7290.jpg

الكاتب والموسيقي آرا سوفاليان

نص المقابلة التي أجراها موقع خبر أرمني مع الكاتب والموسيقي آرا سوفاليان.

ـ الرجاء التعريف بنفسك ومجال اختصاصك؟
مرحباً. أنا آرا سوفاليان مواليد دمشق 4/11/1955 والدي وارتان سوفاليان ووالدتي جانيت الخوري متزوج من رينيه صوصانية ولدي ابنتان آني وكارني… وهذا جواب الشق الأول من السؤال أما الشق الثاني فهو العقدة…

ـ أرجو توضيح ذلك لأن كلمة عقدة بحد ذاتها تعتبر مشوقة؟

نعم فأنا منذ العام 1970 أعرف أنني عازف بيانو وأورغ وعملت في البلاد العربية وأوروبا أما أكاديمياً؛ فأنا منذ العام 1982 متخرج من جامعة دمشق وأحمل شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والتجارة فرع المحاسبة وشغلت لفترةٍ ماضية منصب رئيس حسابات فرع السكن العسكري في دمشق …

تتمة الحوار

ـ تناهى إلينا أنه لك علاقة بمهنة طب الأسنان وهذا ما أرشدنا إليه محرك البحث جوجل فهل لكم توضيح ذلك؟

صحيح فأنا منذ العام 1986 أعمل في الدعاية الطبية وتوزيع الأجهزة والأدوية المتعلقة بطب الأسنان ولي ترجمات لمحاضرات علمية وأبحاث تم تنصيب أغلبها في الانترنيت في بعض المواقع الطبية وأهمها www.dentalgates.com وهو الموقع الذي أشغل فيه منصب نائب مدير الموقع، بالإضافة إلى رئاسة تحرير الزاوية الأدبية وقسم الإعلان، ومنذ العام 2007 أعمل كممثل لشركة فارماكول وكلاء زرعات نوبل بايوكير برينمارك السويدية.

ـ نعرف أنه لك اهتمامات بعلوم الكومبيوتر المتنوعة هل يمكن إلقاء بعض الضوء؟

نعم وهذا يعزى إلى علاقتي الوطيدة بالموسيقى؛ فلقد اهتممت بالإلكترونيات بشكل عام وبهندسة الصوت والتصوير بكل أنواعه ودخلت طريق البرمجة في الكومبيوتر ولي برنامج مخصص لطب الأسنان ومشهور في سوريا أسميته Aradent وهو سهل وممتع ويفي بالمطلوب، بالإضافة لبعض البرامج المحاسبية التي اعتمدتها في عملي… ولي الكثير من ملفات الباوربوينت التي أعتمدها في الدعاية الطبية ويستخدم أغلبها في المؤتمرات الطبية وتتميز بقاعدة علمية ثقيلة ومصداقية كبيرة.

– وما قصة عالم موسيقى الكومبيوتر (ملفات الميدي) فما وجه الحاجة لهذه الملفات والى أين ذهبت بك؟

إن تعلقي الشديد بالموسيقى أولاً و بالكومبيوتر ثانياً وهذه العلاقة فيها تلازم تام فإن هذا التعلق قادني إلى عالم موسيقى الكومبيوتر؛ فقررت أن أكون صانع ميديات، حيث استطعت إعادة عزف أغلب المقطوعات والأغاني التي اشتغلت عليها في كل الفرق التي عملت معها ودخلت باب التوزيع والتأليف الموسيقي ولأن لي فلسفة موسيقية خاصة بي؛ فأنا لا أتوانى عن تفكيك أية قطعة موسيقية وإعادة صياغتها حسب مدرستي… وبعد تأسيس فرقة كورال كارني التابعة لمدرسة الرسالة الخاصة في دمشق وجدت أن هناك حاجة لإنجاز كافة موسيقى الكورال وتطويعها لخدمة طلابي منذ لحظة دخولهم المدرسة وحتى تخرجهم منها… ولأن الكورال توسع وكبر فلقد برزت الحاجة للتنويع لمواكبة حاجات المسرح؛ فبدأت بالمسرحيات الغنائية وسخّرت ملفات الميدي لخدمة المسرح وببعض الجهد وجدت نفسي كاتب مسرحي…ثم مخرج منفذ وهذا أملته الضرورة فأنا أحب أن أباشر كل شيء بنفسي.

