13575.jpg

كيف أنقذ زوج سويسري 8000 يتيماً أرمنياً أثناء الإبادة الجماعية

كيف أنقذ زوج سويسري 8000 يتيماً أرمنياً أثناء الإبادة الجماعية

هذا المقال منقول عن وكالة آرمين بريس الأرمنية:

نشرت جريدة أسباريز مقالاً عن قصة عائلة سويسرية أنقذت 8000 يتيماً أرمنياً أثناء الإبادة الجماعية الأرمنية وكتب هاري بوغوصيان، الذي مرّ أجداده من أهوال الإبادة:

“لقد كان من حسن الحظ أن أكون في صداقة مع امرأة رائعة وهي إليبيت كوينزلر مارشال، ولدت في 19 يونيو 1917 في أورفا، تركيا وهي ابنة الدكتور جاكوب كوينزلر،يذكرني الدكتور كنزلر بأوسكار شندلر، الذي أنقذ ما يقارب 1200 يهودي خلال المحرقة، وقد بذل الدكتور كنزلر قصارى جهده لإنقاذ 8000 من اليتامى الأرمن أثناء الإبادة الجماعية الأرمنية من مناطق أورفا وماردين وديار بكر وهاربوت والكمالية وأرابكير ومالاتيا.

وكان الدكتور كوينزلر وهو طبيب سويسري قد كتب كتاباً بعنوان “في أرض الدم والدموع” تحدّث فيه عن 23 عاماً من حياته كطبيب في تركيا (1899-1922)، كان متمركزاً في مستشفى سويسري في أورفا حيث يعيش السكان المسيحيون الأرمن وهم يخدمون المرضى والجرحى والأيتام تماماً مثل ما يسمى الآن “أطباء بلا حدود”.

وعندما قام الدكتور كوينزلر وزوجته إليزابيث بإجلاء الأيتام من تركيا إلى لبنان وسوريا قال: “لقد كانت هذه فرحة بالنسبة لنا ونعتبرها واحدة من أجمل مراحل حياتنا”.

كانت جدتي سانتوخت يتيمة في تركيا في ذلك الوقت وكانت في العاشرة من عمرها وفقدت عائلتها أثناء الإبادة الجماعية الأرمنية ومن الممكن جداً أنها كانت واحدة من تلك اليتيمات التي أنقذهن الدكتور جاكوب.

التقيت ابنة يعقوب كوينزلر، إليزابيث وحفيدته بات مارشال، في بلدتي بسان دييغو بالكنيسة الأرمنية المحلية، كانا هنالك لعرض كتاب من قبل آرا غازاريان، الذي كتب مقدمة وتحرير الترجمة الإنجليزية لكتاب يعقوب كوينزلر.

في أبريل 2010، دعت إليبيت إلى بيتنا وكنت مهتماً جداً في سماع قصصها عن والدها وقالت: “أتذكر أنه من عمر السنتين لعبت مع الأيتام في دار الأيتام وكانوا مثل الإخوة والأخوات لي”.

سألتها كيف كانت العلاقة مع جاكوب كوينزلر، قالت: “أنا أصغر أولاده، كنا صبياً واحداً وأربع شقيقات وكان لدينا شقيقة أرمنية، روزا، وقد تمّ تبنيها قبل أن نولد”.

في تلك الأيام كان الأيتام والأطفال الذين لا يعتنى بهم في القرية يؤخذون إلى الكنيسة وكان لوالدي خادمة أرمنية تعمل في المنزل وكانت في الكنيسة في أحد الأيام عندما كانوا يبحثون عن منازل لبعض هؤلاء الأطفال وكان المسؤول يسأل الجماعة التي ستأخذ هذا الطفل أو ذاك لماذا سيأخذ اليتيم، وقد أخذوهم جميعاً باستثناء طفلة واحدة، كانت لديها شعر موبوء بالقمل وإصابة في العين وكانت ترتدي قميصاً. كانت حوالي 4 سنوات من العمر، قالت الخادمة: “سنأخذها، سنأخذها! وقال المسؤول: “كيف يمكنك رعاية هذه الفتاة؟” وركضت إلى البيت إلى والدي وقالت: “هنالك هذه الطفلة وهي وحدها ولا أحد يريدها”. لذلك ذهب والدي إلى المسؤول وكانت والدتي تتوقع أول طفل لها في ذلك الوقت ورأيا هذه الطفلة وقالا على الفور: “بالطبع سنأخذها!” وأخذوها للمنزل ونظفوها وعالجوها وأصبحت أختي الكبرى روزا.

