبت 51 فرداً من عائلتي يختفون فوق التلة” في كارتاشلار يوكوش. وأضاف: “وقفت هناك وشاهدت أمي وعائلتي الموسعة بأكملها تتسلّقان فوق تلك التلة ولا تتمّ رؤيتهما مجدداً أبداً”.
سلطان اسطنبول الجديد
ويصف فيسك أنّ هؤلاء الأرمن “أعدِموا بالرشاشات، أو بالسكاكين على النمط الداعشي. النساء والأطفال اقتيدوا إلى الصحارى لاغتصابهنّ أو قتلهنّ”. ثمّ يضيف كاتب المقال أنه يجب على أردوغان أن يقرأ هذه القصة الموضحة لمزيد من “الممارسات النازية” التي لن يرغب “سلطان اسطنبول الجديد” بالاعتراف بها.
عودة الى الأعلى