فتح الاسكندر الأكبر كل اراضي الممالك الواقعة في شرق المتوسط وأخضع آسيا الصغرى كلها ووصلت جيوشه الى مصر ثم الى شمال غرب افريقيا وتوفي في العام 323 ق.م وحدثت بعد وفاته انقسامات وتناحر بين قادته …واسطورة كيليوبترا ودفاعها عن بلدها مصر.
اما الصراع على السلطة الذي حدث بعد موت الاسكندر فلقد انتهى بضم سوريا الى الامبراطورية السلوقية بقيادة لاوميدون احد قادة الاسكندر واستمر حكم السلوقيين لشمال سوريا ما يقارب الثلاثمائة عام.
انتهى الحكم السلوقي لشمال سوريا في العام 88 ق.م عندما زحفت الجيوش الارمنية بقيادة الملك ديكران الكبير فاحتلت حلب ثم منطقة الساحل بكاملها وتوسعت لتشمل منطقة الداخل ووصلت طلائع الجيش الارمني الى صيدا وصور حيث عثر هناك على مصكوكات للملك ديكران في لقى اثرية متعددة.
يعتبر هذا التوسع الأرمني لغز بحاجة للحلّ فالمصادر في هذا الشأن قليلة ويجب ترجمتها عن الارمنية … والمعروف ان هذا الفتح كان اقتصاديا فلا يذكر التاريخ ان هناك معارك حدثت ولا دماء تمت اسالتها… وكان العثور على مصكوكات ارمنية عليها نقش الملك ديكران الثاني الكبير مفاجأة لأن هذه اللقى الأثرية برهنت على ان وصول الجيش الارمني الى سواحل فلسطين الشمالية هو واقعة حقيقية وقد حدثت فعلاً.
استمر حكم ديكران الكبير للمناطق المستولى عليها والموضحة في الخريطة المرفقة للمقال 24 عاماً وهي فترة زمنية قليلة نسبياً وهذا برهان آخر على عدم حدوث قتل وغزو وضرب رقاب واسالة دماء بل حكم جديد لأمبراطور جديد تعود اهل المنطقة ان يكون هناك حاكماً جديداً عليهم لدرجة انهم اطلقوا على الملك ديكران الذي تحول لقبه الى الامبراطور ديكران الثاني الكبير اسم ديكرانوس الثاني لترك انطباع آخر لا علاقة له لا بالغزو ولا بالفتح ولا بالاخضاع.
وصل القائد الروماني بومبيوس الكبير واستطاع استعادة المناطق التي استولى عليها ديكران الكبير وأهمها مدينة حلب التي كانت تعرف بإسم بيرويا …لتصبح مقاطعة رومانية.
ومع ذلك فلقد بقي قسم كبير من الارمن الذين جاؤوا الى حلب مع ديكران الكبير في حلب وتطوع آخرون في جيش بومبيوس ولم تحدث مشاكل تذكر…وهذا أول تأريخ معروف لإستيطان الارمن في خارج حدود بلادهم المعروفة بإسم ارمينيا الشرقية في سفوح آراراد وتخوم القوقاز.
في العام 1258 سقطت بغداد بيد هولاكو فروعها وروع أهلها وفي العام 1259 كان نصيب دمشق من الابادة … واستطاع هولاكو ترويع الشرق بمجمله ووصلت جيوشه الى جنوب ايران.
في العام 1400 ابتلي الارمن بالوحش الكاسر تيمور الاعرج الذي استطاع دخول رمينيا من سيفاس أو باب الأبواب او معمورة العزيز أو الدربند … وألبس الارمن اطفالهم ملابس بيضاء وحملوا الورود بأيديهم الصغيرة لكسب عطف الفاتح الذي بقر بطون وظهور الأطفال بسنابك خيول جيشه.