بعد فترة وجيزة ولدت والدتي أول طفل لها والذي كان صبياً وعندما ولد كنت صغيرة.

وكان والدي كلاهما يتيمين وكانا دائماً يريدان أن يكون لهما عائلة ورعاية (انظر والدتها في الصورة مع الأيتام)،قام والدي بتنظيم وتنفيذ عملية إجلاء حوالي 8000 يتيم أرمني من تركيا إلى سوريا ولبنان. مشى هؤلاء الأطفال مئات بمئات، كل طفل يحمل البطانية الخاصة به وكان لديهم الطعام الجاف وكان عليهم أن يجتازوا العديد من نقاط التفتيش وحاول الأكراد منعهم في بعض الأحيان قائلين: “يمكننا استخدام أحد هؤلاء الأيتام”، لكن يعقوب قال: “ليسوا لي، أنا فقط أنقلهم وهنا اللائحة” وكان اسم كل طفل على القائمة وواصلوا الرحلة.

كل يوم،والدتي كانت تسافر أمام المجموعة وتطهى ما يكفي من الخبز في الملجأ ليكون لديهم شيئاً يومياً لتناوله في العشاء. في الصباح كان لديهم كوب من الحليب والخبز وبعض الفاكهة المجففة وكانوا يواصلون الرحلة. كانت والدتي تسرع قدماً وتفعل الشيء نفسه كل يوم حتى وصلوا إلى الحدود اللبنانية وعثروا على دير قديم في منطقة غزير واستخدموه كدار للأيتام، كان فوق البحر الأبيض المتوسط.

كان والدي يهتمان برعاية جميع الأيتام وإن كان هناك طفل لم يكن جيداً، يتم جلب الطفل إلى عائلتنا- في منزلنا وكانوا يعيشون معنا قليلاً وبعد ذلك عندما يعودون إلى دار الأيتام- الذي كان حقاً مدرسة، يتعلمون القراءة والكتابة وعندما نشأ هؤلاء الأطفال، صدرت تعليمات لهم بتدريس بعضهم البعض. عرفت والدتي أنهم لا يستطيعون البقاء في دار الأيتام إلى الأبد، حتى أنها علّمتهم الأبجدية، التدبير المنزلي، الخياطة، الطبخ، صناعة الأحذية والسجاد الغزل. وكان الأطفال جميعاً أذكياء وتعلم الكثيرون نوعاً من التجارة في منازلهم قبل الحرب وفي يوم من الأيام قالت والدتي إن هؤلاء الأطفال لديهم موهبة لصنع السجاد. دعونا نفتح مصنعاً للسجاد وهكذا أسس جاكوب كوينزلر مصنعاً للسجاد في لبنان بدار الأيتام. في 22 مارس 2014 إليبيت فرشت السجاد في غرفة المعيشة وقالت إليبيت: “هذه السجادة مصنوعة من قبل جميع الأيتام الأرمن الذين عملوا لوالدي في لبنان” وقالت بولي: “عندما كنا أطفالا، كنا نجلس على السجادة وننظر في جميع الحيوانات ونلعب على البساط”.

في 19 مايو 2014 كان من المقرر أن نرى عضو الكونغرس آدم شيف في واشنطن العاصمة ولسوء الحظ لم يكن في مكتبه. التقيت تيموثي بيرغرين- رئيس مكتبه وعرضت عليه الدي في دي الذي سجلنا عن سجادة إليبيت وكتاب جاكوب كونزلر “في أرض الدم والدموع” وتركت صورة إليب تيموثي وكتبت: “يرجى إعطاء هذه البنود لعضو الكونغرس آدم شيف ونأمل أن نرى رسمياً سجادة اليتامى ألأرمن هنا وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، عرضت السجادة الأرمنية في مركز زيارة البيت الأبيض.قامت منظمة الإغاثة الأميريكية في الشرق الأدنى بتمويل دار الأيتام والذي صار في المتناول بعدما الألمان والفرنسيين والدانمركيين، الذين كانوا يقدمون المال لتشغيل هذه البرامج، أوقفوا التمويل المالي، لذلك جاءت أميريكا إلى الشرق الأوسط للإغاثة في وحفظ كل شيء .

