أقيم في مطرانية الارمن الارثوذكس في برج حمود حفل استقبال للسفير الالماني في لبنان مرتين هوث لمناسبة اعتراف المانيا بالإبادة الأرمنية، بحضور سفيري ارمينيا ساموئيل مكرديشيان واليونان تيودور باسس، امين عام حزب الطاشناق النائب اغوب بقرادونيان، رئيس بلدية برج حمود مرديك بوغوصيان، وزراء ونواب سابقين، ممثلين عن الطوائف والاحزاب الأرمنية، وحشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والدبلوماسية
سمتيان
بعد النشيد الوطني اللبناني والأرمني والألماني افتتحت سلبي بولغوردجيان سمتيان حفل التكريم بكلمة باسم مطرانية الأرمن الأرثوذكس جاء فيها: “أنا أنتمي الى الجيل الثالث من الناجين من الإبادة، وأذكر جيدا كيف كانت جدتي تستقيظ في منتصف الليل وأنا طفلة، وهي تصيح: “إنهم آتون الينا”. لقد عاشت مع كوابيسها، هي التي نجت من إبادة، ومع أن هذا الحدث ينتمي الى الماضي، فقد أرخى الاضطراب الذي اختبرته في عمر مبكر بظلاله على كل يوم من حياتها مشكلا له الإطار”. وقالت: ” لم نكن نرى الأشخاص الذين نحبهم كثيرا إلا وهم يعانون من دون أمل بالشفاء من تلك الإختبارات المطبقة على عقولهم ونفوسهم طوال حياتهم
أضافت:” لقد كان من الطبيعي أن يتأثر الأبناء والأحفاد بما اختبرته الجدة. وهذا الإختبار المألوف لدى كل الأجيال المتعاقبة من الناجين من الإبادة، وهذا يعني جميعنا، نحن هنا الحاضرين، هنا، الليلة. فالعيش مع ناجين ترك أثرا في لاوعينا ووضع إطارا لنظرتنا الى العالم، ونمى فينا في عمر مبكر، حس العدالة والتعاطف مع كل الذين يعانون من الظلم والتطهير العرقي والإبادة”
وقالت : “نحن هنا اليوم لنعبر عن تقديرنا لألمانيا والبلدان ال29 التي اعترفت رسميا بالإبادة الأرمنية، وهو بالتالي، اعتراف بنتائج الإبادة التي ترخي بثقلها على الوجود اليومي للأجيال اللاحقة لهذا الاعتراف، كما وعلى العلاقات المعاصرة بين الدول، اذ لا يمكن أن نتخطى ذلك أو أن نتصور حصول أي تطور في هذه العلاقات ما لم يتم الاعتراف بحدث مركزيا لهذه الدرجة في ذاكرتنا الجماعية
وختمت: “القرار خطوة نحو بناء عالم أكثر عدالة ما يؤدي الى بناء عالم أكثر سلاما
مكردشيان
واعتبر السفير الأرمني ساموئيل مكرديشيان الحفل “فرصة للشعب الأرمني ليعبر عن امتنانه للبرلمان الالماني الذي اعترف بالابادة الجماعية الأرمنية”، مشيرا الى “خطاب الرئيس الأرمني سيرج سركسيان الى قادة ألمانيا، والذي اعتبر فيه ان هذا الاعتراف هو حدث تاريخي”، ومؤكدا أن “هذه المواقف الشجاعة والقوية اعتمدت ايضا من قبل حكومات وبرلمانات مختلفة
وقال مكردشيان إن “الاعتراف بالإبادة الجماعية في ألمانيا تم في وقت اظهرت فيه الاحداث أنه لا حدود للجرائم “، ورأى أن “محاولة تركيا تشويه التاريخ وإيجاد الأعذار ووضع هذه القضية بتصرف المؤرخين من أجل دراستها لا معنى له”، معلنا أن “الإبادة الجماعية الأرمنية هي واقع تاريخي وثابت
واعتبر ان “اعتراف المانيا هو افضل مصدر لتحقيق العدالة وهو مصطلح مستخدم من قبل المؤسسات والجمعيات الدولية وهو يخدم عملية الشفاء من الآثار المترتبة على هذه الإبادة، وستعطي الناجين فرصة المطالبة بحقوقهم
