5571.jpg

الحفاظ على سعر صرف الليرة السورية الراهن معجزة اقتصادية

إن حفاظ الليرة السورية على قيمة صرفها الراهنة أمام العملات الصعبة، على الرغم من ارتفاعها ووصولها إلى مستويات قياسية رسمية وفي السوق السوداء، بمثابة “معجزة اقتصادية” في ظل “الحرب الكونية” على البلاد، ويعود الفضل للسياسة النقدية للحكومة ومصرف سورية المركزي.

أعتقد بأن سعر صرف الليرة ما زال مقبولاً جداً ومتماسكاً، مقارنة بالضغوط الهائلة التي تعاني منها بفعل العقوبات الاقتصادية الخارجية وبيانات الاقتصاد السوري المنهارة، جراء الأزمة التي لا تزال تعيش فصولها البلاد منذ أكثر من ٤ سنوات والتي لا تقدر اقتصادات دول عظمى على تحمل تبعاتها السلبية.

وكلنا نتذكر بما آلت إليه قيمة الليرة اللبنانية خلال الحرب الأهلية التي عاشها، حيث انخفض سعرها بوصوله إلى عتبة ٣ ألاف ليرة للدولار الواحد، والذي كان يعادل أقل من ٣ ليرات قبل الحرب، التي لا يمكن مقارنتها بكل المقاييس مع الحرب على سورية.

ولدينا مثال آخر حال ألمانيا إبان خروجها من الحرب العالمية مهزومة وتدمير بنية اقتصادها التحتية والتي قادت إلى انهيار عملتها المارك بشكل كامل، بحيث بات وزن السلعة يعادل في بعض الأحيان وزن العملة، ويروى أن لصاً في أحد المتاجر فضل سرقة العربة المملوءة بالنقود على سرقة النقود من أحد المتسوقين لانتفاء قيمتها، لكن استجابة الألمان لنداء الاقتصاديين بحرق كميات كبيرة من عملتهم بغية سحبها من التداول وفرض ندرتها أنقذها وأنقذ اقتصادهم، ودعا إلى مبادرات نقدية واقتصادية خلاقة تستهدف رفع قيمة الليرة السورية بما يراعي ظروف العباد والبلاد.

لقد تدنت قيمة الليرة لأسباب موضوعية قاهرة، على رأسها العقوبات الاقتصادية الخارجية المفروضة على سورية، وعلى إيران وروسيا وحتى فنزويلا وغيرها من الدول الداعمة للاقتصاد السوري، بالإضافة إلى تراجع تحويلات المغتربين السوريين من الخارج وتوقف حركة القدوم السياحي والاستثمارات، وخروج ريع النفط ومعظم الموارد الزراعية من خزينة الدولة، مع انخفاض وارداتها من الضرائب والرسوم وتدمير البنية التحتية للاقتصاد والمعامل المنتجة، واستمرار الدولة بدفع رواتب موظفيها وصرف تعويضات إعادة الإعمار وغيرها من الأسباب الموجبة.

أن المخرج الوحيد لحل مشاكل الاستيراد وتقوية عزم الليرة السورية السماح للتجار بتمويل واستجرار مستورداتهم من حساباتهم في المصارف الخارجية الأمر الذي يقلل من الطلب على العملات الصعبة في السوق السوداء وينعكس إيجاباً على قيمة الليرة.

بقلم: ليون زكي، خاص لموقع خبر أرمني.

scroll to top