5177.jpg

نونة ودريد لحام.. بقلم آرا سوفاليان

اغنية نونة (اسم فتاة أرمنية) ظهرت هذه الأغنية في العام 1970 في أرمينيا السوفياتية آنذاك وغناها كل مغنيي الأرمن في المغترب دون اي تغيير لا في اللحن ولا في الكلمات ولا في الايقاع … وكانت الكلمات على طريقة اللغة الأرمنية النحوية الشرقية وهي تختلف عن أرمنية المغترب الخفيفة المسماة سبورك ولم يحدث اي تبديل في الكلمات… والاغنية تتحدث عن حب ثم فراق بين المغني وحبيبته المسماة نونة ويتحدث عن معاناته بعد ان حدثت القطيعة بين الحبيبين بفعل اناس آخرين غيبوها عنه… ولا علاقة لها لا بالأم ولا بعيد الأم…

فناننا الكبير دريد لحام أحب الأغنية ولا بد انه سمعها من المغني الكبير اللبناني من أصل أرمني آديس هارمانديان (يعيش اليوم في أميركا) الذي غناها مع فرقته في السبعينات وطبعها على اسطوانات وبيع منها عدد لا يستهان به وكنا نعزفها ونغنيها انا وفرقتي الغربية في سبعينات القرن الماضي في كل الحفلات والبارتييات …

تم توفير هذه الاسطوانة من قبل محلات شاهين في ساحة النجمة في دمشق ولم يبق أحد من شباب ابو رمانة والصالحية والقصاع وباب توما إلاّ واشتراها وخاصة المهتمين بالبارتيات وأصحاب الشلل من الجنسين وكانت البارتيات في البيوت ونوادي الكشافة والنوادي الثقافية وكانت توضع هذه الأغنية في الحفلات والبارتيات لمرات عديدة فيرقص على لحنها الجميع وتعاد مرات كثيرة، قبل ان ينحدر الذوق العام وتسود فرق البدو الحفاة وجماعة هز الطبنجات والشعور الاصطناعية التي تصل الى كعوب الاقدام الحافية.

وتم القضاء على الفرق الغربية وتم تحجيمها.وانهارت المحلات العائلية كالوادي الأخضر والكازا والبلو آب والنادي العائلي وتغييرت فئات الزبائن من العائلات الشامية الراقية الى المجرمين والحثالات واللصوص الذين يلعبون بالمال وهم جميعاً من الذكور… وتقوم بعض الغانيات بتشغيل المحل عن طريق لفيف من الصديقات ويتم التطبيق في المحل ويذهب الجميع الى بيوت مستأجرة يبقون فيها حتى الفجر ويغادرون هذه البيوت ويتقيؤون على الادراج ويسببون المصائب للساكنين والشرطة تتفرج وتقاسمهم المغانم….

وبالعودة الى أغنية نونة فلقد أخذها فناننا الكبير دريد لحّام ووضع لها كلمات باللهجة الشامية واضطر الى تغيير ايقاعها الفرح والراقص الى ايقاع بطيء يتلائم مع كلماتها الجديدة الحزينة التي تتحدث عن شاب عقّ والدته ويعتذر لها من حيث هو في السجن…

المهم في الأمر: نحن لا نعتبر أن ما فعله فناننا الكبير دريد لحّام سرقة لأن اللحن تحوّل الى العالمية ولم يعد ملك الأرمن … بل نشعر بالفخر انه اعتمده ونشره على صعيد الوطن العربي كله… نتأمل ان يعود الرقيّ الذي كان في سوريا الى سابق عهده ونتمنى ان تختم بالشمع الاحمر ثم تحوّل الى مدارس، كل اماكن الدعارة المأجورة والرخيصة على جانبي طريق مطار دمشق الدولي وفي منطقة الربوة وفي منطقة النسيم العليل وبالأحرى النسيم القذر في جرمانا … هذه المحلات التي شاركت كلها في جلب البلاء لسوريا لأنها شجعت اللصوص على اقتراف المزيد من الجرائم كالسرقة وذبح اصحاب محلات الصياغة وسرقة اموالهم لإنفاقها على الدعارة وكانت الدولة تغرق في ثبات صيفي شتوي ربيعي خريفي عميق لم تصحى منه ابداً وكانت الشرطة لا تحرك ساكن في مواجهة هؤلاء بل تقاسمهم الغنيمة والمغانم، ولا يجرؤ انسان لا في جرمانا ولا في غيرها على تقديم شكوى ضد هؤلاء لأن العاقبة معروفة ولا طاقة له بتحملها …

وفي النهاية تحية لنونة الفتاة الأرمنية واغنيتها الجميلة التي أخذت بالحس الجمالي للناس فتحولت اغنيتها الجميلة الى العالمية وتحية لفناننا الكبير دريد لحّام ونقول له…كاسك يا وطن…وتحية لمحمد الماغوط الذي رثيته بالعبارة الآتية…(نم بسلام ودعنا ندفع الثمن)…وها نحن اليوم ندفع الثمن.

آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
الجمعة 08 05 2015

scroll to top