ورأى أن “كل هذا يدل على أن العملية مستمرة ولا يمكن إيقافها وأن الشعب الارمني سيواصل متابعة قضيته”، منتقدا “الموقف التركي الذي اعتبر اعتراف البرلمان الالماني بالإبادة الأرمنية مخيبا للامال
واعتبر في الختام أن “الخطوة الالمانية تجاه الانسانية مرحب بها” ورأى أنها “جاءت لتعزز الصداقة الوثيقة بين أرمينيا وألمانيا”، مؤكدا أن ” الشعب الأرمني سيواصل نضاله من أجل العدالة، والإعتراف بالإبادة الجماعية والتعويض الكامل على الشعب الارمني
أسادوريان
بدوره عبر النائب البطريركي العام في بطريركية الأرمن الكاثوليك المطران جورج أسادوريان عن “تقدير الطوائف الأرمنية للشعب الألماني وشكرها له على الشجاعة التي أظهرها وعلى تعلقه بالقيم من خلال تبني البرلمان الألماني قرارا يقضي بالاعتراف بالابادة
أضاف: “هذا القرار ليس حدثا تاريخيا وحسب، وإنما شهادة قوية، ورسالة لسائر البلدان الأوروبية ودعوة لكل البشرية من أجل رفض وشجب السياسات التي تنكر الجرائم المرتكبة ضد حقوق الانسان
ثم استشهد بقول البابا فرنسيس “يبدو أن العائلة الإنسانية ترفض التعلم من الأخطاء التي تسببها شريعة الترهيب. وحتى اليوم لا يزال هناك من يسعى الى إلغاء أمثاله بمساعدة البعض وبالصمت المتآمر للبعض الآخر الذي يبقى متفرجا
واعتبر تبني القرار من قبل البرلمان الألماني” تعبيرا لإرادة الشعب الألماني مواجهة تاريخه” مثنيا على ” خرق المانيا الصمت رغم ضغوطات حليفتها تركيا وتهديدها حتى لا تتهم بالتآمر كما قال الآب الأقدس”. وأمل في أن ” تحذو بلدان أوروبية أخرى، والولايات المتحدة، حذو ألمانيا لما فيه خير الإنسانية
هايدوستيان
وأشار رئيس الطائفة الإنجيلية الأرمنية ورئيس جامعة هايكازيان القس بول هايدوستيان الى أن “قرار البرلمان الألماني قوبل بالترحيب من جميع الأرمن حيث أن المانيا ناقشت موضوع الابادة لوقت طويل
وتوقف عند تحدث الكنيسة الألمانية بكل صراحة عن الاعتراف بالابادة، وقال:”مهما كنا سعداء بهذا الاعتراف، كيف لنا اليوم، كجماعة تحمل عبء مئة عام، أن نجيب على تصويت سياسي لبرلمان”، معتبرا ” نحن ببساطة نجسد ذاكرة قوية، وديمومة قضية وطنية، ونزاعا وجوديا، وهي أمور أعمق من ان تسترد بتصويت. وفيما نبدو كما ينقب عن اعتراف أشمل، نعلم أن الإعتراف بمثابة جرعة هواء منعش، لكنه ليس كافيا كتدرب مستدام في الأخلاقيات
أضاف: “يذكرنا قرار البرلمان الألماني أن التشريع والعدالة، قد يلتقيان في التاريخ السياسي، وأن الحقيقة قد تخرج من العبودية لتنزلق الى تحالفات الماضي الاستراتيجية المضرة
وختم: ” لقد نسم الهواء العليل في الثاني من حزيران في برلين، ونأمل في أن يسود على الدوام، للأرمن كما للدول بأسرها، الوعي، والتوبة والعدالة، وعسى أن تتولى ألمانيا دفة القيادة في المحطات الأخلاقية من تاريخها
بانوسيان
