8726.jpg

لاعب الشطرنج العالمي ديكران بيدروسيان

لاعب الشطرنج العالمي ديكران بيدروسيان

ولد ديكران فارتانوفتش بيدروسيان عام 1929 في قرية ملكي التابعة لمنطقة آراغاتسوتن الأرمنية وترعرع في مدينة تبيليسي الجورجية، وامضى معظم حياته في العاصمة الروسية موسكو، تعلم لعبة الشطرنج عندما بلغ الثامنة من عمره، وشكل انتقاله إلى موسكو عام 1949 خطوة كبيرة باتجاه النجومية حيث ربح عدة دورات، اهمها بطولة موسكو عام 1951 واعتبر آنذاك أحد اقوى اللاعبين بالعالم.

ويعتبر بيدروسيان “البطل” و”المثل الأعلى” في تاريخ أرمينيا الحديث وكانت علاقاته وطيدة بالارمن المتواجدين حول العالم، فبعد خسارته والديه قبل بلوغه سن السادسة عشرة، تبنّته الجالية الأرمنية في كل البلدان و كان يلقى ترحيباً كبيراً منهم في كل البلدان التي تواجد فيها خلال مشاركاته بالدورات العالمية.

وتميز بيدروسيان باسلوبه الشطرنجي الفريد، حيث انتقده معظم اللاعبين لكونه مدافعاً صلباً ويأخذ الحذر في كل الجولات التي خاضها، مما يجعلها “مملة” ويكون التعادل سيد الموقف في غالبيتها، لكن بتروسيان فرض طريقة لعبه التي تمحورت على نظرية “مراقبة تحركات الخصم وعرقلة مخططاته، والتقدم خطوة تلو الاخرى نحو السيطرة على مفاتيح الجولة وبالتالي الفوز بالمباراة” فلجأ عدة لاعبين لاعتماد نفس الاسلوب تجنباً للخسارة المفاجئة، وكان البطل الاسطورة الروسي اناتولي كاربوف “الابرع” في استعمال هذه الطريقة لتصبح مادة اساسية تدرّس في جميع المدارس الشطرنجية. فلقب بيدروسيان بـ” ديكران الحديدي” نظراً لصعوبة اختراق دفاعاته.

البطولات الدولية

حقق بيدروسيان أول نتيجة كبيرة بحلوله بالمركز الأول إلى جانب لاعبين في بطولة الاتحاد السوفياتي للشباب التي اقيمت في مدينة ليننغراد، ولتبعها في العام التالي بفوز كبير ببطولة أرمينيا جامعاً 9 نقاط من اصل 10. لكنه لم يحقق في العام عينه أكثر من المركز الثامن في تصفيات بطولة العالم التي اقيمت في ليننغراد أيضاً عندما جمع 6.5 نقاط من اصل 15. النتيجة الأسوأ جاءت في دورة تبيليسي عام 1946، (6 نقاط من 17) وحل بالمركز الـ16، وبدأت بعدها مسيرة بتروسيان الناجحة نحو النجومية فاحرز بطولة الاتحاد السوفياتي للشباب في العام عينه جامعاً 14 نقطة من 15. وفي العام 1948 حل بتروسيان بالمركز الأول إلى جانب جنريخ كاسباربان في بطولة أرمينيا، بعدما جمع كل منهما 12.5 نقطة من 13.

بطولة العالم

عام 1952 حصل بيدروسيان على لقب أستاذ دولي كبير، واعلن احترافه اللعبة وتخصيصه كل الوقت للعبة الشطرنج. فشارك بتصفيات بطولة العالم في مدينة زوريخ عام 1953 وحل خامساً، وفي امستردام عام 1956 ويوغوسلافيا 1959 حل ثالثاً.

وفي تصفيات عام 1962 التي أجريت في كوراساو حل بالمركز الأول من دون ان يلقى اي خسارة، ليصبح المتحدي الأول على لقب بطولة العالم التي يحمل لقبها الروسي ميخائيل بوتفينيك ففاز عليه عام 1963 بنتيجة 12.5 ـ 9.5 ليتوج بطلاً للعالم. والعامل الأول الذي ادى إلى خسارة بوتفينيك لقبه حسب قوله كان اسلوب بيدروسيان “الحديدي” الذي كان بحاجة إلى نقلة خطرة وحيدة من قبل اللاعب الروسي لمعاقبته. والجدير بالذكر ان بتروسيان هو البطل الوحيد بالعالم الذي وصل إلى نهائي بطولة العالم من دون اي خسارة.

وفي العام 1966 دافع بيدروسيان عن لقبه بنجاح بعد فوزه على متحديه الروسي بوريس سباسكي بنتيجة 12.5 ـ 11.5 ليصبح أول بطل يفوز بمباراة على اللقب بعد الروسي اليكسندر اليخين الذي تغلب عام 1934 على بوغوليوبوف. وفي العام 1968 حصل بيدروسيان على شهادة استاذ من جامعة يريفان بعد اطروحته الرائعة “الشطرنج والمنطق”. واستطاع سباسكي عام 1969 ان يثأر من بتروسيان وتغلب عليه بنتيجة 12.5 ـ 10.5 وانتزع منه لقبه العالمي. يذكر ان بتروسيان هو اللاعب الوحيد الذي اوقف مسلسل انتصارات البطل الاميركي بوبي فيشر في تصفيات بطولة العالم عام 1971 عندما حقق الأخير 20 فوزاً متوالياً، لكنه خسر امامه في مجموع المباراة (6.5 ـ 2.5).

مشاركاته مع المنتخب السوفياتي

لم يكن بيدروسيان في صفوف المنتخب السوفياتي حتى عام 1958 عندما لعب على الرقعة السادسة في اولمبياد ميونيخ واحرز الميدالية الذهبية الفردية في رقعته جامعاً 10.5 نقطة من اصل 13، كما حصل على ميدالية اخرى ذهبية بعد فوز فريقه باللقب. كما شارك بتروسيان في 9 دورات أولمبية اخرى آخرها عام 1978 في العاصمة الأرجنتينية بوينس ايرس فبلغ معدل نقاطه 79.8% بعدما فاز في 78 جولة وتعادل في 50 وخسر جولة واحدة فقط. ونال 9 ميداليات ذهبية للفرق وواحدة فضية و6 ميداليات ذهبية فردية على رقعته. وفي بطولة أوروبا للفرق حقق بتروسيان 15 فوزاً و37 تعادلاً من دون اي خسارة بمعدل بلغ 64.4% ففاز بثمانية مياداليات ذهبية لفريقه واربعة فردية.

مرضه ووفاته

توفي بيدروسيان في 13 آب من العام 1984 بعدما اصابه مرض السرطان في معدته وكان يبلغ من العمر 55 عاماً فقط، وككل الابطال بقيت جولاته “خالدة” في ذكرى محبيه وخاصة الأرمن الذين يكرمونه في ذكرى وفاته سنوياً.

scroll to top