ـ من أرشيف الانترنيت نلاحظ أنك صاحب عدد لا بأس به من المقالات التي تتناول مختلف الموضوعات الاجتماعية والثقافية والأدبية والتاريخية والوجدانية ويتحدث الكثير منها عن الشأن الأرمني وموجودة في المواقع الإلكترونية السورية والعربية والعالمية، ويلاحظ أن هذا جزء هام من اهتماماتكم، والسؤال هو: من أين نبعت الحاجة إلى الكتابة في المواقع الإلكترونية وهل تجدون تجاوباً مشجعاً؟

صحيح فلقد حدث هذا بعد أن ذاع صيتي ككاتب يتناول الموضوعات الاجتماعية والوجدانية والتاريخية والسياسية بأسلوب شديد التهذيب، والفضل يعود لموقع سيريانيوز www.syria-news.com حيث تم نشر ما يقارب المائة مقال لي، لقيت أرقام زيارات غير مسبوقة وحظيت بالمجمل بآلاف التعليقات التي غلب فيها الاستحسان والقبول وانتشرت أعمالي في الشبكة العنكبوتية وفي مواقع كثيرة لم يعد بإمكاني الإحاطة بها وهذا ليس فقط جزء هام من اهتماماتي بل هو جزء من العقدة، فأنا في كل مرة أخشى من تقديم عمل أقل جودة من الذي قبله ولأنني أضع اسمي الحقيقي ولا أستعمل اسم مزيف وكذلك أضع عنواني الإلكتروني الصحيح، فإن لي شعبية مذهلة وأرشيف يحوي آلاف العناوين وأصدقاء حول العالم (في الولايات المتحدة الأميركية والفضل يعود لموقع بيز ويب شيكاغو دوت كوم؛ وفرنسا وبلجيكا والفضل يعود لموقع إكليز آبوستوليك؛ وكندا والفضل يعود لموقع عرب 2000) وكافة مواقع الميوزيك ميدي في أرمينيا وروسيا وجورجيا وخاصة تلك المهتمة بالموبايل تون؛ حيث تم تزويدها بنغمات ميدي من صنعي، ومواقع الخليج العربي، حيث ينبئني محرك البحث جوجل كل يوم عن وجود موقع جديد تم فيه استضافة شيء من أعمالي… بالإضافة لأغلب المواقع السورية بالطبع… أما الحاجة إلى الكتابة في المواقع الإلكترونية فلقد نمت في جو الحرية والمكاشفة والشفافية الذن نعمنا به في سوريا في مطلع الألفية الثالثة… والطريق الذي أسير في هديه هو إلقاء بقعة ضوء على جوانب خفية وسلبية في الغالب… وزرع شتلة ورد وتولي سقايتها والعناية بها بمشاركة الآخرين … والهدف هو محبة وخدمة سوريا وشعبها الطيب في محاولة متواضعة لرد الجميل للشعب العربي عموماً ولشعب سوريا خصوصاً الذي رضيَّ اقتسام الخبز والزاد مع الأرمن إبان محنتهم الرهيبة في العام 1915. أما فيما يتعلق بالتشجيع فهو غير مسبوق وأكثر مما أستحق .

ـ دعنا ننتقل إلى منحى آخر ونتحدث عن مشروع مكتبة الميدي المتعلقة بالموسيقي الأرمنية: متى ظهرت الفكرة لأول مرة لديكم وكيف اقتنعتم بأنها فكرة مجدية ومهمة؟

لقد دخلت عالم الموسيقى في بداية السبعينات بعد أن أسست فرقة الـ Black Eaglesوتقرر في البداية أن أكون عازف كيتار وبدلت الى الأورغ لأنه تبين أنني على الأورغ أقوى من عازف الأورغ العائد لفرقتنا بكثير وكذلك على الكيتار فتقرر تكليفي برئاسة الفرقة لأتولى تعليم البقية كلٍ على آلته… فلقد كنت رئيس الفرقة وعازف الأورغ أما الدرامر فكان أنطوان جين كابابيان وعازف البيس كيتار اوسكار آريسيان وعازف السولو كيتار سمير باشورة (أرمن كاثوليك) والمغني جورج مارديني… وفي السنين التالية ومع عشرات الفرق التي عملت معها في سوريا وخارج سوريا وحتى في أوروبا كنت ابحث بلا جدوى عن الفرقة الكاملة والفرقة الكاملة هي الفرقة التي يتساوى عناصرها في المستوى الفني والفكري… فلقد كان هاجسي الدائم الوصول الى التناغم الانساني والوقوف على نفس الدرجة في سلم الأولويات والاهتمامات والمكانة… ولم أنجح في تحقيق هذا الهدف إلاّ بعد اختراع الميدي… ففي كل مرة كان عليَّ القبول بعازف ضعيف أو بعازف مستهتر لا يريد أن يتعلم ولا يريد أن يفهم بأن الأوركسترا هي اندماج وتناغم وهارموني له أصول وقواعد متفق عليها… وكنت أضطر للقبول والرضوخ تحت طائلة تعطيل العمل وتعطيل المنفعة المادية والكسب المادي… إلى أن ظهر نظام الميدي وقدم لي أفكاري على طبق من ذهب فصرت بمعاونة هذا النظام… صرت عازف اورغ وكيتار وبيس كيتار ودرامز ووتريات ونحاسيات وفوكال وأوكورديون وبيركشن وكل شيء… وهكذا فلقد تحققت أمنيتي بحيث لا أكون مضطراً لقبول عازف يتمتع بمستوى يقل عني… ولأنني صرت مجمل العازفين فلقد تحققت أمنيتي وهي امتلاك فرقة موسيقية يتمتع أصحابها بمستوى إبداعي واحد متكامل ومتناغم ومنسجم بدون معوقات وبدون فرض إرادات وبدون لي أذرع بعد تنحية العامل المادي الذي يفرض ظله على كل التعاملات والعلاقات الإنسانية.

