10980.jpg

حرب ناكورني كاراباخ.. دور أمريكا وأردوغان في إشعالها!

إقليم ناغورني كاراباخ أو جبال الحديقة السوداء الروسية، يُعرف باسم (أرتساخ) في أرمينيا (غابة الإله أو إله الشمس بالأرمينية)، سكانه 145 ألف نسمة، 95% منهم أرمن، ومساحته 4800 كم،2 وهو إقليم فقير بالموارد الاقتصادية، يعتمد سكانه على تربية الماشية وزراعة الحبوب والقطن.

جدير بالذكر أن الصراع بين أرمينيا وأذربيجان نشأ سنة 1988 بعد أن صوّت الإقليم على الانضمام لأرمينيا، ثم اندلعت الحرب مجدداً بين أرمينيا وأذربيجان من عام 1992 إلى عام ،1994 وأدت آنذاك إلى مقتل نحو 35 ألف شخص وتشريد زهاء مليون شخص، ثم توقفت بوساطة من روسيا والاتحاد الأوربي عبر التوقيع على هدنة خرقتها انتهاكات قليلة عام ،2009 إلا أن هذا التوقف كان أقرب إلى وقف لإطلاق النار، إذ ظلت الدولتان في حالة حرب رغم الجهود التي بذلتها مجموعة (مينسك) التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا، لذلك فإن تجدد القتال بين الطرفين لم يكن مفاجئاً، لأن أسباب الخلاف بقيت قائمة حول إقليم (كاراباخ) تحديداً، إذ إن أذربيجان تعد الإقليم جزءاً منها، في حين ترى أرمينيا أن من حق سكان كاراباخ تقرير مصيرهم باعتبار أن الأرمن يشكلون أكثر من 95% من سكان الإقليم، وقامت بدعمهم في حرب السنتين (من 1992 – 1994) وتمكنوا من إقامة كيان خاص بعيداً عن السلطات الأذرية، أي غير معترف به من هذه السلطات.

يمكن التأكيد والجزم بأن السلطان العثماني أردوغان قرر إشعال نار هذه الحرب بعد طي صفحة النزاع 22 عاماً، لأنها ستُشعل النار شمال القوقاز، وبأمل منه الحصول على تنازلات من روسيا الاتحادية في يرفان أو القرم أو أوكرانيا أو سورية، بعد أن استطاعت روسيا تحجيم الدور التركي.

وبما أن الصراع يدور في قلب القوقاز، وقريباً من منابع النفط في بحر قزوين، فقد تشابكت المصالح الإقليمية وزادت من حدته وتعقيداته وخطورته، ليأخذ منحى التنافس الجيوبوليتيك بين كل من روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، إضافة إلى الإرث الكبير من العداء التاريخي بين الأذريين والأرمن من جهة، وبين الأرمن وتركيا من جهة أخرى.. بمعنى أنه صراع عرقي يتغذى من خلافات الماضي ويضاف إليها الصراع الإقليمي.

أردوغان يدعم أذربيجان علانية لتحقيق أهدافه التي أشرنا إليها قبل قليل (الحصول على تنازلات من روسيا بعد أن حجمت دوره المشبوه في المنطقة)، فقد أعلن إثر تفجر الصراع مؤخراً، بأنه يدعم أذربيحان حتى النهاية، وأضاف قائلاً: (نصلي من أجل انتصار أشقائنا الأذريين في هذه المعارك)، أما إيران فلها علاقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع أرمينيا، ولهذا فهي تدعمها.

روسيا والولايات المتحدة والدول الأوربية دعوا إلى ضبط النفس ووقف الاقتتال وحل المسائل الخلافية بين الطرفين بالطرق السلمية، خوفاً من تطور هذه الاشتباكات إلى حرب واسعة بين البلدين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تورط إقليمي واسع فيها.

في المشهد العام فإن روسيا التي دعت، كما أشرنا، إلى ضبط النفس وحل الخلافات بين الطرفين عن طريق التفاوض، لها قاعدة عسكرية على مقربة من العاصمة يريفان، وتقوم ببناء محطات للطاقة في أرمينيا، إضافة إلى التعاون العسكري القائم بينهما. أما بالنسبة لإيران فإن دعمها لأرمينيا له أسباب اقتصادية، ذلك أن أرمينيا تحتاج إلى النفط الإيراني، أما أذربيجان فهي تصدّر النفط مثل إيران.

والجدير بالذكر أيضاً أن أذربيجان في مطلع استقلالها تحالفت مع تركيا للترويج لمشروع (الجامعة الطورانية)، ما يعني إزاحة إيران عن المنطقة.

في ضوء ما تقدم تتضح حقيقة الحرب الأذرية- الأرمينية، بأنها حرب إقليمية بالوكالة بشكل أو بآخر، وهي تنتظر من يزيدها اشتعالاً، على النحو الذي يفعله أردوغان، أو من يعمد إلى إطفائها خوفاً من توسعها، وهذا ما عملت وتعمل عليه روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين.

أخيراً.. من المؤكد أن التوتير في منطقة القوقاز في هذا الوقت الذي يشهد تغيرات تجري في ميزان القوى الدولي لمصلحة القطب الروسي الصيني وحلفائه، يرمي إلى تهديد المحيط الروسي الحيوي الذي تتقدم مساعيه نحو تثبيت الحلول السياسية في أكثر من منطقة في العالم، وهذا هدف أمريكي – غربي، في محاولة من واشنطن لجر الطرف الروسي إلى (قواعد اللعبة) من خلال التعويل على إمكانية قطع العلاقات بين روسيا وأذربيجان، ما يُضعف الدور الروسي في جنوب القوقاز، إلا أن روسيا تعي هذا الأمر وقد أكدت أهمية التسوية السياسية للنزاع.

نقلا عن جريدة النور

scroll to top