11283.jpg

انقذوا حلب.. بقلم: آرا سوفاليان

انقذوا حلب.. بقلم: آرا سوفاليان

في جهلة العام 1860 عرفت هذه الترتيلة ” اليك الورد يا مريم ” رددتها حناجر المسيحيين في كنائسهم التي تحولت الى هباءً منثوراً ليتم اعادة اعمارها من جديد. وحتى كنيسة القديس سركيس العائدة للأرمن الأرثوذوكس وهي من وقفيات القدس وقبل المجازر الأرمنية 1915 بكثير والكائنة في منطقة الباب الشرقي لمدينة دمشق لم تستثنى من ثورة الهمج فلقد تم احراقها وسويت بالأرض.

وكان التخطيط عثماني بامتياز وبإمضاء ظل الله على الأرض الخاقان الأعظم الجاثم على صدور وأفخاذ النساء في قصر ضولما باختشا في استمبول.

قد يبدو الكلام جارحاً هنا ولكن لا مناص من قول الحقيقة التي تم تجاوزها عمداً وتم دفنها بلا معالجة حيث تركت تلفها القذارة لتنشط من جديد…هناك كتابان الأول يتناول السيرة الذاتية للمحسن الكبير جرجي بيطار كتبه الأب الياس كويتر المخلصي اليسوعي والثاني للباحث بطرس الشامي…وقد عاصر كلاهما الفترة المشار اليها وكتبوا الكثير عنها …إن تغييب هذين الكتابين وتغييب كتاب القس اسحق ارملة المسمى القصارى في نكبات النصارى…ساهم في الوصول الى ماوصلنا اليه في سوريا كلها وفي حلب على وجه الخصوص، حلب التي تتعرض اليوم الى جريمة الافناء المتعمد…وشعرت بالألم يمزق قلبي عند رؤية الأشلاء والدماء على الأرض وأطفال بعمر الورود في حلب مرّ بها الموت في أوائل ربيعها أو قبل بدء الربيع…ورأيت تقرير صحفي يشتكي فيه بعض الأرمن في حيّ السليمانية و الميدان من الحال الذي وصلوا اليه فلقد دمرت بيوتهم بقنابل جهنم واحرقت سياراتهم وتم قتل ابنائهم والبعض من أقاربهم وتناقص عدد الباقون منهم في حلب من 75 ألف الى بضعة آلاف !!!

بالعودة الى ما كتبه بطرس الشامي في عام 1860 عن دمشق وبالمقارنة بين الذي حدث لدمشق والذي يحدث الآن في حلب نجد : ان جميع الذين شاركوا في الهجوم على المسيحيين فيما يعرف بطوشة 1860 في سوريا كان بتعليمات من العثمانيين الى اغوات دمشق انذاك والذين بدورهم قاموا بتحريض الغوغاء والزعران على المسيحيين ومن جملة المهاجمين سنّة الشاغور والسويقة ودروز حي التيامنة بالقرب من مشفى المجتهد حاليا وهذه حقيقة لا ينكرها سكان حي التيامنة وتناقلوها سماعاً عن اجدادهم، وايضا اليهود من حيهم الواقع بين باب شرقي والشاغور بدءاً من القشلة مروراً بمدرسة الآليانس وشارع الأمين وسوق الخضرة وكنيسة المريمية وما جاورها والتي نالت ما نالت على يد الحثالات أصحاب الاستعداد النفسي للخطأ.

وايضا عدد قليل من نصيرية دمشق الذين اجبروا على فعل ما فعلوا وهم غير مقتنعين.وكان للمجاهد الحقيقي صاحب الضمير الحي المسلم الحق وصاحب الانسانية والرحمة الأمير عبد القادر الجزائري المنفي من الجزائر المحتلة من قبل فرنسا آنذاك الى دمشق.

كان له دورا عظيماً في ردع المهاجمين وشراء ارواح المسيحيين والدفاع عنهم وحمايتهم في داره ودور أصحابه. وهرب بعض المسيحيين الى صيدنايا فلاحقهم زعران دمشق والتل الى هناك لقتلهم ولكن السيدة العذراء تولت حمايتهم.

كانت المأساة الكبرى قد لحقت بالمسيحيين في حي بريد وفيه الأغلبية من المسيحيين الذين لم يتمكنوا من الفرر أمام المد الوحشي فلقد دخل الرعاع دورهم ولحقوا بهم الى الاسطحة حيث تم ذبحهم والقاء جثثهم الى الأزقة وفي نهر بردى الذي يمشط دمشق من شمالها الى جنوبها وتم سبي النساء والبنات واغتصابهم واقتيادهم الى الجهات التي قدم الرعاع منها وأسلمتهم.

تدخلت الدول العظمى متأخرة فتوقفت الذبح وعاد الهاربون من المسيحيين الى دورهم مثل كل مرة لإعادة البناء. والمصيبة الكبرى ان القتلة لا يعرفون الذنب الذي ارتكبه المغدورون، ولا المغدورون يعرفون.

من هذا الذي زرع اول بذور العداوة من بين المسلمين والآخرين ولماذا، ولماذا لم يختر شعوباً أخرى يصعب الوصول اليها كشعوب الأسكيمو؟؟؟
من هو الذي زرع أول بذورالعداوة ما بين السلمين والمسيحيين وما هو الحصاد؟

الحصاد هو الموت والكراهية والجمر المختبئ تحت الرماد.

كل الطوائف في سوريا عدا المسيحية، تكره بعضها بعضاً وتنتظر بعضها لإبادة بعضها الآخر…رحم الله المسلم الحق الأمير عبد القادر الجزائري…لقد كان يدرك تماماً ان أعداءه الحقيقيين وهم الفرنسيين ليسوا مسيحيين لا من قريب ولا من بعيد، فاختار حماية المسيحيين الحقيقيين في دمشق.

أما كلمات ترنيمة اليك الورد يا مريم فهي الآتية:

اليك الورد يا مريم
يهدى من ايادينا
هلمي واقبلي منا
عربون حب
أكيد مع تهانينا
حروب تملأ الأرض
وضيق عنه لا نرضى
غدونا كلنا مرضى وليس فينا
نطاسي يداوينا
على الأبواب اطفال
لهم في العمر آمال
يذوب القلب إن قالوا
جودوا علينا
فإن الجوع يضنينا
فإن الجوع يضنينا

آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
29/04/2016

scroll to top