15006.jpg

فلسطين بتتكلم أرمني.. بقلم: رشا قاسم

فلسطين بتتكلم أرمني.. بقلم: رشا قاسم

إذا كانت فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين هي منذ الوجود عربية الهوية والأنتماء فإن ما يجهله الكثيرين أنها تتكلم اللغة الأرمنية منذ القديم ,كيف لا ووجود الأرمن فيها يعود إلى القرن الرابع الميلادي وثمة اعتقاد أن وجود الأرمن في القدس كجماعة لم ينقطع منذ ذلك الحين وتشير الدراسات ان الوجود الأرمني في القدس أقدم من هذا التاريخ بكثير، أما صناعة أرمن فلسطين الأساسية فهي الوفاء والأبداع فكما تصنع كوبا السيجار الفاخر وكما تنتج مصر القطن الجيد وكذلك فرنسا النبيذ الجيد فإن المادة الرئيسية في جدول صادرات أرمن فلسطين هي الفن، المقاومة والمحبة.

صبغ الأرمن فلسطين بروح أرمنية جميلة من خلال انجازاتهم فيها وتشيدهم للكثير من الأبنية والأديرة والكنائس وغيرها الكثير من الأمور التي أغنت التنوع في الأراضي المقدسة, ويكاد يصبح من الثابت القول أن الفرقة الرومانية العاشرة كانت مؤلفة كلها من الأرمن الذين لعبوا دور التجار والحرفيين وكانوا من أوائل الحجيج الذين أسسوا الخانات ومراكز الضيافة في فلسطين لاستقبال الحجيج ويذكر رادابت “غرابيت” أنسطانس الذي قاد إحدى قوافل الحج من ارمينيا إلى فلسطين في القرن السابع الميلادي في قائمة له أن للأرمن في القدس ومحيطها سبعين ديرا.

نذكر من الكنائس والأديرة التي بناه الأرمن في القدس ما يلي:

1-دير القديس يعقوب الكبير الذي يضم متحف ومطبعة وكنيسة
2-دير الزيتونة للراهبات الأرمنيات
3-كنيسة حبس المسيح
4-كنيسة أوجاع العذراء
5-كنيسة مار كريكور لوسكا
6-جزء من كنيسة المهد في بيت لحم
8- نصف كنيسة مار يوحنا في ساحة كنيسة القيامة
9-هيكل بجوار قبر العذراء في الجتسماني

وهناك الكثير من الأديرة والكنائس في عكا والناصرة وغزة ويافا وبيت لحم .

كان من الطبيعي أن يختلط الارمن في فلسطين بالعرب وأتقنوا اللغة العربية وعلموا اللغة الأرمنية وكانت لهجة الارمن فيها لكنة خفيفة لكنها كانت ولا زالت موضع اعجاب المستمعين لها فوجود الارمن في القدس خاصة وفلسطين عامة كان خلافا لمنطق وجود الأقليات في العالم كله هم لم يشعروا يوما أنهم كذلك ومن أهم المؤسسات التي بناها الارمن هي:

1-مكتبة دير مار يعقوب: التي تحوي على 160ألف مجلد و 3700 مخطوط بالاضافة لوثائق أرمنية قديمة تعود للقرون المسيحية الأولى
2-مطبعة الأرمن في القدس
3-متحف دير ماريعقوب
4-المستشفى الأرمني الذي أسس عام 1951 فضلا عن ذلك ثمة أندية رياضية مثل الهومنتمن وأخرى ثقافية تهتم بالثقافة واللغة الأرمنية مثل نادي أراكس الكاثوليكي.