والميدي بكل بساطة هو جملة علائق رياضية ومعادلات تتحقق بواسطة آلة إدخال وهي على الأغلب آلة أورغ تتمتع بخاصة الميدي إن والميدي آوت تتيح إمكانية الاتصال بالكومبيوتر… ويتم عزف الجمل الموسيقية مجردة ليتم اختيار نغماتها وأصوات الآلات المتعلقة وارتفاعات الأصوات وشدتها وتناغمها مع إمكانية إضافة المؤثرات وهي لا نهائية وبعد ذلك يتم حفظ العمل الموسيقى ويفهمه الكومبيوتر بعلائق رياضية برمجية خاصة وبحجوم بسيطة جداً ومقبولة ويعرضه في كل مرة بجودة تتعلق بنوعية كرت الصوت، ففي جهازي لدي كرت صوت يفوق سعره الكومبيوتر وملحقاته بسبب وجود فونتات صوت جيدة… ويتم الاستماع إلى الموسيقى التي أنجزها بحرفية عالية وأصوات حقيقية فآلة الساكسيفون المدمجة في كرت الصوت لدي على شكل فونتات صوتية تشبه في جودة صوتها آلة ساكسيفون حقيقية يقف خلفها عازف ماهر تتضح أمام المايك صوت حركة شفتيه وصوت النفخ الذي يمارسه على قصبة الآلة… أما في كروت الصوت العادية فإن الصوت يكون عادي.

ـ يتم تذييل كافة مقالاتكم بعبارة كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني، الشق الأول مفهوم تماماً، أما الشق الثاني فيرجى القاء الضوء أكثر.

كنت أكتب في سيريانيوز، وهناك لم أجرؤ على الابحار في الشأن الأرمني لأن للموقع خصوصية معينة، وكانت القضية الارمنية هي هاجسي الوحيد والفضل في ذلك يعود لمعلمة فرنسية من أصل أرمني وتدعى فرانسواز كانت معلمتي في الصف الرابع والخامس والسادس الابتدائي، وكان قد تم فرزنا في المدرسة الى طلاب ارمن عليهم تعلم المنهاج الدراسي الارمني من حيث اللغة والتاريخ، وطلاب عرب يجلسون في قاعة المطالعة بإنتظار انتهاء الدرس الأرمني، وكان المدير يقوم بمهمة الفرز وهو فرنسي ايضاً ومن أصل أرمني، دفعني لأقف في رتل الطلاب الغير أرمن، فجائت الآنسة فرانسواز وقالت للمدير وهو خوري أيضاً ويمسك المجد من أطرافه، قالت له: هذا آرا سوفاليان لماذا وضعته مع الطلاب العرب، فأجابها: هذا أمه ليست أرمنية وبالتالي فلا فائدة ترتجى منه فيما يتعلق بالأرمن، ورفضت الآنسة فرنسواز الاستسلام لهذه العنصرية المفرطة وجذبتني من يدي الى حيث يقف الطلاب الأرمن، وبالتالي فلقد أمضيت عمري في أن أكون وفياً للآنسة فرانسواز وبالتالي لقوميتي ومتجاهلاً لوجود هذا العنصري والذي يدعى الأب ميسروب، لأنني كنت ولا زلت اعتبره غير موجوداً في عالمي، ولا أعرف إن كان لا زال على قيد الحياة ولكن وفي العالم الآخر لا بد ان أجتمع به لأقول له، في آرا سوفاليان كل الخير لقضيته وللأرمن ولأرمينيا، وبالتالي سأبقى على هذا النهج حتى آخر يوم من حياتي.

