18578.jpg

ماذا كتبت الأديبة الأرمنية سيلفا كابوديكيان للأديب السوري حنا مينه؟

ماذا كتبت الأديبة الأرمنية سيلفا كابوديكيان للأديب السوري حنا مينه؟

بمناسبة صدور الترجمة الأرمنية لرواية (الفم الكرزي) لحنا مينه (1924-2018) في عام 2006 أرسلت الأديبة والشاعرة الأرمنية سيلفا كابوديكيان (وهي من مواليد عام 1919، وتوفيت في يريفان في 26 آب 2006)، رسالة الى الأديب حنا مينه بعنوان (تحية إلى الأديب العربي زميل دربي في القلم حنا مينه)، وقالت أن حنا مينه هو أحد أبرز الشخصيات الأدبية العربية المعاصرة، وصاحب العديد من الروايات والقصص الأدبية، إنه شخصية اجتماعية بارزة حازت على العديد من الأوسمة والجوائز التقديرية.

وكان حنا مينه قد كتب بمناسبة صدور روايته باللغة الأرمنية، في مقدمة الكتاب مايلي: (هذا الشعب المكافح، هذا الأرمني القوي العزيمة والإصرار عاش بيننا، ترعرع في كنفنا وناضل معنا كتفاً لكتف في سبيل استقلال سورية، دون خوف من رصاص المحتل الفرنسي، لأنه كان مقتنعاً بأن القضية واحدة والصراع واحد).

وبدورها قالت كابوديكيان عن تلك الكلمة أنها كانت عميقة المعنى والتأثير حقاً، لأنها لم تكن مجرد كلمات وإنما هدية نابعة من الصميم تقديراً للشعب الأرمني، ذلك الشعب الذي احتك معه الكاتب وعايشه على الواقع، سواء في سورية أو لدى زيارته لأرمينيا موطن الأرمن ومهدهم المترامي تحت ظل جبل آرارات الشامخ.

أما عن رواية (الفم الكرزي) فأكدت كابوديكيان في رسالتها (وقد نشرت صحيفة “النور” نص الرسالة في 18 تشرين الأول 2006)، أنها أحد نتاجاته الأدبية الحديثة، وأننا نلمس الكثير من مشاعر التقدير والاحترام تجاه أبناء شعبنا في كل ثنايا الكتاب وصفحاته. وقالت: “إن هذا الأديب المتبصر يرى أن الأرمني ليس مجرد ذلك الإنسان الذي اقتُلع ونُفي عن أرض وطنه عنوة، أو ذلك المهاجر الواهن الضعيف يبحث في دروب التهجير الأليمة عن ذرة شفقة وسقف ملجأ أو مأوى في المدن المجهولة والبقاع الغريبة عنه. كما أنه ليس مجرد إنسان يسعى لتحصيل قوته اليومي بجهده وعرقه مغمضاً بصره وبصيرته عن مجريات العالم المحيط به، ولا مجرد صانع أحذية أو نجاراً ليس غير، وإنما الأرمني في نظر الكاتب هو (مناضل عنيد وشجاع) وشخصية متفردة اختزلت في ذاتها كماً هائلاً من المشاعر الإنسانية المقرونة بالإدراك الواعي والحس المرهف، المستعدة حين الطلب بالنضال والتفاني جنباً إلى جنب مع أي شعب أجنبي أو غريب عنه كما كان الحال مع الشعب العربي وهو يقارع الاستعمار من أجل الحرية والاستقلال، تماماً بالسوية نفسها التي كان يناضل بها من أجل الاستقلال والتحرير لوطنه الأم.”

وأوضحت كابوديكيان أن معظم الشخصيات الأرمنية الواردة في الكتاب تمتاز بهذه المعالم الإنسانية النبيلة، وخاصة البطلة الرئيسة للرواية يرانيك التي تتسم بالحزم في المواقف والثبات على المبادئ وصاحبة الفكر والخلفية الثقافية الراقية.

وقالت كابوديكيان: “في خاتمة الكتاب ذكر المؤلف تاريخ الانتهاء من كتابة الرواية والمؤرخة في 20 أيلول 1997. وهذا يعني أن الرواية كتبت وطبعت في الآونة الأخيرة أي خلال السنوات التي واكبت بروز قضية كراباخ وتداعياتها، حين كانت وسائل الإعلام الأذربيجانية ـ نتيجة الهزائم التي منيت بها على أرض المعارك ـ تحاول بشتى الوسائل نشر الدعايات ضد الأرمن وإطلاق النعوت الكاذبة عنهم بأنهم (إرهابيون وقتلة ومحتلون لأراضي الغير) سعياً يائساً من جانبهم لتشويه سمعة الأرمن وخلق جو من الكراهية ضدهم في كل مكان. لذلك، وفي إطار هذه الحملات المغرضة والصورة المشوهة للحقائق، فإن رواية هذا الأديب العربي المرموق تأتي أشبه بـ (الكتاب الشاهد) لدحض جميع الأضاليل الدعائية المغرضة التي حاول العدو بثها ضد الأرمن.”

وأعربت سيلفا كابوديكيان عن شكرها للأديب حنا مينه قائلة: ” كشاعرة أرمنية منخرطة مع شعبي وبقضاياه المصيرية، فإنني أتقدم بالشكر الجزيل إلى الشعب العربي الأبي، وبالتقدير الكبير لهذا الكاتب العربي الكبير المتميز بالأفق الواسع ورحابة الصدر والوعي العميق، ليس فقط لأن الشعب العربي كان الملاذ والمأوى للشتات واليتامى الأرمن إبان النكبة، وإنما أيضاً لإصداره هذا الكتاب الدائم المفعم بالعدالة والواقعية والذي سيكون له بلا شك الأثر الإيجابي الفعال في تسليط الأضواء بغية كشف الحقائق، وخاصة في ظروف التشويش الراهنة، حيث يخلطون بين ما هو غض وندي مع ما هو جاف ويابس، فيصبح الضحية بذلك قاتلاً والقاتل ضحية”.

بقلم: د. نورا أريسيان

scroll to top