5705N.jpg

الأرمن في فرنسا

الأرمن في فرنسا

الأرمن في فرنسا مواطنون فرنسيون حاملون لجنسيتها ويعيشون ضمن الجمهورية الحديثة مثلهم في ذلك مثل غالبية الشتات الأرمني في العالم.

الغالبية العظمى من الأرمن الفرنسيون وصلوا إليها بعد الإبادة الجماعية الأرمنية التي تعرض له الشعب الأرمني بين الأعوام 1915 و1923. وفي العقود السابقة وصل عدد آخر من أرمن الشرق الأوسط إلى فرنسا قادمين من أماكن يسودها التوتر أو الحرب كلبنان وسوريا ومصر وإيران وكنتيجة للظروف الإقتصادية الصعبة في بعض مناطق الشرق الأوسط.

الأرقام تتباين بشأن عدد الأرمن في فرنسا ولكن أغلب المصادر تحدد الرقم بين 300.000 و 500.000 شخص. ووفقا لموقع ArmenianDiaspora.org ثمة 400.000 أرمني يعيشون على أراضي الجمهورية الفرنسية وهم يتمركزون في مدن مثل باريس (100.000)، مارسيليا (80.000)، ليون (60.000)، وفالينس (أكثر من 10.000).

الأرمن في فرنسا في أوقات سابقة:

يعود التواجد الأرمني في فرنسا إلى قرون قديمة وربما دفن آخر ملوك أرمينيا “ليو الخامس” في مدينة القديس دينيس أكبر دليل على عمق العلاقات التي ربطت الأرمن بفرنسا. كما أن قيام المصمم والمعماري الأرمني أوتون ماتسايتسي ببناء كنيسة “جيرمغني ديس بريس” وفقا للطراز الأرمني والتي يعود تاريخ بنائها إلى بداية القرن التاسع والتي شهدت بعدها وتحديدا القرنين العاشر والحادي عشر تطورا كبيرا للعلاقات الأرمنية الفرنسية يعتبر دليلا آخر على عمق العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الأرمني والفرنسي.

ووفقا للمخطوطات الفرنسية القديمة فإن الطرفين شهدا علاقات دينية وثيقة في القرنين العاشر والحادي عشر. وأثناء الحملات الصليبية تحسنت الصلات السياسية والتجارية بين الأرمن والفرنسيين.

القرنين الـ 20 والـ 21:

بعد الإبادة الجماعية الأرمنية وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى، العديد من الناجين الأرمن ومن بينهم الأيتام عاشوا في المنطقة المحتلة من قبل فرنسا في الإمبراطورية العثمانية كيليكيا وفي مناطق الإنتداب الفرنسية في كل من سوريا ولبنان.

بعد أن تعرضت القوات الفرنسية إلى الهجوم من قبل القوات التركية الكمالية سنة 1921 واضطرت للتراجع إلى ما بعد الحدود السورية التركية الحالية في مناطق سنجق والأسكندرية بعد معاهدة أنقرة (في أكتوبر/تشرين الأول 1921)، أضطر معظم أرمن كيليكيا إلى الهرب مجددا خشية من بطش الأتراك فتوجهوا إلى مخيمات للاجئين في الأسكندرون وحلب والبقاع اللبنانية وبيروت. ومن هناك العديد من العائلات الأرمنية حصلت على فرصة الرحيل إلى فرنسا.

وصل العديد من اللاجئين الأرمن ممن كانوا في مخيمات تركيا ولبنان ومصر إلى مدينة مرسيليا الفرنسية وسافروا إلى المناجم والمصانع حول مدن مرسيليا وفيلنس وغرينوبلي وليزن وباريس. وفي تلك الفترة كان قد استقر في فرنسا قرابة ربع مليون أرمني ضمن تجمعات ضمت كل منها ما بين 2000-4000 شخص. وبهذه الطريقة بدأ التواجد الأرمني في فرنسا.

قدم أرمن فرنسا الكثير من أجل بلادهم الجديدة فقد قاتلوا واستشهدوا في ساحات المعارك التي شاركت فيها فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية وأبدعوا في الدفاع والمقاومة وقت الإحتلال من قبل ألمانيا النازية.

تطورت العلاقات الفرنسة الأرمنية أكثر ورحبت الجمهورية الفرنسية بالمزيد من الأرمن القادمين من مناطق شهدت توترات ومشاكل كما حصل في تركيا سنة 1965 ولبنان سنة 1975 وإيران سنة 1979 وهذه كانت الموجات الحديثة من الهجرات الأرمنية إلى فرنسا. واليوم العديد من الأرمن من مختلف دول العالم يفضلون إكمال دراساتهم في الجامعات الفرنسة والبعض منهم يفضل البقاء في فرنسا والحصول على المواطنة الفرنسية خاصة في ظل الوجود القوي للجاليات والمنظمات الأرمنية هناك.

يوجد في فرنسا اليوم العديد من المدارس الأرمنية التي يتوجه إليها الطفل الفرنسي من أصل أرمني ليتعلم اللغة والتاريخ والأدب الأرمني منذ نعومة أظفاره وليبقى على إتصال مع تراث الأباء والأجداد.. وإن كان فرنسيا بالجنسية فتبقى دماءه أرمنية ويبدو أن هذا الحرص على المحافظة على الثقافة الأرمنية يأتي بدعم كبير من قبل السلطات الفرنسية وهو ما لا يبدو موفرا بهذه الدرجة لكثير من أبناء الثقافات والجاليات الأخرى في فرنسا.

في سنة 1983 قام الجيش السري الأرمني بعملية فدائية في مطار أورلي في باريس كجزء من حملته لإنتزاع الإعتراف الدولي بالإبادة الأرمنية. قتل في الإنفجار 8 أشخاص وجرح 55 أخرين. ولكن ورغم هذه الحادثة بقي للأرمن مكانة مميزة في قلوب الفرنسيين وأدت الحادثة فعلا إلى إزدياد الإهتمام بالقضايا الأرمنية وعلى رأسها الإبادة الأرمنية ضمن الصحافة الفرنسية واستطاع الأرمن بعد سنوات من النضال من إنتزاع الإعتراف الفرنسي الرسمي بمآساتهم وبدأت فرنسا من حينها تلعب دور المحامي والمدافع عن القضايا الأرمنية في المحافل الدولية تعاطفا مع الأرمن من جهة وبسبب ضغوط اللوبي الأرمني من جهة ثانية.

في الـ 7 من ديسمبر/كانون الأول سنة 1988 وأثناء الزلزال الذي ضرب أرمينيا، لعبت الجالية الأرمنية في فرنسا دورا كبيرا في تقديم المساعدات وإعادة الإعمار ونخص بالذكر الدور الكبير الذي قام به المغني الفرنسي العالمي الشهرة والأرمني الأصل شارل آزنافور الذي بادر بتأسيس مؤسسة خيرية فرنسية خصيصا لتقديم العون والمساعدات لضحايا الزلزال الأرمني ولهذه الجمعية يعود الفضل في إعادة بناء أجزاء كبيرة من مدينة غيومري التي تدمرت معظم معالمها بسبب الكارثة.

scroll to top