كما رتب والدي حفلات الزفاف الأرمنية. الناس في أميريكا أو بلدان أخرى كانوا يكتبون: “نحن بحاجة إلى فتاة لطيفة لابننا. هل لديكم أحد؟ وكانوا يقولون: “نعم لدينا عدة” وكانوا يجاوبون: من فضلكم “اختاروا فتاة لصبينا”و أمي كانت تقول: “لا يمكننا أن نرسل فتاة لكم. يجب أن يكونا متزوجين أولاً قبل أن يتمكنا من الذهاب معكم”. ولكن في كثير من الأحيان الصبي كان لا يمكنه أن يأتي وكانوا يرسلون صورة فوتوغرافية. كما تعلمون في حفلات الزفاف الأرمنية يمكنك ربط رؤساء الزوجين معاً. إنه لأمر رائع مشاهدة ذلك وكان والداي سعداء جداً عندما كانت تأتي رسالة بعد عشر سنوات أو نحو ذلك، والتي كانت موجهة إلى “بابا كونزلر، بيروت، لبنان”. وكان مدير بوستماستر يعرف من كان أبي وكان يحصل على رسائل الشكر لإرسال هذه الفتاة الرائعة أو تلك لأسرهم حيث أمست زوجة رائعة وحدث ذلك عدة مرات وذهبت بعض الفتيات إلى أميريكا الجنوبية كما ذهبن البعض الأخر إلى الولايات المتحدة وكان هنالك أيضاً أطفال اعتمدهم الأوروبيون في ألمانيا وفرنسا.

هناك صورة لأبي، في بيروت، مع الأولاد الأيتام. إنها صورتي المفضلة إنها في كتاب العمة إيدا “بابا كونزلر والأرمن”، كان يحب الأطفال وكانوا يتسلقون دائماً في كل مكان. الأطفال أحبوه أيضاً وكان دائماً هناك لرعايتهم. لعبوا معه لأنه كان يقول:”كنت يتيماً عندما كنت في السابعة” وكان يحب الأطفال.

إليبيت كانزلر مارشال امرأة مذهلة، أحببت السباحة والذهاب إلى الشاطئ، أحببت الورود وكنت أحضر لها كل شهر. أعددت الحمص لها وكانت تعرض لي الشاي للشرب معها، احتفلنا بعيد ميلادها ال95. جلبنا كعكة الميلاد لها وفاجئناها بالهدايا جلسنا واستمعنا إلى قصصها- عن مهمة والدها – أشياء لم نكن نعيشها أبداً في حياتنا. كما قرأت مقالتي الأولى أمام أعضاء الحكومة في الكابيتول، ولاية كاليفورنيا. قانون التوعية من الإبادة الجماعية ذات الرقم 234 شُرّع من قبل السيناتور وايلاند. عندما توفي يعقوب كونزلر في 15 يناير 1949 في غزير، لبنان، أصبح يعرف باسم أب الأيتام الأرمن. كان رجلاً رائعاً يعطي للآخرين ولا يتوقع شيئاً في المقابل. بينما كان في تركيا عاش مع الأرمن لمدة 20 عاماً وشهد كيف تعذّب الأرمن بين 1895-1923. فقد تعرض الرجال والنساء والأطفال لمعاناة لا توصف وتمّ ترحيلهم من منازلهم وذبحهم واسترقاقهم وغير ذلك دون النظر إلى الذنب وكان من بينهم أجدادي. خاطر الدكتور كونزلر بحياته وأسرته لإنقاذ الآلاف من الجرحى والمرضى وأعطى الحب للآلاف من الناس الذين عانوا بشكل لا يوصف. لقد قدّم عمل الله ولم يحاول تحويل الناس، تركهم كما هم في هويتهم. لن أنسى أبداً المعجزات اللا مثيل لها والأعمال الجيدة المباركة، كان واحداً من مليون. نحن جميعاً بحاجة إلى أن نتذكر هذا الرجل المدهش وعائلته وكل ما أنجز بإنقاذ 8000 حياة.

في 17 أبريل، 2017 وجّهت ابنة إليبيت بولي دعوة لي: اسمحوا لي أن أعرف إليبيت حيث وافتها المنية في اليوم السابق من 16 أبريل 2017 بعيد فصح الأحد.

scroll to top