رأى رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني ليون زكي أن الفرصة لا تزال مواتية ومناسبة ليحتفظ السوريون الأرمن بحقيبة وزارية في الحكومة المزمع تشكيلها قريباً إثر دخول حكومة وائل الحلقي الثانية طور تصريف الأعمال بأداء مجلس الشعب القسم، بعدما حظوا منذ العام 2012 إلى الآن بحقيبة وزارة دولة لشؤون البيئة وعلى خلفية تغييبهم عن خريطة التشكيلات لـ 70 عام قبلئذ.
وقال زكي في حديثه أن الظرف السياسي الذي جاء بالسوريين إلى طاولة مجلس الوزراء لم يتغير بعد، فلم تدخل سورية مرحلة التغيير التي تخص مستقبلها السياسي والتي يجري البحث بشأنها في مؤتمري “جنيف” و”فيينا” ولم تنل حظها من التوافق الكافي بين الأطراف المعنية محلياً وإقليمياً ودولياً بحثاً عن مخرج لائق لأزمتها التي تعيشها، ولذلك فمن الطبيعي سير الاستحقاقات الدستورية ذات الشأن السيادي في مواعيدها المحددة ومنها الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة يفترض أن تكون موسعة وتضم أطياف المجتمع السوري كافة، ومنهم السوريين الأرمن.
ولفت زكي إلى أن السوريين الأرمن بقوا مخلصين لوطنهم الأول سورية ولم يبخلوا عن تقديم المزيد من التضحيات بغية الحفاظ على وحدة ترابه الوطني على الرغم من المصاب الجسيم الذي أصابهم واستهدفهم بشكل خاص في التجمعات التي تضم غالبية منهم مثل مدينة كسب وحي الميدان في حلب.
وأوضح بأن السوريين الأرمن الذين هجّروا إلى أرمينيا وغيرها من دول الشتات تحمّل بعضهم غصة ولوعة البعد ولا تزال قلوبهم متشبثة وعيونهم شاخصة نحو سورية لا يبغون عنها حولا مهما بلغت حجم المغريات، ورجال أعمالهم الذين لجؤوا إلى لبنان خير دليل على ذلك بعدما رفضوا استثمار أموالهم في البلد الجار الشقيق وبإعفاءات ضريبية ومناخ استثماري محفز لأن عشقهم للوطن سورية يفوق حقهم في تعويض ما خسروه في أتون آلة الحرب الطاحنة التي لم تبق ولم تذر وطالت معاملهم ومستودعاتهم ومحالهم التجارية وبيوتهم وكنائسهم، بالإضافة إلى عمليات القتل العمد والخطف بدافع الفدية التي دفعوا ثمنها غالياً من دمائهم وأرواحهم الزكية.
وشدد على أن قسم كبير من السوريين من أصول أرمينية رفض مغادرة البلاد على الرغم من الأخطار المحدقة بهم، شأنهم شأن باقي فئات المجتمع السوري الذين آثروا البقاء ومواجهة التحديات والصعاب، مشدداً على أن السوريين الأرمن سيكونون أول العائدين إلى موطنهم هنا بالتزامن مع أول يوم تحط فيه الحرب الظالمة، التي طال أمدها، أوزارها.
وأشاد رئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني بتفاني السوريين من أصول أرمنية في خدمة سورية في المجالات كافة من سياسية ونيابية واقتصادية واجتماعية وعلمية وفكرية وعلى مدار تاريخها الحديث وبكفاءة مسؤوليهم الذين تولوا مناصب قيادية مثل وزيرة شؤون البيئة نظيرة فرح سركيس والتي خدمت الوزارة لدورتين متعاقبتين بأمانة واجتهاد في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد والإمكانات المحدودة لعمل الحكومة ووزاراتها، منوهاً إلى أن للسوريين الأرمن نائبان في مجلس الشعب في دورته الثانية الحالية، وهو ما يحملهم مزيداً من المسؤولية ويحضهم على الإخلاص والعمل الدؤوب في خدمة المصلحة العامة والوفاء لبلدهم الذي احتضنهم وبدعم ورعاية كبيرة إبان الإبادة الأرمنية على يد القيصرية العثمانية سنة 1915.
يذكر أن مشاركة السوريين الأرمن في الحياة السياسية راهناً جاءت استمراراً لنشاطهم السياسي الذي انخرطوا فيه منذ عام 1928 وقت تشكيل المجلس التأسيس من خلال ممثليهم في المجالس النيابية إلى حين نهاية الدور التشريعي التاسع وبلا انقطاع قبل إقرار الدستور الجديد لسورية سنة 2012.
وكان هنري هندية أول وزير سوري من أصول أرمينية تولى حقيبة وزارية هي المالية سنة 1936 ثم تلاه ثابت عريس وزير دولة عام 1943، عدا عن المناصب العسكرية التي تولوها مثل شغل منصب رئيس هيئة الأركان في الجيش العربي السوري من قبل هرانت مالويان ومنصب القائد العام للمدفعية في الجيش والذي شغله اللواء آرام قره مانوكيان، وهو الذي رصد الجيش الإسرائيلي مكافأة مليون ليرة لمن يأتي به حياً أو مقتولاً إثر مشاركته في حرب فلسطين سنة 1948 إلى جانب إخوانه العرب والسوريين.
ويشكل السوريون الأرمن 300 ألف نسمة من المسجلين في سجلات القيود المدنية الرسمية غير أن من يقيم منهم بصفة دائمة في سورية تجاوز 100 ألف نسمة قبل الأزمة نصفهم يتخذ من حلب مقر إقامة له إلا أن الحرب الدائرة في عموم البلاد منذ أكثر من خمس سنوات أرغمت معظمهم على مغادرة الحدود طلباً للأمان والاستقرار حيث استقبل لبنان وأرمينيا، وبخاصة العاصمة يرفان، الجزء الأكبر منهم.