9395.jpg

نريد وطناً يليق بصبرنا.. بقلم: ليون زكي

اعذرونا إن دعوناكم للتدخل في شؤوننا وللجلوس على مائدتنا، اعذرونا إن أساء بعضنا حسن ضيافتكم الدائمة لدينا. ارحموا عزيز قوم ذلّ بالهجرة إليكم، سامحونا إن أطلنا المكوث عندكم، نحن مستضعفون ولسنا طالبين للمتعة ومتطفلين وهواة ترحال.

عيوننا ترحل كل يوم إلى وطننا وعودتنا إليه حتمية وفرض عين على جميعنا، نحن الذين تربينا على عشقه وبذل ما يستحقه من مال وولد ودم. عذرنا أننا استنزفنا حتى الرمق الأخير فبات خلاصنا مجدياً حقاً وبحجم جموع القرابين التي قدمت وتلك التي تنتظر دورها.

دماؤنا في رقابكم جميعاً وأرواحنا التي ودعتنا في منعطفات الحرب وفي طريق الوصول إلى دياركم تتهمكم بسفك دمائنا وإطالة أمد تمزيقنا لجسدنا. توقنا إلى السلم بقدر افتراقنا عنه وحبنا لأرضنا بمقدار ابتعادنا عنها، نحن الذين استهوتهم لعبة القتل والموت حتى صار قدرنا.

صار من حقنا أن نطلب وطناً يتعالى عن الجراح والخلاف، وطناً عصي على أهوائنا ونزعاتنا وعلى أنانيتكم وانتهازيتكم، وطناً يليق بكل تضحياتنا وحجم الدم الذي قدمناه، وبتطلعات أحفادنا بعد أن غاص أولادنا في مستنقعنا، ويليق بحجم صبرنا الكبير والجميل على البلاء والضراء التي لا تطيقها الجبال وحتى البحار التي عجزت سفنها عن حمل أجسادنا إلى مثواها الأخير.

نريد وطناً يحتضن تشردنا ويتسع لكل أطيافه من دون أن ينبذ أحداً أو يستبح دم أحد، يحتوي بؤسنا ويتجاوز مخاوفنا، وطناً يسد جوع الكادحين اللاهثين وراء لقمة عيشهم ويستر المعوزين ولا يزداد فيه الفقير فقراً ولا الغني غنى.

نسعى إلى وطن لا تسمو قضاياه فوق قضية الوجوه الكالحة والأفواه الجائعة والمعد الخاوية والأقدام الحافية والأجساد العارية… وطن نعيد ترتيب بيته الداخلي بأنفسنا وبدون مساعدتكم… وطن جوهره المواطنة وقدس أقداسه الإنسان.

بقلم: ليون زكي،
رئيس مجلس الأعمال السوري-الأرميني.

scroll to top