وقال مطران الأرمن الارثوذكس شاهيه بانوسيان: “لقد رحبنا في 2 حزيران الجاري بتبني البرلمان الألماني لقرار الاعتراف بالابادة الأرمنية”، ورأى أن “ذلك اليوم يعني الأمة الأرمنية في العالم بنوع خاص”، معبرا عن “سروره باستضافة ممثلين عن مجمل الأرمن اجتمعوا في حضور سفير جمهورية المانيا الإتحادية السفير مارتن هوت، الذي بسبب أصول زوجته الأرمنية نسج علاقات إستثنائية مع الأمة الأرمنية”، مثمنا ” قرار البوندشتاغ التاريخي “، معتبرا اللقاء “مناسبة للتعبير عن مشاعر الإمتنان وشكر جميع الأصدقاء المخلصين والحلفاء الذين برهنوا عن شجاعة التصرف باعترافهم بقضيتنا الوطنية
أضاف: “خلال الأعوام المئة المنصرمة، ترقبنا مواجهة تركيا لتاريخها، ومن الواضح أن الأمر سيستغرق المزيد من الوقت من أجل حصول هذا التقبل. في أي حال، كأمة تعرضت لمحنة الابادة، نحن مصممون على متابعة مسار العدالة بعزم أكبر، وبنعمة الله سوف نبلغ تحقيق مهمتنا المقدسة
هوث
بدوره، عبر السفير الألماني مارتن هوث عن “تقديره للبنانيين الأرمن وعن شكره لتنظيم حفل الإستقبال وانطلق في حديثه من اعتراف البرلمان الألماني بالإبادة الجماعية للأرمن، متطرقا الى “ثلاث حقبات متصلة من الماضي والحاضر والمستقبل مهمة في هذا الاطار”، مذكرا بما حدث في برلين العام الماضي “عندما استخدم الرئيس الالماني كلمة إبادة وكان أول رئيس للجمهورية يستخدم هذه العبارة علنا بعدما كان استخدامها يعتبر كارثيا بالنسبة للعالم
وأشار الى أن “ما يتعلق بالماضي هو التعريف الصحيح للجريمة ويشكل فرصة لالمانيا للاعتراف بالدورالذي اضطلعت به في تلك الاحداث من خلال النظر بالمرآة
وقال: “نحن نعلم جميعا أنه خلال الأحداث التي جرت في الإمبراطورية العثمانية كان هناك عدد كبير من الدبلوماسيين والشخصيات، ومعظمهم كان يدرك ما يحدث وشاهد ما حدث، ولكن لاسباب مختلفة تم غض النظر
وتابع: “في المقابل كان هناك ألمان نقلوا المعلومات إلى ألمانيا وكتبوا حول هذا الموضوع، ولكن المزاج العام كان يدعو الى عدم الاساءة الى العلاقات السياسية مع الدولة العثمانية “، معتبرا ان الفرصة مؤاتية لنقف وجها لوجه مع احدى مراحل تاريخنا
ونفى هوث أن “يشكل الإعتراف بالإبادة الأرمنية انقلابا على تركيا”، موضحا أن “البرلمان الألماني لم يهدف الى الاساءة لتركيا”، وقال: “تركيا هي دولة صديقة وحليفة ولا يمكن اعتبار هذه الخطوة موجهة ضدها إذ بإمكان الأصدقاء مواجهة بعضهم البعض بالحقائق
أضاف: “يجب على تركيا وأرمينيا أخذ العبر من الماضي، دراسة الحقائق والوصول الى نتائج وبدل ان يتحدث احدهم عن الاخر يجب ان يتحدثوا مع بعضهم البعض وهذا سيكون له قيمة”، مؤكدا ان ” هذا سيحصل يوما ما لا محالة
وعن المستقبل قال هوث : “نحن نعيش في زمن ترتكب فيه المذابح في أجزاء مختلفة من العالم ويمكن ان تتكرر”، معتبرا ان ” استذكار الماضي يساعد الانسانية على عدم تكرار مثل هذه الجرائم وقال: “هذا هو التحدي الأكبر” مشددا على ” اهمية تسمية الاشياء بأسمائها الحقيقية
وفي ختام كلمته أشار هوث الى انه “انطلاقا من كون زوجته من أصول أرمنية ومن وجوده في هذه المنطقة فهو يدرك تماما ان دولا مثل ايران وسوريا ولبنان مدينة للشعب الارمني والعكس صحيح ايضا ولذلك فإن العلاقات متينة جدا بين حكومات الدول المستضيفة والأرمن”، مشددا على “حق الشعب الأرمني بالعيش بأمان بمنأى عن الخوف من الماضي
المصدر: Tayyar.org