هاروت-ساصونيان.jpg

هاروت ساسونيان: اليونان أفشلت حيلة إنكار الإبادة

لم ينجح رئيس حزب العمال التركي دوغو برنتشيك في تكرار لعبة الإنكار التي نظمها في سويسرا قبل عشر سنوات في اليونان في الأسبوع الماضي. وكان برنتشيك قد خطط مع أعضاء لجنته المدّنسة للقدسيات “طلعت باشا” التوجه الى أثينا لتحدي القانون اليوناني الرافض لإنكار الإبادة الذي أقر مؤخراً. كان يحلم بأن يصبح “بطلاً” برفعه دعوى ضد اليونان أمام المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان بعد اعتقاله المتوقع نتيجة خرقه للقانون.

في 2005 وبعد أن اعتقلته الشرطة السويسرية إعتبر برنتشيك مذنباً لإنكاره الإبادة الأرمنية. عندما أعلنت المحكمة الفيدرالية في سويسرا (المحكمة العليا) عن عقوبته طعن برنتشيك في القرار أمام المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان في 2008. في 17 ديسمبر كانون الأول 2013 اتخذ خمسة قضاة من أصل سبعة في المحكمة الاوروبية قراراً لصالح برنتشيك مؤكدين أن القضاة السويسريين خرقوا حقه في حرية التعبير. بعد ثلاثة أشهر طعنت سويسرا في القرار الخاطئ للمحكمة الاوروبية أمام المجلس الأعلى المؤلف من 17 قاضياً.

لحسن الحظ واجهت الحيلة التي خطط لتنفيذها برنتشيك عراقيل عدة في اليونان. أولاً، لم يكن يحق له مغادرة تركيا لوجود منع سفر بحقه بعد إطلاق سراحه المشروط من السجن وذلك لمشاركته في مؤامرة. عندما وصل أعضاء حزبه الثلاثة عشر الى مطار أثينا بدونه قررت السلطات اليونانية ترحيل المجموعة الى تركيا بدلاً من القيام بإعتقالهم وخلق مشاكل لا داعي لها وقد بررت خطوتها بأن مستندات الزوار الأتراك ناقصة.
بعد عودتهم الى تركيا أُعلن عن الأتراك الحزبيين “أبطالاً”. وعلى الفور إتهم برنتشيك الرئيس اردوغان ورئيس الوزراء داود اوغلو في اتخاذ “قرار ماكر للغاية” منعوا بموجبه سفره الى اليونان لإنكاره الإبادة الأرمنية. وقد إتهم أتباع برنتشيك السفير التركي في اليونان كريم اوراس في تدبيره مؤامرة مع الحكومة اليونانية وعرقلته مهمتهم. وبدوره إتهم السفير التركي أعضاء لجنة “طلعت باشا” في عرقلة تنفيذ برامجهم والإعلان عنها مسبقاً رغم نصيحة السفير بالوصول الى أثينا بدون ضجة… وأضاف اوراس أنه بسبب التصريحات العلنية المسبقة للوفد التركي كانت الجالية الأرمنية في تركيا تستعد لمظاهرة احتجاج ضدهم في أثينا.

دافع وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو المنع الذي وضعته المحكمة لكي لا يغادر برنتشيك الى اليونان. وقد نفى تشاوش اوغلو تهمة برنتشيك في المؤتمر الصحفي بأن أنقرة حاولت عرقلة زيارة أعضاء اللجنة الى أثينا. ولكن هناك زيارة مهمة لبرنتشيك فهو سيشارك في 28 يناير كانون الثاني في المحاكمة المتعلقة بالدعوى المرفوعة ضده من الحكومة السويسرية في قضية إنكاره الإبادة الأرمنية أمام المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان.

لقد نشرت وسائل الإعلام الدولية والتركية النبأ الذي نشرته ومفاده أن جيفري روبرتسن وأمل كلوني سيشاركان مع عدد من المحامين البارزين في المحاكمة وسيمثلون أرمينيا خلال المحاكمة. وقد رد برنتشيك على نبأ مشاركة أمل كلوني في المحاكمة بشكل غريب قائلاً “يمكن أن تشارك السيدة في جلسة المحكمة، ولكن حتى إذا جاءت زوجة المسيح فإنه لا توجد أي فرصة للنجاح”.

بعد آخر مقالة لي أشار عدد من القراء الى الصلة العائلية بين السيدة كلوني (أمل رمزي علم الدين) والمبشر السويسري المشهور بـ”بابا” جيكوب كيونتسلير المعروف بـ “أب الأيتام الأرمن”. وحتى وقوع الإبادة ساعد كيونتسلير وزوجته على مدى 25 سنة الأرمن في اورفا.

ومن ثم بدأ كيونتسلير وزوجته بالعمل لهيئة المساعدة في الشرق الأوسط ونقلوا آلاف الأرمن الأيتام من تركيا الى غزير لبنان حيث قامت الفتيات الأرمنيات بحياكة السجادة المعروفة “سجادة البيت الأبيض” التي أُهديت في 1925 للرئيس الأميركي كالفين كوليج. وقد تزوج نجيب علم الدين إبن عم جد أمل كلوني خليل علم الدين بإبنة كيونتسلير إيدا. في 1970 أصدرت إيدا كتاباً عن نشاطات أبيها عنوانه “بابا كيونتسلير والأرمن”.

هاروت ساسونيان: ناشر ومحرر صحيفة “كاليفورنيا كورير”

scroll to top