أرمن فلسطين لهم مواقف مشرفة تجاه قضيتهم فلسطين وهم الذين تعرضوا لنكبتين الأولى على يد الأتحاديين والثانية مستمرة على يد ما تسمى أسرائيل التي تمارس أبشع أنواع القتل تجاههم وتهدم بيوتهم وكنائسهم وأديرتهم المقدسة ونحن في فلسطين نفخر بشخصيات فلسطينية أرمنية معروفا على نطاق العالم بعلمها وثقافتها وابداعها نذكر منهم:

1-بول غيراغوسيان: أهم الفنانين التشكيليين في العالم
2-ليفون ملكيان: دكتور في علم النفس وأشهر عالم نفس بالعالم
3-للي كرنيك : شاعرة مشهورة من طولكرم
4-ألبريت أغازريان: أستاذ في جامعة بيرزيت ومتخصص بتاريخ القدس والناطق الرسمي باسم الوفد الفلسطيني لمؤتمر مدريد سنة 1991م
5-مانويل حساسيان: أستاذ التاريخ في الجامعة نفسها ونائب رئيس جامعة بيت لحم
6-هاري هاغوبيان: محامي معروف على نطاق واسع من العالم وهو مدير مكتب مجلس كنائس الشرف الأوسط في القدس.

بقي أن نقول بأن أرمن فلسطين يدركون بأن على عاتقهم تقع مسؤوليتين الأولى القضية الفلسطينية والثانية القضية الأرمنية وهم يسعون لنيل حقوقهم إلى جانب أخوانهم العرب الأرمن يستحقوا أن يكونوا أعظم وأرقى شعوب الأرض وهم الذين جعلوا فلسطين من خلال انجازاتهم وروحهم وابداعاتهم جعلوها تتكلم الأرمنية بامتياز.

قصيدة تتحدث عن أرمن فلسطين “رشا قاسم”

لا أخشى موتي…ماذا سأخسر بعد
أنا لا أخشى موتي يا أصدقاء
ماذا ساخسر بعد
غربة
تشرد
ضياع
ماذا سأخسر بعد
خليفة هدر دمي
ذبح أجدادي
ضيع عالمي
ماذا سأخسر بعد
خرائط رسومات
أغاني ثورية
مقابر وأكفان ورثتها عن الأجداد
************
أنا لا أخشى موتي بعد الآن
ماذا سأخسر بعد
وطن رسموه في عيوني
رؤيا لا قضية نضال
ولما أخشى موتي
وقمر بلادي لغيري
ووطني لغيري
بيتي وأرضي لغيري
****************
ماذا سأخسر بعد
مطر تجاوزني وروى غيري
صحراء قاحلة سكنت روحي
قبر يمن به علي من أعدائي
رصاص يمر على حلمي
وعلى قمري الليلكي
أماني
أحلام
تاريخ مزور
ذاكرة مغشوشة
نوايا غادرة
****************
ماذا سأخسر بعد
سنة أرمنية تضاف على قضيتي
وهي التي تقف على أعتاب المائة
أم تراني سأخسر
مشهد جديد لصلب “المسيح”
مع مزاج إسرائيلي متقلب مجنون
ماذا سأخسر بعد
موت جديد أعيشه
سقاني إياه الخليفة
نجوت منه هاربا لفلسطين
وصلت إليه نصف شهيد
لألقى موت أخر
على يد قاتلي الأنبياء
ويتجدد موتي بعدها
إلى أي جهة أهرب الأن
مفاتيح بيتي في أرمينيا ليس معي
مفاتيح بيتي في فلسطين صادرته اسرائيل
أنا شاهد المذابح ابن الرابع والعشرين من نيسان
انا شهيد الخريطة ابن كنعان
هل عرفتموني الأن أنا أرمني من فلسطين
خسائري عمرها كثير
كانت في سنة أرمنية لا تنتهي
تشابهت بعدها كل شهوري
تشابه الموتى
تشابه القتلى
مضحك هذا العالم يا أصدقاء
يعتدون على ممتلكاتك وشخصك
يمارسون عليك الظلم والقهر
ثم يبقون على حياتك الذليلة
ويطلبون منك أن تشكرهم لكرمهم
يا لوقاحة أعدائنا؟!!
لا شيء أخسره بعد كل ذلك
سأخذ موتي وأمضى إلى السماء
هناك شمسي
هناك قبر لي من نور وشعاع
هناك فجري يبدأ من وطني
يبدأ من حيفا ويافا
من جلباب مريم بوجهها المضيء
فوق الناصرة والخليل
هناك فجري يبدأ من غرب أرمينيا
من أراضينا المسلوبة هناك.

__________
بقلم: رشا قاسم

scroll to top