وحدثت هجرة للشعب الارمني بإتجاه كيليكيا ( اضنة وكيليكيا وانطاكية والاسكندرونة وكسب ودورت يول ) ووصل الصليبيون الى المنطقة وكان هدفهم تجييش ارمن كيليكيا لخدمة الصليبيين فأصبحت كيليكا ارض الامداد للجيش الصليبي الذي استطاع وبجدارة سرقة خيرات كيليكيا وتوريطها عن طريق تأسيس مملكة حليفة للصليبيين فيها وتعيين ملك أرمني عليها هو الملك ليفون.
وفي دمشق تم بناء دير كبير للأرمن مجاور للباب الشرقي لمدينة دمشق ينام فيه الحجاج الذاهبين من ارمينيا الى القدس ويعرف بدير القديس سركيس لعموم الأرمن وقد تم احراق هذا الدير في العام 1860 ومعه كل الاديرة والكنائس في دمشق بتحريض من السلطان العثماني عبد العزيز في ما يعرف بطوشة الـ 1860
ولم يستفد الارمن أي شيء من الصلبيين الذي سرقوا مملكة كيليكيا وكل مواردها وكل شبابها ومحاصيلها وضرعها وخيولها في خدة المعركة في مرحلة الذهاب الى فتح القدس …لينهزموا ويهربو براً وبحراً الى قصورهم في اوروبا ويتركوا ارمن كيليكيا عرضة للإنتقام والتنكيل والابادة…وأصاب الضرر ارمن كيليكيا وحدث للأرمن نزوج بسبب التنكيل والابادة او ما يعرف بسياسة الانتقمام من حلفاء الصليبيين.
في حروب صاصون وزيتون 1896 – 1898 التي افتعلها ظل الله على الارض السلطان عبد الحميد الثاني آخر خلفاء العثمانيين تم ابادة معظم الارمن الذيت كانوا يعيشون في صاصون وزيتون وهرب الباقون باتجاه الشرق الى الاقضية السبعة او الى الجنوب باتجاه سنجق حلب او الى الغرب باتجاه كيليكيا….ويقدر اعداد قتلى احداث صاصون وزيتون بـ 300000
في كارثة أضنه 1908 التي كانت بتحريض من عبد الحميد الثاني وتواطؤ الاتحاد والترقي والتي نتج عنها ذبح 30000 أرمني ذبح النعاج …هرب الكثيرين من ارمن اضنا كل الى الوجهة التي اختارها وهرب الكثيرون الى سوريا والى ارجاء السلطنة والتمس لكثيرون الهجرة الى الولايات المتحدة التي كانت دولة فتية آنذك وليست دولة عظمىى.
في الابادة الاخيرة 1915 حدثت حركات نزوح هائلة مترافقة مع الابادة من كل ارمينيا الغربية المحتلة وباتجه الصحراء السورية وصحراء العراق فتم افراغ الارمن من كيليكيا كلها وتم ابادة معظم الارمن في ارمينيا الغربية وكذلك في كيليكيا التي دمرت واحرقت عن آخرها وتم تدمير المقر الرسولي لكرسي سيس مقر الكاثوليكوسيىة الارمنية الغربية فتم عمل كرسي آخر في المغترب ” بزمار لبنان”
وبالتلي فليس صحيحاً انه لم يكن هناك ارمن في حلب او المدن السورية الاخرى وخاصة الغربية منها قبل الابادة الكبرى في العام 1915 والصحيح ان الارمن موجود ون منذ ديكران الكبير 88 ق م وما قبل وهم جزء من النسيج الوطني لبلدان المنطقة.
في الختام كل الشكر للباحث والمفكر الارمني السيد هراير آجيليان الذي استطاع تزويد البحث بمخطوط ايضاحي نادر يعود للعام 1914 يبين اعداد المواطنين الارمن في السناجق التركية قبل الابادة التركية التي بدأت بدأت في 24 بريل 1915 ومنها سنجق حلب الصورة رقم 01 وعدد الارمن فيه 7555 انسان.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الارمني
18/12/2016