فأنا المدافع الشرس عن قضية شعبي الذي تعرض لأقسى ابادة عرقية على يد برابرة القرن العشرين، شرس ولكن بطريقة مهذبة وأنيقة.

ـ حدثنا عن طرفة حدثت لك في عمرك الفني الحافل

سأحدثك عن طرفة حدثت لي وكان عمري 40 يوم، تعرف ان هناك عادة لدى الارمن وهي أخذ الطفل في عمر الأربعين يوم لزيارة الكنيسة لأول مرة، وذهبت وبمجرد دخولي الكنيسة بكيت فخجلت امي وأخذتني الى باحة الكنيسة، واعتقدت انني انزعجت من رائحة البخور، ولم يكن هذا صحيحاً، ففي الباحة ايضاً بكيت عندما كانت فرقة الفانفار تعزف على النحاسيات.

وعرف أهلي الحقيقة فيما بعد ففي الكنيسة بكيت لأن فرقة الكورال تبالغ في ما يعرف بالترومولو والمبالغة في الترومولو تجعل الأصوات كلها نشاز والترومولو يستعمل في الترتيل الافرادي وليس الجماعي وهذه الحساسية الزائدة التي املكها تجاه الموسيقى جعلتني ادرك النشاز فأبكي… أما البكاء في الباحة فسببه فرقة الفنفار والتي تحوي ككل فرق الفانفار جيش من الهواة، يستطيعون عزف كل المقطوعات الموسيقية بنسبة نشاز تصل الى 70% وهذا ما لا أحتمله لا في الطفولة ولا اليوم.

ـ نتمنى معرفة سبب الحيوية الفكرية الموجودة لديكم، وما هي الأمنية التي تتطلعون لتحقيقها؟

الحيوية الفكرية سببها تشغيل الجزء المتعلق بالطاقة العظمى…أمضيت معظم سني عمري في القراءة فأنا صديق لمعظم أصحاب المكتبات في سوريا وخارجها، وأعتز بالصداقة التي بيني وبين السيد جميل نذر (ناظاريان) صاحب مكتبة نوبل مقابل فندق الشام…وكنت قد طلبت منه الاتصال بي اذا وقع في يده اي كتاب يتحدث عن الارمن وبالنتيجة فإن مكتبتي تضم 3000 كتاب ومعظم هذه الكتب تتحدث عن القضية الأرمنية، أما أمنيتي في هذه الحياة فهي ان ارى ارمينيا والأرمن بخير وان تعود حقوقنا المنهوبة وان يعود ناهبوها الى موطنهم الأصلي…سهول منغوليا.
وفيما يتعلق بمسقط رأسي سوريا فأتمنى ان يعم السلام في ربوعها ويعود الوئام والتسامح وتعود لسابق عهدها لتظل قلب العروبة النابض.

ـ اين انتم الآن؟

غادرت سوريا في نهاية شهر ايلول من العام 2013 الى بيروت ومنها الى ارمينيا وهناك مكثت سبعة عشر يوماً رويت ظمأ يعود لأمد بعيد بعيد، واستلمت جواز سفري الأرمني، وعدت الى بيروت حيث قابلت زوجتي وابنتاي من جديد، وذهبت الى البحرين، وعادوا هم الى دمشق، ومن البحرين الى دبي وعملت كمحاسب في شركة تجارية لها فروع في السعودية وكل دول الخليج فتذكرت الرحالة ابن بطوطة وشكرت الله على نعمه، وتقدمت بطلب لمّ شمل واجتمعت بعائلتي من جديد، غادرت سوريا بسبب تعطل اشغالي كلها وافلاسي الشبه كامل وخسائري الهائلة، وحالفني الحظ فنجوت ونجت عائلتي من تفجيرات كثيرة وهاونات طالت الشارع الذي اسكن فيه ثم مدرسة اولادي ثم الجهة الخلفية من بنايتي ومات الكثير من جيراني واحبابي وأصدقائي، فكان لا بد من الوداع ولكن بعيون دامية…وعلى أمل اللقاء من جديد.

في ختام هذا اللقاء نشكر الكاتب الانساني والباحث في الشأن الأرمني السيد آرا سوفاليان، ونعد بتخصيص حيز في خبر أرمني ننشر فيه مقالاته ضمن ثلاثة أبواب الباب الأول: القضية الأرمنية ، الباب الثاني: اللمحات الانسانية، الباب الثالث: الشأن السوري.

17/07/2015

القضية الأرمنية

جميع مقالات آرا سوفاليان التي تناولت القضية الأرمنية

scroll to top