1874.jpg

الإبادة الأرمنية.. دماء وحبر – الحلقة الثالثة | بقلم: ملكون ملكون

ضمير ميت

و مابين ضمير حي و ضمير ميت تفاوتت التصريحات التركية حول المجزرة … فالدكتور ناظم … عضو اللجنة المركزية لحزب الاتحاد والترقي يقول في خطابه أمام أعضاء اللجنة) : (( يجب ألا نترك أرمنياً واحداً في تركيا، يجب أن نقتل الاسم الأرمني، سيتساءل بعضكم هل من الممكن أن نكون برابرة إلى هذه الدرجة؟ أو ما الضرر الذي سيأتينا من الأطفال والعجزة والمرضى لنقتلهم؟ من الوحشية قتل الناس الأبرياء، هكذا ستقولون: أرجوكم يا حضرات الأفندية، لا تكشفوا عن شعور الضعف والأخلاق في قلوبكم فهذا مرض خبيث، نحن في حرب وما هي الحرب في نهاية المطاف؟ أليست هي الوحشية بذاتها؟ إن الوحشية تكمن في قوانين الطبيعة…

أما مولان زادة رفعت… أحد القادة المرموقين في حزب تركيا الفتاة فيقول : ((عندما تحاول وصف الفظائع التي اقترفها هؤلاء المجرمون يرتجف قلمك في يدك، أطفال أبرياء لا يعلمون شيئاً من مشاكل العالم كان كل ما يحتاجون اليه هو المحبة والعطف، كانوا نائمين في أحضان أمهاتهم وابتسامة ملائكية ترتسم على شفاههم، وفجأة يتم اختطافهم من أمهاتهم ويلقون حتفهم بضربة فأس قوية وتسيل الدماء والدموع من أعينهم في حين يضحك الجزارون الأتراك بهستيرية على ما فعلوه ويرغمون الآخرين الذين ينتظرون موتهم أن يضحكوا معهم، كيف يمكن وصف وحشية مجنونة كهذه دون أن يهتز الجسد والروح معاً من هول هذه الفاجعة!)). ويقول طلعت باشا وزير الداخلية : (( إنني أنجزت من القضية الأرمنية خلال ثلاثة أشهر فقط ما عجز عنه عبد الحميد خلال ثلاثين سنة )).

محمد شريف باشا سفير الدولة العثمانية في السويد في مقابلة مع جريدة جورنال دو جينيف بتاريخ 21 /9/1915 يقول: (( المجازر الأرمنية التي اقترفها النظام العثماني فاقت في وحشيتها وحشية جنكيز خان وتيمور لنك بدون شك، ونوايا الاتحاديين لم تكشف إلى العالم المتحضر تحيزهم علانية إلى جانب المانيا، واذا كان هناك وجود لشعب اتصف بصلاته الوثيقة بالأتراك واخلاصه وخدماته الجليلة للبلاد وصلته برجال الدولة والموظفين والفنانين والأذكياء الذين قدمهم، فهو من دون شك الشعب الأرمني، وأسفاه عندما يفكر المجرمون بأن شعباً بهذه المواهب يجب ان يختفي من التاريخ فإن أقسى القلوب تنزف دماً على هذا التصرف وأنا أرغب من خلال صحيفتكم المحترمة أن أعبر عن غضبي حيال هذه الممارسات الوحشية ضد الأرمن من قبل الجزارين وأسفي الكبير على الضحايا البريئة)) .

أما صحيفة يني استقلال التركية 11 آب 1965 فقد كتبت في 11 آب 1965 : (( كم سننتظر؟ ألم تكونوا أنتم من دفن 40 فدائياً أرمنياً في قلعة عنتاب وهم أحياء؟ ألم تكونوا أنتم الشعب الذي نصّب الراية التركية على قبب الكنائس الأرمنية؟ ألم تكونوا أنتم نفس الشعب الذي أحرق بيوت الأرمن بمن فيها في عنتاب…)).

الأب الروحي لتركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك قال في شهادته امام محكمة زعماء حزب الاتحاد والترقي: (( لقد ارتكب مواطنونا جرائم لا يصدقها العقل ولجؤوا إلى كل اشكال الاستبداد التي لا يمكن تصورها ونظموا أعمال النفي والمجازر وأحرقوا أطفالاً رضعاً وهم أحياء بعد أن صبّوا عليهم النفط واغتصبوا النساء والفتيات أمام ذويهم المقيدي الأرجل والأيدي واستولوا على الممتلكات المنقولة والغير منقولة للشعب الأرمني وطردوا إلى بلاد ما بين النهرين والصحراء السورية أناساً في حالة من البؤس والشقاء وأهانوهم واضطهدوهم خلال الطريق بوحشية لا توصف …لقد وضعوا الشعب الأرمني في ظروف لا تطاق لم يعرفها أي شعب طوال حياته )) .

المسؤولية

و اذا كانت المسئولية الاكبر تقع على عاتق الحكومة التركية فان هذه المسئولية لا تموت بالتقادم وفقاً لقوانين الامم المتحدة و ستظل تتحملها الحكومات المتعاقبة على السلطة في تركية ، كما تقع المسئولية على عاتق الحكومات الاوروبية و الروسية و الامريكية التي جرت المذابح امام ناظري دبلوماسييها و بعثاتها التبشيرية دون ان تبدي اي جهد للضغط على الحكومة التركية لوقف تلك المجزرة و لعل مسئولية الالمان لا تقل عن الاتراك في هذه المأساة المروعة اذ كانوا منذ البدء مشاركين فعالين في التخطيط و التحضير لها و كانوا مشرفين على تنفيذها في بعض المناطق هذا بالاضافة الى قدرتهم على الضغط على الاتراك و ايقاف المجزرة لو ارادوا ذلك بعتبارهم حلفاء للاتراك في الحرب .

و قد وصف ونستون تشرشل هذه المجزرة بالمحرقة الادارية و بيّن ان هذه الجريمة قد خطط لها و تم تنفيذها لاسباب سياسية حيث كانت فرصة لتطهير الاراضي العثمانية من العرق المسيحي ، و مما تقشعر له الابدان ان هتلر قد استغل هذه المجزرة ليبرر القتل النازي قائلاً في عام 1939 : (( بعدما فعلت من الذي سيتذكر ابادة الارمن )) .

طائر الفينيق

و لكن لان الأرمني الذي ابيد ثلثي أبناء جلدته عاد لينهض كطائر الفينيق و يزرع في كل بقعة من انحاء المعمورة وطأتها قدماه محبة و اخلاصا و فنا و ابداعا و مهارة و تميز ،فنذكر على سبيل المثال لا الحصر : المطرب شارل ازنافور – كارنيك طولوميان مهندس الفن التشكيلي في العالم الفنّان الذي شكل أحد أعمدة الفن العالمي – هاكوب هاكوبيان مؤسس الشعر الثوري في الأدب الأرمني الشرقي – آرام كارامانوكيان من الضباط الأوائل المؤسسين للجيش العربي السوري و هو من مواليد عنتاب 1910 – هاكوب برونيان من رواد المسرح الساخر في أرمينيا – باروير غازاريان اشهر الشعراء الأرمن – الكاتب وليم سارويان – العالم في الفيزياء الفلكية فيكتور هامبارتسوميان – ألكسندر هاكوب صاروخان رائد فن الكاريكاتير في مصر – الرسام أيفازوفسكي: رسام البحر و افضل من رسم البحر – الموسيقار آرام خاتشادوريان – و المصمم جورجيو ارماني و اخرون كثر .

بقلم: ملكون ملكون
نقلا عن موقع: thevoiceofreason.de

scroll to top