3281.jpg

الورد والحب وأرمينيا وعيد الأم… بقلم آرا سوفاليان

سبعة عشر يوماً أمضيتها في أرمينيا، أمضيتها بين الورد والحب، ولمست هناك السبب الذي جعل من أرمينيا قبلة للغزاة، آراراد وماسيس اجمل جبلين في العالم جرسان ينزلان من السماء مكسوان بالثلوج، يطيب لأرمن ارمينيا تسمية آراراد والجبلين المتلاصفين بإسمين متقاربين Medzen Masis yev pokr masis ماسيس الكبير وماسيس الصغير، وكلمة pokr تطلق على الصغار من الأطفال، وعلى عادة الارمن فهناك خصوصية في اللغة توزع الحب بالتساوي، فإذا كان الحب للأم فيجب اشراك الخالة في هذا الحب، فالأرمن لا يقولون عن الخالة خالة ولا يصفونها بكلمة واحدة مفردة “خالة” أو “الخالة”….لا أبداً فهذا لا يكفي…يقولون عن الخالة Mor kouyr وكلمة Mor بالأرمنية هي الأم، و kouyr هي الأخت، Mor Kouyr أخت الأم…ما أجمله من ربط، وما أجمله من وصف، وما أجملها من تسمية، وهذا الترابط الساحر يعطي للأم قيمة أكبر ويعطي للخالة قيمة الأم، عندما نقول أن الخالة هي أخت الأم Mor Kouyr، والحب هذا يسري فنقول عن العمةHokkour وهي دمج واختصار لـ Hor Kouyr أو شقيقة الأب.

في كل ركن وزاوية ومصعد درج، منهل ماء عذب زلال، ومحل أو كشك لبيع الأزهار، والأزهار تحكي قصص الأرمن، وقصص الأرمن دماء.

كنت أعجب من ملابس رجال الدين الأرمن فلقد كانت سوداء ومبطّنة بخطّ وميل ناحية الأكمام أو ناحية الأزرار باللون البنفسجي، أما ما يعتمره رجال الدين في رؤوسهم فهو ما يشبه نهايات بيوت الأجراس وقمم الكنائس القبب من الشكل المستدير الهرمي الهندسي الرائع ذلك اللغز، الذي يزين كل كنائس الأرمن، وفي آني عاصمة أرمينيا قبل يريفان كانت هناك الف كنيسة وكنيسة تم تدمير معظمها بالديناميت وهي كلها اوابد عالمية لها عائدية مقدسة تختلف عن عائديتها الحالية المجرمة ولها سجلات في اليونيسكو وهي تراث انساني عالمي ولكن يقبع في يد الوحوش، مهلهل ومدمّر ومتروك لنوائب الدهر عسى ان تسويه الطبيعة بالارض، ولكن الطبيعة أحنّ وأرق قلباً على الأرمن وأوابدهم، من هؤلاء الجلاوزه أعداء البشر والحجر.

هذه الارض الجميلة وآراراد بقمتيه الجميلتين تشتاق لأهلها وأصحابها الفعليين، تشتاق لأن تزرع بمساكب ورد البنفسج، تشتاق لأن يتم رفع حجارتها وصلبانها لتطال السماء، تشتاق ان تقرع فيها أجراس الألف كنيسة في آني وحدها، تشتاق ان يعود اليها أصحابها الذين يكرهون الدم، ويحبون الحياة ويحبون الحب والموسيقى والرقص والجمال.

سنعود لأننا أصحاب الأرض الفعليين وأصحاب الارث الحلال، سنعود لأن العدل من اسماء الله ولأن الحب هو السيد المسيح ولأننا مسيحيون قبل كل العالم وقبل روما، “لا تقنطوا من رحمة الله” ولن يستمر الجلاوزة في حكم الارض، من هنا من مكاني البعيد يصلني عبق البنفسج تصلني الأهازيج الشعبة يصلني صوت الطبول وصوت الزورنا والرقص والفرح، وغناء الأطفال، وعودة اسراب الطيور المهاجرة، وضحكة كوميداس الضائعة والأم وفرح الأم …آرمينيا هي الأم وعيد الأم هو عيد أرمينيا…لا لشيء إلاّ لكون أرمينيا هي الأم.

آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
20/03/2015

scroll to top