7488.jpg

شكرا خربتم سوريا.. بقلم: آرا سوفاليان

قبل الحرب تحولت سوريا الى (ايديولوجيا الشعب الكاره لكل شيء حتى نفسه، وتحولت الوجوه في الشوارع الى أشياء تسدّ النفس، ولم تعد تتمسح بالرحمن ولا تسبح بحمده، وجوم وكره واحباط) وسادت ثقافة شوفيرية المكاري والتكاسي في كل شيء وانحدر الذوق العام وانحدرت الثقافة وانحدر الفن، ضاعت العدالة وكره صاحب الحق حقه وكره نفسه. والتعجيز وعدم الجدوى في التعليم ساعدتا على تحفيز سياسة الهروب من المدارس. اللا عدالة ادت الى اغتناء التافهين وفقر المتعلمين. لاأعرف عاراً أكثر من تحول مهندس الى شوفير تكسي وتحول معلم مدرسة الى بائع على بسطة خضرة بعد انتهاء الدوام…لكل مصيبة مسببات ومسببات مصيبتنا معروفة.

صرفنا 85% من اجمالي موازنتنا للتسليح فقتلنا انفسنا بما صرفنا. لو ذهب ربعهم للتعليم وللإنعاش الاقتصادي لما حدث الذي حدث. ديدننا طباعة الدواوين والتغزّل بالنساء وبالطيور والحساسين، وفي مواجهتنا عدو لا يستكين، تركنا الذئاب تربي الخراف من خلف المنابر وحسيب نائم والرقيب في اجازته خائر، ركضنا خلف السفاسف والتوافه وتركنا الهام للهوام، لا مشكلة لطالما ان الحريق لدى الجوار، ودفنّا رؤوسنا في الرمال حتى شمل الحريق الدار، كيف سنخرج من هذا البلاء، والسلاح في يد الجهلاء، كيف سنخرج من هذا البلاء بعد تهميش الحكماء، نحتاج لقرن كامل إن تمتعنا بالعزيمة والايمان، لجمع السلاح ودفن الاحقاد، ونحتاج لمعجزة لتوحيد القلوب وقد ولّى زمن المعجزات.

شكراً خربتم سوريا ولم تتركوا فيها حجر على حجر، ولا بيت نأوى اليه ولا زرع ولا حقل ولا ضرع ولا مدرسة ولا غلال ولا سحر ، وصرنا مراكب موت في البحار، وأيتام على موائد اللئام، وحثالات وأرقام، شكراً خربتم سوريا ولم تتركوا فيها حجر على حجر.

آرا سوفاليان،
كاتب انساني وباحث في الشأن الارمني
28 07 2015

scroll to top