9991.jpg

المخاض التركي الطويل.. بقلم: فاهان كيراكوسيان

هذه الدولة التي اسمها – اليوم – تركيا، إنّما هي خدعة دولية روّجتها الصهيونية العالمية .” أنا لا أقصد الإهانة لِ اليهود من مصطلح الصهيونية كما تفعل الأصوليات العنصرية، و في الوقت ذاته لا أطمع بِ كسب ودّ اليهود من هذا التوضيح، أمّا أنني سَ أكون في مرمى نيران العنصريات النازية، فَ هذا لا شكَّ فيه إطلاقا “.

إنها – الصهيونية – فعلت ذلك لِ تَلقى ( تركيا ) قبولا دوليا و اقليميّا، و لتستمر السلطنة العثمانية ( تحت اسم تركيا ) في لعب دورها في هذا الشرق لِ جهة تفتيت و تدمير الدول، و الكيانات العرقية، القومية، الإثنية، الدينية، و الطائفية، و لِتثبيت وتقوية الدولة اليهودية التي كانت لـ السلطنة العثمانية الدور الرئيس في إنشائها، و هنا أيضا أجد لزاما عليّ أن أوضّح التالي” إنّ موضوع دولة إسرائيل هو موضوع شائك و معقّد، و لا يجب تسطيحه بأنه كيان مصطنع يجب اقتلاعه، و لا يجب تحويل هذا النزاع إلى صراع ديني”.

كما يبدو، أو بِالأحرى، كما أرى بِ أنّ تركيا قد قامت بِتنفيذ ما كان مخططا لها من قِبَل حُماتها الأطلسيين الذين حافظوا على هذا الكيان المصطنع، فالدول الأوروبية، و تاليا حلف الشمال الأطلسي يعرفون، لا بل، هم الذين سمحوا للسلطنة العثمانية باستعمار أراضي دول ذات سيادة، و الإبقاء عليها تحت السيادة التركية كمكافأة لها على دورها التدميري للمنطقة، و هم الذين هَرَّبوها من وجه العدالة التي سَ تلاحقها بسبب جرائمها المروعة ضد الإنسانية، و على رأسها جريمة العصر ” إبادة الجنس الأرمني “، و جرائمها في إبادة اليونان و السريان و العرب و البلغار، و لأن هذه الجرائم لا تموت و لا تُنسى بالتقادم، فالمجتمعات المتحضرة ستجد نفسها في موقف مخزٍ أمام شعوبها و أمام العالم أجمع، حين تتم مطالبة العدالة الإنسانية بمحاكمة الدولة التركية، الوريث الشرعي لِ السلطنة العثمانية، لذلك، و لكي يتفادوا السقوط الأخلاقي أمام شعوبهم مستقبلا، و لكي يفلتوا من غضب التاريخ عليهم، فَ ها هم يمهّدون التربة لِ جَلْبِ تركيا إلى محكمة الشعوب، و الخطوة الأولى كانت في دفعها لِ شَنّ الحرب على الأكراد، و إعادة الانتخابات البرلمانية و تعويم السيد أردوغان و حزبه الإسلامي للفوز بأغلبية المقاعد البرلمانية، و الخطوة الثانية كانت في التغاضي عن ارتباطه و احتضانه و دعمه للمنظمات الإسلامية المصنفة أمريكيا و أطلسيا بِالإرهابية، و ثالثا سماحهم له بِ الغزو الإسلامي لِ أوروبا من خلال فتح حدود السلطنة أمام المهاجرين غير الشرعيين باتجاه أوروبا و ليس باتجاه السعودية، و رابعا سماحهم له باستقدام الإيغور و المغول و التتار و التشيتشان و التركمان إلى سوريا و طرد التركمان السوريين من موطنهم إلى اللاذقية، و بناء معسكرات إرهابية لهم هناك في جبل التركمان السورية، و خامسا تغاضيهم عن سرقته لِ المعامل و المصانع السورية، و أيضا سرقة النفط و الآثار السورية عبْر المافيات التي يتزعمها ابنه بلال و زوج ابنته الذي عينه وزيرا لِ الطاقة مؤخرا، و سادسا دفعهم له بإسقاط الطائرة القاذفة الروسية سوخوي 24 فوق الأجواء السورية، و سابعا عدم توجيه لوم أو عَتَبْ له و الإسراع في عقد اجتماع طارئ لِ الناتو بناءً على طلبه فور إسقاط طائراته أل إف 16 الأمريكية الصنع لِ الطائرة الروسية.

أمّا السيناريوهات المطروحة على اللاعبين الأساسيين فهي:

1) أن يتجاهل الناتو العقوبات الروسية المتصاعدة بِحَقّ تركيا، بما في ذلك ضربة عسكرية موجعة و محدودة.

2) أن يذهب الناتو في الدفاع عن تركيا ضد أيّ تهديد روسي لها، و بالتالي خسارة سوريا كلية، لأن سوريا منذ الدقيقة الأولى بعد إسقاط السوخوي أصبحت تحت المظلة الروسية بِ التمام و الكمال، أي أنها أصبحت خطا أحمر من آخر متر لها على حدود الدول المجاورة، و هذا السيناريو إذا ما اعتمده الناتو، سَ يكون الموضوع السوري حينها من ذكريات الناتو و دول الكومبارس كَ السعودية و تركيا و قطر، سَ يجلسون في مرابع المهباج و القهوة المرّة تحت خِيَم البترول، لِ يبدأ الحكواتي السوري بِ مسامرتهم في رواية الحكايا الشامية. .

3) أن يذهب الناتو بِ التحدي الحقيقي و الفعلي ضد الروس، و هنا سَ يتفاجأ الناتو من الحلف المرعب الذي سَ يمتشق مفاتيح الصواريخ النووية العابرة لِ القارات، و في هذه اللحظة بِ الذات، سَ يتجه الناتو إلى تركيا لِ يقدّمه قربانا لِ خلاص الإنسانية من دمار و حريق كوني محقّق، و سوف يتنفّس التاريخ الصعداء لأنه سَ يكون بذلك قد أزال لطخة سوداء من جبينه، و الأمور لن تقف هناك، إنما العدالة الكونية سَ تتابع محاكماتها ضد قوى الشر و الإرهاب و الظلام.

4) أن يذهب الناتو لِ العمل مع الروس في تحالف دولي لِ محاربة الإرهاب، و القبول بِ الحل الروسي لِ الأزمة السورية، و ذلك تجنبا لِ ما هو أعظم، لأن المثل يقول: ” إن لم تستطع قتل الدب، فَ لا تطلق النار عليه ” . أعتقد بِ أنّ تركيا قفزت قفزتها الأخيرة في الهواء، و أعتقد بِ أنه الوقت الملائم لِ هذه القفزة لأن التاريخ أكمل دورته المئوية، فَ بداية المخاض كانت في 1915 من القرن المنصرم، و ها هي النهاية قد بدأت في 2015 من قرن عدالة الشعوب.

بقلم: فاهان كيراكوسيان
نقلا عن الحوار المتمدن | 30.11.2015

scroll to top